"في مثل هذا اليوم من سنة 2008 انتقل إلى عفو ربه صديقنا مصطفى الفارسي الأديب والمسرحي والمترجم والإداري تاركا وراءه إرثا من النصوص الإبداعية التي جمع بعضها صفيّه التيجاني زليلة، عرفت سيدي مصطفى كما كنا نناديه بعد تغيير السابع من نوفمبر، وممّا أذكر أنه بعد توسيمه من طرف الرئيس السابق زين العابدين بن علي نظم حفلا في بيته احتفاء بالمناسبة وفي تلك الفترة كان القدح في الزعيم بورقيبة على أشدّه من طرف الانتهازيين الذين يلحسون من مختلف الموائد ممن قدّموا أنفسهم دعاة للتغيير مثلما هو حال ثورجيي هذا الزمن البائس، قلت نظم الفقيد حفلا ولأنه حريص على المحافظة على كل صداقاته لطيبة فيه وحسن معشر وحتى لا يحدث أي احتكاك بين الطرفين خصّص الطابق الأول لقيادات ما قبل السابع من نوفمبر أما الطابق الأرضي فجمع فيه الوافدين الجدد ومن بينهم كاتب هذه السطور، وكان المرحوم وزوجته الفاضلة يتنقلان بين المدعويين تارة يصعدون وأخرى ينزلون، ولأنني فضولي صعدت إلى الأعلى لأرى نخبة النخبة من شعراء ومسرحيين وساسة من بينهم أحمد اللغماني وجعفر ماجد وفرج الشاذلي رحمهم الله ونور الدين صمود حفظه الله وأمدّ في أنفاسه وغيرهم، رحم الله سيدي مصطفى الذي أفتقده في هذا الزمن الأغبر زمن يرحل فيه الأخيار واحدا بعد الآخر. في الصورة التي أخذت سنة 1994 في معرض الكتاب يبدو الفقيد وهو يتحدث إلى رابح الدخيلي والي بنزرت أيام قدوم عرفات إلى تونس وعلى يمين هذا الأخير المنجي بوسنينة وزير الثقافة الأسبق بصدد مصافحتي"