محمد على النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية لدى مناقشة مهمة وزارة الشؤون الخارجية    وفاة سائق قطار الفسفاط وإصابة زميله.. توضيحات الشركة التونسية للسكك الحديدية    خالد السهيلي: "الطائرات المسيرة تشكل تحديا متصاعدا على "المستوى الوطني والعالمي    عاجل: امكانية وقوع أزمة في القهوة في تونس..هذه الأسباب    عاجل/ قتلى في سقوط طائرة شحن عسكرية بهذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..    بعدما خدعت 128 ألف شخص.. القضاء يقرر عقوبة "ملكة الكريبتو"    مجموعة السبع تبحث في كندا ملفات عدة أبرزها "اتفاق غزة"    سلوفاكيا.. سخرية من قانون يحدد سرعة المشاة على الأرصفة    تصرف صادم لفتاة في المتحف المصري الكبير... ووزارة الآثار تتحرك!    فريق تونسي آخر يحتج رسميًا على التحكيم ويطالب بفتح تحقيق عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس الاربعاء كيفاش باش يكون؟    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    كريستيانو رونالدو: أنا سعودي...    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    أزمة جديدة تهزّ المشهد الثقافي ... اتحاد الناشرين التونسيين يقاطع معرض الكتاب    هيئة السجون والإصلاح تنفي "مجددا" تدهور الحالة الصحية لبعض المضربين عن الطعام    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    وزير الدفاع الوطني: الوضع الأمني مستقر نسبياً مع تحسن ملموس في ظل واقع جيوسياسي معقد    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    3 آلاف قضية    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    عاجل/ عدد التذاكر المخصصة لمباراة تونس وموريتانيا..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    وزير الداخلية: حجز أكثر من 4 كلغ من الكوكايين و"حرب شاملة" ضد شبكات التهريب    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أنس الشابي ل«التونسية»:لاءات «الجبهة» فرضت دخول «النهضة» للحكومة
نشر في التونسية يوم 13 - 02 - 2015


قبول «النداء» ب«النهضة» محظور أباحته الضّرورة
أحداث «الذهيبة» بفعل فاعل
شق في «الجبهة» خارج التاريخ والجغرافيا
«آفاق تونس» حزب طارئ مهمّته فكّ الحصار عن «النهضة»
حوار: أسماء وهاجر
هل خذل حزب «نداء تونس» ناخبيه بعد أن شرّك «النهضة» في السلطة أم أنّ ذلك كان ضرورة حتمية وعملية حسابية لضمان منح الثقة للحكومة؟ وهل أنّ الحكومة الحالية قادرة على الخروج بتونس من البوتقة التي تتخبط فيها منذ الثورة وتوقف النزيف الاقتصادي وتنقذ المواطن من غول الأسعار؟ عن هذه التساؤلات وغيرها أجاب أنس الشابي - أستاذ جامعي وباحث في تاريخ الحركات الإسلامية وله العديد من المؤلفات منها «المسألة الدينية في تونس بعد انتخابات 23اكتوبر» -في حوار خص به «التونسية» وانتقد فيه موقف «الجبهة» وخيارها البقاء في المعارضة وخارج السرب –اي الحكومة –لأنه في تقديراته هناك جزء منها يتصرف خارج التاريخ وبعيدا عن الواقع المعيش إلى جانب إبداء رأيه في ملف الاغتيالات وموقفه من حزب «آفاق» الذي اعتبره حزبا طارئا على الساحة السياسية وشبيها بأحزاب الفطر التي نبتت بعد احداث 14جانفي على حدّ تعبيره كاشفا عن نظرته لأحداث الذهيبة وغيرها من المستجدات في الساحة الوطنية.
