ما هو هذا المستحيل في صفاقس؟ اذا اردت ان تعرفه وتتأكد من وجوده فابحث عنه اركب سيارتك في الساعة العاشرة صباحا او بعدها بقليل طف بسيارتك في كل شارع من شوارع (باب البحر) طف بهذه الشوارع بطولها وعرضها وعلي كامل امتدادها. ابحث عن فضاء يتسع لسيارتك تركن فيه سيارتك. ابحث وابحث وابحث.. وامض ساعة في البحث فسوف تعثر على المستحيل في صفاقس هذا المستحيل الذي عرفتموه هو (مكان تركن فيه سيارتك بأي شارع من شوارع باب البحر في صفاقس) لقد امتدت السيارات وتوقفت على اليمين وعلي اليسار في كل شارع. وبين هذه الصفوف الواقفة على اليمين واليسار طوابير من السيارات تبحث عن مركن للسيارة.. والباحث لا يجد امامه الا المستحيل. لقد اختنقت صفاقس بالسيارات في باب البحر وفي حيّي باب الجبلي.. وهذا المستحيل الذي اراه في صفاقس رأيت مثله في باب البحر بالعاصمة ورأيت مثله في جندوبة. وهذا المستحيل اسبابه ومسبباته السياسة الخرقاء التي اتبعت في عهد بن علي وتواصلت. لقد فتحت هذه السياسة العمياء او سياسة العصابات الابواب لاستيراد السيارات العائلية ويسّرت بالقروض اقتناءها فأقبل عليها المواطنون والمواطنات في آلاف من العائلات. فصرت ترى العائلة الواحدة تملك اربع سيارات واكثر. لو كانت السلطة التي تتولي امورنا وبيدها مفاتيح طرق حياتنا ونظامها لخططت تخطيطا علميا بعيد النظر نزيها طيب الاهداف لكانت اعدت خطة وطنية للنقل العمومي، فيه من الحافلات ما يكفي ويغني اي مواطن عن ركوب سيارة خاصة، يحترم المواطن في مواعيده وفي راحته،ويوصله باليسر والسرعة الى هدفه.. وفي فرنسا خطة واحسن مثال. لو كانت هذه السلطة تملك بعد نظر وصفاء بصر وبصيرة لما اختنقت شوارع مدننا بسيارات لا تجد فضاء تركن فيه. ولما دفعنا من عرق الشعب المليارات بالعملة الصعبة لمصانع السيارات في اوروبا، ولما وقعنا في هذا المستحيل الذي كاد يكون القضاء عليه من المستحيل. ما قولكم؟ اسأل وأحب ان افهم