وزير السياحة: 80 رحلة بحرية أي قرابة 220 ألف سائح اختاروا الوجهة التونسية    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    الرابطة 2.. النتائج الكاملة لمباريات الجولة 20 والترتيب    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    بعد انفصال لعامين.. معتصم النهار يكشف سبب عودته لزوجته    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بطولة المانيا: ليفركوزن يحافظ على سجله خاليا من الهزائم    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    كاردوزو يكشف عن حظوظ الترجي أمام ماميلودي صانداونز    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لم أحرق؟! (21)
نشر في الصريح يوم 03 - 05 - 2011

ما إن خرجت الى الشارع حتى توقفت سيارة أجرة أنيقة ونظيفة..
فتحت الباب وصعدت من الخلف وأعطيت العنوان المكتوب فوق ورقة صغيرة فانطلق دون أن يكلّمني.. ولكن ما إن قطع بضع أمتار حتى ضرب على الفرامل وتوقف بغتة.. لقد نظر إليّ من خلال المرآة العاكسة فأصيب بما يشبه «الفجعة» وأخذ يهذي وأنا أتابع ما يجري وغير مصدّق..
التفت إليّ ليسألني:
هل أنت روبرتو مارتيني.. أم أنا لم أعد أميّز بين الناس والوجوه.. صدقني أنا سأجنّ..
طمأنته عندما قلت له أنني تونسي وبالتالي لا يمكن أن أكون روبرتو مارتيني وإنما كل ما في الحكاية أنني أشبهه الى حد التطابق..
أخرج من جيبه علبة السڤائر وأشعل سيڤارة وتنفس.. وهدأ.. واطمأن.. ثم أخذ يضحك بعد أن أعاد تشغيل محرك السيارة ومضى في طريقه..
وعاد ينظر اليّ من خلال المرآة العاكسة ثم قال لي:
هل تعرف أنني اشتغلت لفترة عند ألبرتو مارتيني وعرفته شخصيا وعاشرته ولا أخفيك أنني أحببته.. وكنت من المعجبين به..
كنت أنا سائقه الخاص.. وكان يعطف عليّ ويعطيني دون حساب فأمواله كثيرة..
وسألته: ولكن لماذا تركت العمل معه وصرت سائق سيارة أجرة..؟
تنهّد وقال بعد أن أشعل سيڤارة أخرى:
حكايتي معه حكاية طويلة. لقد تعرضت لمحاولة قتل بسببه.. ولكن شاء الحظ أن نجونا معا بعد أن طاردتنا الشرطة لمسافة طويلة إثر قيامه هو وعصابته بعملية سطو على أكبر بنك في باليرمو..
كان الرصاص ينهمر علينا كالمطر.. وكانت السيارة تجري كالصاروخ.. والغريب في الأمر أنه كان طوال عملية المطاردة يدخن بهدوء.. ويبتسم.. وكان صوت الرصاص بالنسبة اليه كأنه صوت موسيقى.. بينما كنت أنا وراء مقود السيارة وكأنني وراء مقود عربة الموتى الذين لا ينتظرون إلا الموت..
لقد متّ في ذلك اليوم مليون مرة..
وظلّ يحكي دون توقف.. ثم انفعل قليلا.. وصار صوته أقوى وعندما سمعت بقية الحكاية فهمت لماذا انفعل واشتدّ به الغضب..
قال لي: لقد هربت به وحميته من الموت وأنقذته من الهلاك المحقق.. فهل تعرف ماذا كان جزائي؟
سأروي لك بالتفصيل.. فهل تريد أن تسمع أم أنك تريدني أن أغلق فمي..
فأجبته بسرعة وشوق:
بالعكس أريد أن أسمع بقية التفاصيل:
قال وقد احمرّ وجهه.. وبدت عليه علامات الغضب مرّة أخرى.. وكان يحاول أن يخفي دموعه..
لقد اتجهت به الى بيتي لأحميه وما إن دخلنا البيت حتى أخذ يتصرف وكأنه في بيته..