البعض يعتبر أنّ أزمة تونس في مثقفيها وأنّهم إمّا تابعين للبلاط أو مبيّضين لأحزابهم أو واقفين على الربوة ومجرد سفسطائيين مختبئين تحت لافتة «المستقلّين».. ما رأيكم في ذلك ؟
صحيح أن أزمة تونس هي في جانب منها في مثقفيها وأقصد هنا حملة الأقلام والأفكار من غير تقنيي المعرفة، قسم لا بأس به منهم امتهنوا الكتابة نظير أجر معلوم، فتجدهم على استعداد كامل لتبرير أي شيء، يميلون حيثما مالت مصالحهم. هؤلاء هم الذين يمثلون الأزمة في أجلى مظاهرها أما من بقي وفيا لتعهداته ولم ينقلب على ذاته فلا نملك تجاهه سوى الاحترام. في عهد بورقيبة كان سيدي أحمد اللغماني شاعر الزعيم ولكنه بعد السابع من نوفمبر أصرّ على وفائه لممدوحه ولم ينقلب عليه كما فعل بعض أصدقائنا رحمهم الله رغم أنه عانى من الظلم والقهر والتضييق الذي سُلِّط عليه. هذا المثقف قد نختلف معه في القليل أو في الكثير ولكنه يبقى مثالا للمثقف الصلب والثابت والصادق والوفيّ نتعلم منه هذه القيم والمعاني أمدّ الله في أنفاسه وشفاه. غير أن هناك صنفا آخرانقلب على مواقفه وكأنهم نسوا تاريخهم وكأن شيئا لم يكن، فمِن المدح المبتذل إلى الشتم المقذع، أحدهم كان وزيرا لدى بن علي الذي أكرمه غاية الإكرام بتعيينه بعد التوزير سفيرا ومندوبا لتونس في المؤسّسات الدولية لم يتورّع عن أن ينقلب إلى ثورجي في هذه الأيام الغبراء وقد نشر في ذلك كتابا لن ينال منه سوى الخزي والعار عاجلا وآجلا، وتوصيفي هذا لا يعني أن الإنسان لا يتطوّر ويتغير من موقع إلى غيره ومن فكرة إلى أخرى ولكني أرى أن أي تغيير في المواقف السياسية والفكرية يجب أن يكون مسبوقا بنقد ذاتي يُسلم إلى الرأي الجديد. الذي حدث لدينا أنه إثر استحواذ حزب حركة «النهضة» على السلطة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 سارع الانتهازيون إلى مونبليزير للمدح والتملّق والذي نخلص إليه أن أزمة تونس تكمن في صنف من الناس سُمُّوا غلطا مثقفين وما هم كذلك لأنهم يقدّمون أسوأ صورة للمثقف وهم في حقيقتهم أجراء لتبرير مواقف الآخرين وانظروا حولكم ستجدونهم حيثما التفتم.
كيف تقرؤون الاسماء الواردة في حكومة الصيد؟ هل من الممكن بعد ان تجاوز ما يسمى بالعقبة الايديولوجية ان تتحقق العدالة الاجتماعية والمعجزة الاقتصادية؟
حكومة الصيد لم تتجاوز أيّة عقبة إيديولوجية لأنها جاءت في تشكيلتها الحالية نتيجة لعملية عدّ حسابي للأصوات لا غير. فالعقبة الفكرية والمعرفية التي ألخصها في التهديد الجدّي للنمط المجتمعي ولمكتسبات الاستقلال ما زالت موجودة والاختلاف حول أيّهما مقدّم الانتماء إلى الوطن أو الأمة لم يُحسم لدى بعض أعضاء الحكومة وتقسيم المواطنين على أساس العقيدة ما زال حاضرا في الرؤية الفكرية التي تمثل عقيدة جزء من الحكومة، قد تكون هذه الحكومة قادرة على حل بعض المشاكل الاقتصادية ولكنني متيقّن بأنها بما هي عليه لن يكون بمستطاعها معالجة كبرى الملفات الحارقة كالإرهاب والتهريب والاغتيالات والإدارات الموازية وغيرها.
هل كتب الباجي نهاية مشروع «النداء» بتحالفه مع «النهضة»؟ الا يمكن ان يشكل ذلك نقطة تحوُّل جديدة في التعامل مع الاسلام السياسي؟
في تقديري إنّ ما وقع بالنسبة للحكومة ليس تحالفا بين «النداء» وحزب حركة «النهضة» بل هو التقاء حتّمته ضرورة حسابية عند عدّ الأصوات ولا أعتبر ما حدث تغيُّرا في موقف الحزب. فأنا مثلا ضدّ أي تعامل مع حزب «النهضة» ولكني أتفهم الموقف الصعب الذي وجد فيه «النداء» نفسه عند تشكيله أوّل حكومة إذ لم يكن أمامه سوى العمل بالقاعدة الفقهية التي تنصّ على أن الضرورات تبيح المحظورات. أمّا القول بأن ما حدث يمكن أن يشكل نقطة تحوّل في التعامل مع الإسلام السياسي فلا دليل عليه لأن الإسلام السياسي عقيدة منغلقة على مفاهيمها منذ عشرينات القرن الماضي تقوم أساسا على نفي الآخر وكلما تقدم بها الزمن إلّا وازدادت انغلاقا وبُعدا عن القيم الإنسانية. ففي الوقت الذي يتنادى فيه الناس إلى احترام الذات البشرية تجدهم يتنادون بضرورة قطع الأيدي والأرجل والرجم وغير ذلك، وما يلاحظ اليوم من تغيّر في خطاب «النهضة» ليس إلاّ ذرّا للرماد على العيون.
