لا يمكن للمشاهد التونسي أن يبقى صامتا وألا يقوم بأي تعليق حول ما قدّم له مساء الاربعاء 27 ديسمبر 2017 في البرنامج الأسبوعي كلام الناس الذي يبث على قناة الحوار التونسي والذي يقدمه المنشط والاعلامي والرئيس المدير العام للتلفزة بالأمس القريب إلياس الغربي. نتوقف عند دخول " الفنانة الاستعراضية " نجلاء التونسية بيوت التونسيين كاسية عارية. وبصراحة فنحن لا نلومها على مثل هذا الظهور فهي حرّة تتصرف كيفما شاءت وهي كما يقول المثل الفرنسي: " majeure et vaccinée " ولكن حيرتنا من الرباعي الإعلامي الذي كان يدير البرنامج، وسنتوجه أوّلا للسيدة مايا القصوري بالقول بأننا نوافقها تماما ونساندها بلا قيد ولا شرط في أننا لا نريد للمرأة أن تخرج من بيتها إلا مرتين في حياتها مرة إلى بيت زوجها ومرة إلى القبر وأننا نرفض أن تظل طوال حياتها قابعة في البيت خادمة ومربية في النهار وحبيبة في الليل -على حد تعبير الأديب أحمد أمين- لا سبيل لها للخروج إلا وهي منقبة أو محجبة لأنها فقط الفتنة والجسد ولا اعتبار لها كذات لها الحكمة والسؤدد في الرأي كما للرجل أو أكثر، غير أننا لا نقبل يا سيدتي أن يتحول جسد المرأة إلى بضاعة رخيصة تصدر منه الحركات والإشارات والغمزات واللمزات ولسان حاله يقول حيّ على المتعة حيّ على الشهوة وهو ما شاهدناه طوال السهرة مع نجلاء التونسية الاربعاء الفارط. أمّا الاعلامي لطفي العماري الذي طغى عليه الخجل عند ظهور نجلاء التونسية وبدا وكأنه تلميذ بريء في مقعده داخل قاعة الدرس لا ينبس ببنت شفة فقد فاجأنا بصورة جريئة مع هذه الفنانة الاستعراضية نشرتها قناة الحوار التونسي مع باقة أخرى من الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي و هي على ما هي عليه من . . . و من . . . و أمّا الاعلامي شكيب درويش فقد لزم الصمت و لو أنه كان يبعث مرّة بابتسامة و مرّة بضحكة و عيناه ترصدان ما "تطربنا" به نجلاء التونسية من حركات تملأ فضاء الأستوديو، و لعلّ درويش قد وجد في رضاء القصوري و العماري عمّا تقدّمه " الفنانة" هوى في نفسه حتى لا يطير خارج سرب ما يجري اليوم في الساحة السياسية من خطاب مزدوج. و في غياب مطلق لصولات و جولات القصوري والعماري و درويش حول المرأة و مكانتها في المجتمع و دورها في التصدي للذين يريدون العودة بها إلى عالم الكهوف والتراجع عمّا حققته من مكاسب، نجد السيد إلياس الغربي الرئيس المدير العام للتلفزة قبل أشهر وما أدراك في منتهى الفرحة و النشوة يهلل و يكبر ترحيبا بالسيدة نجلاء و هي في كريزمة كوكب الشرق أم كلثوم تنعم الجمهور و المشاهدين بالألحان العذاب والكلمات التي تشنف الآذان وتجمع بين الرقة والجمال مذكرة إيانا بالسمباطي وعبد الوهاب... نعتقد جازمين بأنه يوجد اجماع بين جميع التونسيين مفاده أن المكسب الوحيد الذي تحقق لهم بعد 14 جانفي 2011 هو حرية الإعلام ولكن بدا اليوم واضحا ودون أي شك أن العديد من الناس قد حوّلوا هذه الحرية الى تصرف غير مسؤول في جميع المجالات فعمّت الفوضى و تدنى المستوى الأخلاقي – و نشدد على ذلك خاصة- في النقاشات و الحوارات و الأدهى و الأمر أن مستوى الحضيض الذي بلغناه يصدر عن أناس هم من علية القوم. فإذا كان المرء يضيع بوصلته التي يدّعيها في سائر الأيام من أجل الكاشي فلا خير في هذه البوصلة التي تخدعنا ظواهرها عن بواطنها.