شهر شعبان أحد الأشهر الثلاثة المباركة (رجب و شعبان ورمضان) اعتاد المسلمون إحياءها والاحتفال بها، ففي رجب وفي اواخره احيا المسلمون ذكرى «الاسراء والمعراج» وهي المعجزة التي خلد ذكرها القرآن بقوله جل من قائل (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)... وقد وقعت هذه المعجزة في آخر الفترة المكيّة وكانت تتويجا لمرحلة أساسية من عمر الدعوة المحمدية فقد رأى الرسول في هذه الرحلة الأرضية التي انطلقت من مكةالمكرمة في جنوب الجزيرة العربية إلى بيت المقدس في الارض المباركة ببلاد فلسطين السليبة حيث أمّ الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ثم عرج به الى السماوات العلي سماء بعد سماء إلى أن بلغ مقاما لم يبلغه قبله ولا بعده نبيّ مرسل ولا ملك مقرّب وتلقى من ربه أعظم هدية عاد بها ألا وهي فريضة الصلاة التي هي عماد الدين... وقع ذلك في شهر رجب الذي ودعناه، أما شهر شعبان الذي انقضى نصفه الأول واحيا المسلمون ليلة النصف منه، فقد شهد هو أيضا حدثا كبيرا ألا وهو تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكةالمكرمة حيث الكعبة المشرفة أول بيت وضع الناس استجابة لتطلع لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ)، ومثلما كانت معجزة الاسراء والمعراج تمحيصا واختباران المؤمن من غير المؤمن فان حادثة تحويل القبلة التي وقعت في المدينة المنوّرة وفيها اليهود الذين تم يتركوا مناسبة الا وحاولوا فيها فتنة المسلمين، وكان تحويل القبلة مناسبة اخرى رغم ما اعطاه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عهود لم يلبثوا ان نكثوها مستعيدين سيرتهم الاولى مع انبياء الله عليهم السلام وخاب مكرهم وكيدهم، وهاهي الكعبة المشرفة التي امر الله ابراهيم الخليل وابنه اسماعيل عليهما السلام بأن يقيما أركانها في الوادي غير ذي الزرع تصبح في دين الاسلام.. قبلة يتوجه اليها المسلمون في صلواتهم واليها يشدون الرحال لاداء خامس اركان الاسلام {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)... أما ثالث الاشهر الذي يوشك أن يضلنا وهو شهر رمضان المبارك فهو شهر التتويج شهر التوبة والغفران شهر التجلي من الله على عباده المتقين شهر أوله رحمة واوسطه غفران واخره عتق من النار جعل الله لهذه الامة فيه ليلة هي خير من ألف شهر هي ليلة القدر إكراما لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي تقاصر اعمار امته (وهي بين الستين والسبعين) جعل الله قيام هذه الليلة خيرا من ألف شهر هي في العشر الاواخر من رمضان الذي تغلق فيه ابواب جهنم وتفتح فيه ابواب الجنة وتصفد فيه الشياطين ويضاعف فيه الثواب، فالسعيد السعيد من تهيأ لهذا الشهر المبارك واغتنمه فانه لا يدري أن يعيش إلى عام قادم فقد دعا جبريل وامن على دعائه رسول الله عليه الصلاة والسلام (بعدا عن الجنة لمن احياه الله الى رمضان ولم يغفر له)... فاللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان واجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا آمين يا رب العالمين...