يكفي أن أذكِّر بقول للغنوشي في مقال له جاء فيه أن شعار حقوق الإنسان أنسب للتغيير من تطبيق الشريعة وأن الديمقراطية ليست أسلوبا للوصول إلى الحكم الإسلامي بل لإنضاج أسبابه، فهم يظهرون غير ما يخفون وغير ما يبطنون وحقيقتهم موجودة في كتابات زعيمهم.
صرح محامي الباجي قائد السبسي بأنّه «مرهون لدى البطانة التي تحيط به في القصر» هل سنشهد سيناريو بورقيبة وسعيدة ساسي من جديد ؟
ما تفضل به السيد المحامي عن البطانة لا يصحّ إلا عند البقاء مدّة في الحكم فتتكوّن بذلك الحاشية والمصالح وغيرهما وفي حالتنا سي الباجي جاء من الشارع ولم تنقطع صلته به بعد، إذ لم يمض على وجوده في القصر سوى أيام معدودات لذا مثل هذا الكلام فيه تجاوز في حق الرجل ومعاونيه.
«النهضة» بوجودها داخل الحكومة انقذت نفسها من المصير القديم – حسب بعض التصريحات- أي من أن تكون الضحية رقم 1من اجتماع الدساترة واليسار؟
ضحيتان في هذا السؤال الأولى منهما شعبنا الذي اكتوى بنار هذا التنظيم الذي فعل الأفاعيل في الوطن فهو أوّل تنظيم يُدخل العنف إلى الجامعة وفي الحياة السياسية وهو أوّل تنظيم يحتجز عميدا وهو أوّل تنظيم يخترق الجيش ويحاول القيام بانقلاب عسكري وهو أوّل تنظيم يرشّ مواطنيه بماء الفرق وهو أوّل تنظيم يستهدف قوت مواطنيه بتفجير النزل السياحية أمّا الضحية الثانية فهم الدستوريون الذين نالهم من إرهاب حزب حركة «النهضة» الشيء الكثير كإحراق حارسيْ لجنة التنسيق الحزبي بباب سويقه وغيره من الاعتداءات، هذه الجرائم التي اعترف حزب «النهضة» بها اليوم هي التي نال بسببها منتسبوه عقوبات ليحصلوا بعدها على تعويضات أفلست خزينة الدولة، ليس هناك اجتماع للدساترة واليسار لا قبل ولا الآن لأننا لو أردنا تحديد مضمون كل مصطلح لما تمكنا من ذلك. فحامد القروي الدستوري حليف حزب الحركة وجلبار نقاش حليفهم هذه الأيام ولكنه من أقطاب اليسار، الحاصل أنّ ما حدث ليس إلا تجمّعا للخيرة من أبناء تونس بصرف النظر عن لافتاتهم السياسية ممّن وحّدتهم هجمة «الدّواعش» على الدولة والمجتمع وتهديدهم مكتسبات الاستقلال التي نهضنا جميعنا للحفاظ عليها وتطويرها نحو الأفضل والأكثر ارتباطا بقيم العصر.
البعض يتحدث عن دهاء سياسي للنهضويين وأنّهم خروجوا من الحكومة ولم يخرجوا من الحكم وان مفاتيح الحكم اليوم بين يديْ «النهضة»؟
أعتقد أن مردّ دهاء «النهضة» غفلة الطرف المقابل الذي يتعامل معها استنادا إلى خطابها الملفوظ فقط دون أن تكون له معرفة بأصول التفكير لديها ومنهجها وارتباطاتها. أمّا القول بأنها موجودة في الحكم فهو قول صحيح إذا وضعنا في الاعتبار الانتدابات العشوائية لمنتسبيها وتعيينهم في مواقع المسؤولية.
