ذات يوم من ايّام شتاء هذا العام ومنذ شهر او يزيد قمت بقضاء بعض الشؤون الخاصة وركنت سيارتي امام منزلي اين اقطن بنهج حمزة ابن عبد المطلب بالمنزه السادس وهو من الانهج الثانوية المؤدي لمجموعة الاجوار الأربعة. وضعت عجلات الجانب الأمن على الرصيف الذي كنت جددته اخيرا بعدما خربته اشغال شركات المناولة وتعمدت ذلك كي لا أعطل حركة المرور بعدما أخذت أغراضي من السيارة بنية الخروج بها بعد استراحة قصيرة، لكنه فِي الأثناء دق احد الاجوار جرس بابي ونبهني الى ان شاحنة البلدية حملتها، كان ذلك بدون تنبيه او إنذار او إشارة وقبل دخول القانون الجديد الذي رفع في معلوم الخطايا وتحجير توقيف السيارات في غير الأماكن المخصصة لها نظريا. توجهت في الحال على الأقدام الى مستودع عشوائي خصصته البلدية وراء مقر دائرتها بالمنزه السادس وذلك لتخليصها واخذها منه. فوجئت يومها بحالة ذلك الفضاء الغارق في الأوحال بعد مطر تلك الليلة ودخلت بعناء الى براكة في وسطه وكان احد الأعوان جالسا على كرسي وراء مكتب طلب مني 30 دينارا لقاء أتعاب البلدية، وهو ما فعلته في الحال وانا اتعجب من حالي، واكتفى ذلك العون بالمال معتذرا لي بانه عبد مامور بعدما لمته عن التعسف وذكرته بالوضعية التي كانت عليها السيارة المرفوعة ولم تكن في وضع معطل لحركة المرور إطلاقا، وكان يمكن للأعوان تنبيهي أو وضع ورقة على بلورها وفِي اقسى الأحوال تشكيلها بقفل كما تفعله البلديات المتحضرة. ترك ذلك الإجراء حسرة في نفسي وأخفيته عن الأصدقاء حياء، ولكنني علمت فيما بعد انهم تعرضوا مثلي لذلك الإجراء التعسفي بدون تنبيه. عندها وتذكرت الجنرال احمد زروق لما اطلق الصادق باي يده لقمع ثورة الساحل قبل قرن وعدة عقود من أيامنا هذه التي باتت تتحكم فينا النيابات الخصوصية. كما تذكرت الوالدة رحمة الله عليها لما كانت تحدثنا عن قصة ذلك الجنرال الذي بات يؤرخ بأعماله الشنيعة وكيف كان يعمد عساكره لافتكاك أقراط النساء عنوة بشحمها ولحمها من آذانهن والدماء تسيل منها. وليعلم هؤلاء ان التراتيب جاءت لتنظيم الحياة الجماعية وليست لجباية المال من المواطنين بكل الوسائل والطرق مثلما كان عليه الحال في الاولين! انهم يتحدثون عن الارصفة الخاصة بالمترجلين بعدما أفسدوها بأكشاك التجارة الموازية أجازوا لاصحاب المطاعم المقاهي احتلالها وقتيا حتى لم يعد للمارة طريق يمشون عليه، وبعدما باع من سبقوهم الساحات والمناطق الخضراء وما زالت قضاياهم امام القضاء منشورة، انهم لم يتعضوا وكأنه لم تقم في تونس ثورة. قلت اخيرا ونحن على أبواب انتخابات بلدية قد تريحنا من شر هذه النيابات الخصوصية بعدما باتت مصدر عجز وإزعاج وحملا ثقيلا علينا انها لم تفعل شيئا حسنا نتأسف به عليها ولكنني بت أفكر في الانتخابات البلدية القادمة وما اصبح يروج بمقاطعتها بعدما خاب ظننا في نواب شعبنا وقد باتوا فرجة وهم يتخاصمون على المباشر في القناة الثانية من التلفزة الوطنية.