رحبت بنا زوجتي وكانت فتاة صغيرة حلوة وأعترف أنها طائشة ومازالت مراهقة..
جاءته بالقهوة.. ولكنه رفضها وقال لها أريد مشروبا قويا يعيد إليّ حيويتي.. وقدمت له ما طلب.. فشرب وشرب.. ثم طلب منها أن تساعده على نزع ملابسه واتجه الى الحمام ليغتسل..
بقيت أنا وزوجتي في قاعة الجلوس أحكي لها تفاصيل ما حدث فازدادت اعجابا بالبطل روبرتو مارتيني..
قالت لي: هذا رجل ليس مثل بقية الرجال..
تجاهلت ما قالت ورحت أداعبها قليلا.. وإذا بروبرتو يخرج من الحمام كما ولدته أمه ويتجه صوبنا ويطلب من زوجتي أن تأتيه بالمزيد من الشراب.. وجاءته بما طلب وهي تضحك.. وتتمايل.. واذا به يجذبها نحوه ويجلسها في حجره ويلعب بشعرها ثم يقبلها وهي لا تمانع.. بل على العكس شجعته..
عندما رأيت ما كان يجري أمامي ذهلت.. ولم أصدّق.. ولما حاولت أن أفكّها منه جذب معطفه وأخرج منه رشاشا وصوبه نحوي وأمرني بالخروج فورا قبل أن يطلق عليّ النار.. وهو قادر على ذلك.. فلقد رأيته كيف يقتل دون أن ترتعش له يد أو تدمع له عين..
ومنذ ذلك اليوم تركت العمل معه وهجرت زوجتي.. واقتنعت بأن روبرتو مارتيني أكبر مجرم وأكبر نذل وأكبر ساقط في إيطاليا.. بل ربما في العالم..
لقد خدمته بصدق وحميته من الموت.. ولكن هو عاملني وكأنني كلب.. ولم يحترم آدميتي.. ولم يقدر ما قدمت له من خدمات..
ومرّة أخرى امتدت يده نحو علبة السڤائر وأخرج سيڤارة وراح يدخّن وكأنه ينتقم من نفسه ولما سألته: ولماذا لم تنتقم منه؟
ضحك.. بل قهقه طويلا:
أنا أنتقم من روبرتو مارتيني؟.. ومن أنا حتى أستطيع أن أمسّ شعرة من رأسه.. إذا كانت شرطة ايطاليا بطمّ طميمها وبما لها من امكانيات ودهاء وخبرة عجزت عن الإيقاع به وإدخاله السجن.. تريد مني أنا الإنسان الضعيف أن أنتقم منه؟
إنه مجرم من أشرس وأفظع المجرمين.. والقتل عنده صنعة وهواية وعمل سهل وله قدرة على وضع الخطط وتنفيذها بصورة لا أستطيع أن أفهمها..
آه لو تتاح لي الفرصة لكي انتقم منه ولذلك عندما رأيتك ظننتك هو فتصوّرت أن الحظّ حالفني وأن الفرصة حانت للانتقام..
هل تعرف ماذا كنت أنوي فعله..؟
لقد كنت أخطط أن أصطدم بالسيارة بالكورنيش فتحترق وتطير أشلائي في الفضاء لكي تنزل بعد ذلك في البحر..
آه.. لو كنت أنت بالفعل روبرتو مارتيني.. لثأرت لشرفي وكرامتي.. ودمّرتك مثلما دمرتني..
ولكن من أدراني أن لا تكون أنت الكلب روبرتو بعينه..؟
كيف سأصدّق أنك لست هو الذي يجب أن أتخلّص منه..؟
وعندما سمعته يتكلم بهذه الطريقة واستولى عليه الغضب أكثر وانتابته نوبة من الجنون شعرت حقيقة بالخوف.. وطلبت منه أن يتوقف فورا.. فلم أعد أرغب في المواصلة والبقاء معه في التاكسي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.