هل كانت «الجبهة» محقّة في اختيارها البقاء في صف المعارضة ؟ام وقعت في خطإ تاريخي جسيم ؟هل كانت في مستوى اللحظة أم خذلت ناخبيها ومن والاها ؟
«الجبهة» أو لنقل قسم منها يتصرّف خارج التاريخ وحذو الجغرافيا قريبا من ملكوت اللفظ وبعيدا عن الواقع المعيش، لدى هذا القسم خلل في ترتيب الأولويات فتجد عنده حسابات سياسوية مفضوحة يقدّم الأدنى أهمية على ما هو أهمّ من ذلك أن الوطن اليوم مهدّد بالدواعش الذين لو تمكنوا من موطئ قدم فلن يُبقوا شجرة واقفة أو بشرا يتنفس أي أن المحافظة على النمط المجتمعي الذي حمى البلاد ممّا أراد له حزب «النهضة» في الثلاث سنوات الماضيةواجب مقدّم على غيره. في هذا الوقت بالذات يتحدث زعماء الجبهة عن «قفة الزوالي وخالتي مبروكة» وغيره من مبتذل القول عند العقلاء والحال أن انتصار الدواعش لن يترك لا القفة ولا صاحبها ولا مبروكة أحياء، ما نلحظه اليوم من خلل لدى هذا القسم من «الجبهة» متواتر منذ القدم يكفي أن أذكِّر بفضيحة 18 أكتوبر التي قدّم فيها الممضون على البيان خدمة لا تقدّر بثمن لحزب «النهضة» ويكفي أن أشير إلى أن مرشح الجبهة للانتخابات الرئاسية تحصّل على ثلث تزكياته من حزب الحركة، إن طبقنا قاعدة «ما جزاء الإحسان إلا الإحسان» يُمكننا القول بأن موقف «الجبهة» الرافض لكل شيء ليس إلا خدمة قُدِّمت ل«النهضة» بغرض إدخالها عنوة إلى الحكومة، هذا التمنّع من الجبهة أدّى في نهاية المطاف إلى الفشل في تكوين تحالف يقف سدًّا في وجه «النهضة» ويجرّها إلى المحاسبة قسرا.
وماذا عن حزب «آفاق»؟ في أيّة خانة تصنّف مواقفه قبل وبعد الانتخابات ؟
هذا الحزب طارئ على الحياة السياسية وهو شبيه بأحزاب الفطر التي نبتت بعد أحداث 14 جانفي لا نعرف له أدبيات ولا أسماء لها إضافات معتبرة في المجال العمومي، من خلال الورقات القليلة التي قرأتها له خصوصا لمّا اشترط مشاركة حزب «النهضة» في الحكومة. أستطيع القول بأنه لا يختلف عن أي فرع من فروع شركة متعددة الجنسيات حيث يكون مركزها في الدولة الأم وهناك يتم التخطيط أما الفروع فتنفذ والحال أن الأحزاب نبت اجتماعي يجب أن يكون منغرسا في تربة الوطن منه يستمد أمثاله ورموزه وشخوصه وأمانيه وآماله، فحزب «آفاق» مكلف بأداء مهمّة وحيدة هي فكّ الحصار عن حزب «النهضة».
تخوفات من عدم فتح ملف الاغتيالات هل يعكس هذا التخوف عدم ايمان التونسي بالمؤسسات الموجودة بالدستور؟ أليست المؤسسات في الانظمة الديمقراطية فوق الاحزاب ؟
التخوف من عدم فتح ملف الاغتيالات مشروع لأسباب عديدة من بينها:
1) عزل «النهضة» لحوالي 80 قاضيا وهي أكبر «مجزرة تاريخية» عرفها القضاء التونسي إثر انتخابات 23 أكتوبر استنادا إلى أسباب واهية من نوع أن هذا القاضي شوهد في مطعم والحقيقة أن هذا العزل حمل رسالة تهديد مبطن للسلك جميعه.
2) إنشاء الأمن الموازي وقد أصبح اليوم ظاهرا للعيان شخوصا ومهاما.
3) إفراغ المؤسسة الأمنية من كوادرها المشهود لها وحشوها بعديمي الكفاءة من المنتسبين للحركة.
كل ذلك أدى إلى التباطئ والتراخي في معالجة ملفات الاغتيال والذبح وأثار شكوك المواطنين في جدية الأبحاث والأكيد لدينا أنه لا عودة للثقة إلا بمعالجة ملفّيْ القضاء والأمن وردّ الاعتبار إلى هذين السلكين عندها يُصبح لكل حادث حديث.
لماذا تعتبر ان الملف الديني هو أعقد ملف وانه على الدولة معالجته برويّة هذه الأيام ؟
بطبيعة الحال لأن هذا الملف شهد في عهد الخادمي ومن جاء بعده تجاوزات حوّلت وزارة الشؤون الدينية إلى سوبر وزارة تتصرف في حوالي 5600 جامع بإطاراتها جميعهم مجنّدون لخدمة حزب «النهضة» تحت ستار الخطب والدروس وغيرهما والغريب أن القانون المنظّم لها الذي صدر في عهد «العريّض» استحدث هيئة يعيِّنها الوزير تشرف على كل ما يتعلق بالشأن الديني الذي أصبح من اختصاص الوزير وحده يتصرف فيه دون معقب، ويعلم الجميع أن المعارك التي جدّت في المساجد والخصومات بين السلفيين والنهضويين والتحريريين وغيرهم إنما سببها حزب «النهضة» الذي احتل المساجد عنوة ونصّب أيمّته في الأيام الأولى لأحداث 14 جانفي.
