ما ان نزلنا من التاكسي حتى انفجر في وجهي عم ابرهيم...او برهوم..الذي هو أبي..وراح يصيح...وانا احول تهدئته..نبهته الى ان الساعة تجاوزت الثالثة فجرا والناس نيام..ومن غير المعقول ان نزعجهم..وقلت له(يعيشك بابا يزينا من الفضايح)..وبسرعة شديدة قرصني من اذني وقال لي(كلمة بابا هاذي مانحبش نسمعها..قداش من مرة وصيتك باش ما تقليش بابا ...انا ماني بو حد...انت صاحبي ايه...انت خويا الصغير معقول..اما انت ولدي لا.لا. ثم فاجاته نوبة من الضحك ..وراح يقهقه..ويصفق..وتحول الى ما يشبه المهرج...وتقدمت منه لاحتضنه علني امنعه من التهريج...وشعرت بانه انهار تماما...وصار اضعف من خيط دخان ...وحاولت ان اشاكسه قليلا ...ومجاملته قليلا..وهمست في اذنه بقولي(هيا حاج راك مازلت شباب واحنا اصحاب..ونحبو بعضنا...ونوعدك اللي نكورو الاحد الجاي مع بعضنا ..نمشيو للبطحاء ونعملولها تكويرة مع اولاد الحومة).. ونظر الى وجهي وهو يبتسم وكانه استعاد حيويته وقال لي (الكلام اللي قلتو موافق عليه الا كلمة حاج..ماك تعرفني ما نحبهاش ..فاش قام حاج يا زفت...اما شوف راني كيف نسمعك تتكلم نولي بالسيف عليا نقتنع اللي انت ولدي..وكيف نتفكر عمايلك نعرف اللي انت ولدي..وكيف نسمع عليك اللي انت مهف..وزفت..وماترشفها الحد..نقول اللي انت ولدي).. وبينما نحن ندردش مر من امامنا امام الحومة عم لخضر امام الحومة...وحيانا وهو يسرع خطاه الى الجامع ليؤذن لصلاة الفجر...وطلب منا ان نلتحق به ..وقال (هيا مبروك شيخ ابراهيم كيف وليت تصلي الفجر حاضر..ربي يبارك فيك ..ويتقبل منك...راك راجل طيب والحمد لله).. وضحك برهوم وقال لي (ما ازعمهم العرب في الكلام..توة انا ياعباد ربي شيخ..امام جامع يعطيني شهادة وهو يعرفني اللي انا منصليش...ويقللي يا شيخ وانا نكفر بالشيوخة.....وما نحبهمش..وما نحملش نفاقهم..اما امام منافق بالحق..) وكان برهوم يتكلم عن الشيوخ وهو سكران مثلما يتكلم عنهم وهو غير سكران ...ففي كل مرة كنت اسمع منه ما يفيد بانه يعتبرهم سماسرة وتجار ومرتزقة وباعة كلام ويداهنون الناس ...وكان يقول لي دائما لا فرق بين كلام هؤلاء الشيوخ و(دبوزة الشراب)...انهم يسكرون الناس ويبيعون لهم الخمر...اما خمرة مغشوشة.. ويمضي قائلا...(انا بصراحة ما نحبش المغشوشة..كل سلعة مضروبة مانحبهاش...ولذلك مانشربش الا البيرة..والمرناق..وساعة ساعة كويس ويسكي يرد الروح