يمثل ميناء رادس وهو الأكبر في البلاد رئة الاقتصاد بلا منازع حيث أن 70 بالمائة من المبادلات التجارية تحصل فيه أي بمعدل دخول 450 ألف حاوية سنويا ونشاط ل150 ألف مجرورة بمعنى آخر فإن التجارة الخارجية للبلاد توريدا وتصديرا مرتبطة بهذا الميناء الحيوي. لكن السؤال هنا: هل انصلحت الأوضاع فيه بعد 2011 وما بعدها؟ الجواب للأسف : لا لم تنصلح والدليل رسمي وليس مجرد كلام مرسل ومنه ما قاله رئيس الحكومة يوسف الشاهد في زيارته الأخيرة له كون بن علي رحل وذهب لكن " السيستام هو هو نتبدلش". هذا الموقف والحكم يجب أن نعطيه الأهمية المطلوبة لأنه صادر عن أعلى هرم السلطة التنفيذية الذي عبر عن امتعاضه بسبب ما يحصل فيه. الموقف الثاني نأخذه من ممثل للسلطة التشريعية ونقصد النائبة منية إبراهيم التي قالت أن الحرب الحقيقية على الفساد يجب أن تتوجه لميناء رادس وان لم يحصل هذا فلن تنجح هذه الحرب.
معضلة " السيستام " المقصود "بالسيستام" وهو المصطلح الذي استخدمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد هو طريقة ونظام العمل وأيضا المتحكمون في الميناء فالمسألة تتجاوز تطوير تجهيزات العمل الى المراقبة الصارمة لمنع التهريب. فالفكرة السائدة التي تم ترويجها منذ 2011 كون عمليات التهريب الكبرى تحصل في المعابر البرية الحدودية لكن حتى وان كان هناك تهريب من هناك فهو بنسبة أقل بكثير لأن المعضلة متعلقة بحاويات بمئات وآلاف الأطنان لا مجرد شاحنات صغيرة تحمل بعض السلع. المشكل هنا: كيف تخرج هذه الحاويات من الميناء ومن يمضي على ذلك وهل يتم دفع الاداءات التي يفرضها القانون؟! هنا سنأخذ أمثلة بسيطة منها كون إستيراد الأحذية المستعملة ممنوع بالقانون لكن واقع الحال غير هذا فهي منتشرة بشكل كبير في كامل الجمهورية والمنطق كونها لا تدخل من المعابر الحدودية البرية ولا المسالك الجبلية أي أنها تدخل في شكل حاويات. هذا الأمر يسري على بضائع أخرى تغزو الأسواق الأصل أن الدولة لا تستوردها ولا تسمح بذلك وخاصة البضائع الصينية المقلدة وهي منتشرة بشكل كبير في الأسواق. الأمر أخطر من هذا أي أنه يقع تغيير حاويات بحاويات والأمر ليس صعبا فمثلا بضاعة من المفترض ان يدفع عنها أدءات بمئات الملايين تسجل كبضاعة أخرى يدفع عنها أقل من ذلك بكثير أو هي معفاة من الدفع والأمر لا يعدو أن يكون اللعب بالوثائق لا غير أي إلصاق ورقة مكان أخرى على الحاوية ويمر الأمر بسلاسة وهذا وراءه من وراءه.
تغيير الأشخاص
ملف ميناء رادس فتح في عديد المناسبات من قبل جل الحكومات ما يعد 2011 والبداية كانت في 2012 من قبل رئيس الحكومة حينها حمادي الجبالي الذي زاره وعبر عن صدمته مما وجده وما عاينه واتخذ اجراءات منها تغيير المدير العام للديوانة لكن ثبت بعد ذلك كون المشكل الحقيقي ليس هنا وهو نفس الأمر الذي حصل مع مهدي جمعة وبعدها مع يوسف الشاهد أي أن الاجراءات كانت تغيير الأشخاص لكن "السيستام" ظل هو نفسه الى الآن