ما رايك في من يعتبر ان تونس تعاني من التصحر الديني وأن الكتاتيب أحد الحلول الناجعة لتربية النشئ تربية اسلامية وأنّها البديل المفيد لرياض الاطفال؟
من الخور أن يلتفت المرء إلى هذا الهراء المبتذل... فتونس التي أنجبت ابني عاشور ومحمد العزيز جعيط والطاهر الحداد وسالم بوحاجب وعثمان ابن الخوجة والصادق الشطي وأحمد عياد وعز الدين سلام وغيرهم لا يمكن أن تعاني من تصحّر دينيّ... وحده حزب «النهضة» يعاني تصحّرا معرفيا ودينيا وعقائديا لا نظير له، هذه الحركة تأسست قبل 40 سنة كاملة ولكننا لا نجد من بين أسمائها المشهورة في الإعلام سوى الذين فجروا النزل أو سرقوا الديناميت من المقاطع الحجرية... أمّا مسائل العلم والمعرفة فهي خلو منها قفراء، ثم هم يعلنون انتسابهم للإسلام، أما الكتاتيب والرياض القرآنية فكلمة حق أريد بها باطل لأن أطفالنا يتعلمون القرآن وفق الوسائل التربوية الحديثة.
الاستاذ عبد الجليل بوقرة قال «سويسرا بلد منزوع من السلاح.... تونس بلد منزوع من الثقافة» هل يقتصر الإشكال فقط على وزارة الثقافة ام ان مأساة الثقافة أعمق وتتجاوز هيكلا بعينه ؟
الثقافة لا يمكن أن تنمو وتزدهر وتصبح مؤثرة في حياة المواطن إلا بالنقاش والحوار ومقارعة الرأي بالرأي وهو الأمر الذي نلحظه في حياتنا الثقافية قبل الاستقلال. أمّا الآن فالحال مختلف حيث احتمى تقنيو المعرفة بحصونهم العاجية يكتب الواحد منهم مقالا للترقية المهنية فحسب. كما أن التعليم الذي كان وسيلة لرفع المكانة اجتماعيا لم يعد كذلك، فتدهورت مكانة حاملي القلم جميعهم وامتلأت الساحة بأصحاب الأموال المجهولة المصدر ليصبحوا هم أصحاب الرأي والمشورة وصنع القرار فاختلّ ميزان القيم، جملة هذه الأسباب مع غيرها جعلت معدّل ما يُطبع من العنوان الواحد لا يتجاوز الألف نسخة مخصّصة ل 12 مليون تونسي تشتري منها وزارة الثقافة ووزارة التربية ما تيسّر والبقية نجدها مطروحة أرضا في نهج الدباغين، اليوم لا نجد في العاصمة سوى خمس مكتبات مخصّصة لبيع الكتب الثقافية ولكنها تتحوّل في بداية السنة الدراسية لمدة ثلاثة أشهر كاملة إلى بيع الأقلام والقراطيس. أما عن السينما فحدث ولا حرج ولمن أراد التثبت من هول المصيبة والقاع الذي نحن فيه في ميدان المسرح مثلا أن يعود إلى بيبليوغرافيا المسرح التونسي من سنة 1881 إلى الاستقلال للصديق محمد مسعود إدريس، إنه زمن الرداءة والجهالة.
بعد احداث الذهيبة هناك إشكال طرح نفسه: الحق في التنمية والحق في الاحتجاج واطراف تراهن على ذلك لغايات في نفس يعقوب ما هي المعالجة الصحيحة بعد ان طفت على السطح المعالجة الامنية؟
ما حدث في الذهيبة إنما هو بفعل فاعل وليست له علاقة مباشرة بالتنمية أو بغيرها مما يروّج له وقد ذكّرني ما حدث هناك بتهديد محمد البلتاجي في ميدان رابعة بأنه إن لم يطلق سراح مرسي ويعاد إلى الرئاسة ستشتعل سيناء وهو نفس التهديد الذي صرّح به رياض الشعيبي الذي دعا الدولة إلى الاعتراف بالتنظيم الإرهابي «فجر ليبيا» والتحاور معه، إنه نفس التكتيك الذي ينتهجه التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.