إثر رسالتنا المفتوحة للسيد وزير الشؤون الثقافية عن أول ملتقى للرواية ببيت تونس للرواية بمدينة الثقافة، وما بيناه عن مواصلة سياسة الإقصاء لبعض الأقلام بالنسبة للفضاءات الثقافية للوزارة، واعتماد كمال الرياحي نفس الوتيرة في إقصاء عديد الأقلام سواء في برامجه الإذاعية و التلفزية، وكذلك الشأن في بيت تونس للرواية في أول تظاهرة، وخاصة الأقلام الأكثر غزارة، ذلك أن كمال الرياحي منخرط تحت لواء إقصائي لعديد من الأقلام، يحمل في طياته حقدا على كل من لا يتصل به، ومن لا يثني عليه، وكذلك على من ينقده سواء في أعماله الروائية أو سلوكياته في برامجه الثقافية، إثر هذه الرسالة أبت بعض الأقلام إلا أن تتدخل لتصحح المسألة، بطريقة ليست موضوعية بل هي إلى مجاملة كمال الرياحي أقرب وسنأتي على الأسباب لمن لم يلم بها. أول شيء كمسلم ملتزم والحمد لله لا أحقد على أحد، وليس من حقي ذلك وإلا أكون مذنبا، وأبارك كل نشاط ثقافي سواء تطوعي أو تحت مظلة وزارة الشؤون الثقافية، شريطة الالتزام بالحيادية في التعامل مع الساحة الثقافية، بأن تعطى فرصة لكل الأقلام التي فرضت نفسها في الساحة بالظهور في هذه البرامج الثقافية سواء كانت إذاعية أو تلفزية أو في المنتديات، مهما كان الاختلاف معهم في التوجهات والقناعات لأن هذا هو الذي سينتج فسيفساء إبداع غير معلب. لكن الأمر مع الروائي كمال الرياحي بدأ بشكل خاص بعدما استضفناه في نادي القصة بالوردية لتقديم أحد أعمال الروائية لمسعودة أبو بكر، ولم يكتب بعد المشرط ، أي أننا كنا نفتح نادينا لكل من نلامس فيه الجدية. وتفاجأنا في أحد البرامج الثقافية الإذاعية يصب علينا جام غضبه منتقدا النادي ورموزه وهيئته متهمنا بالشيخوخة، لا لشيء إلا لأننا دافعنا على نادينا من مديرة دار الثقافة في نفس الفضاء التي تريد أن تستحوذ على نصف ممتلكاتنا بالقوة بينما هو تحت عهدتنا منذ أكثر من أربعين سنة، وعمدت إلى تسويغ الفضاء للأفراح بينما قانون وزارة الشؤون الثقافية يمنع ذلك واستقوت علينا برابطات حماية الثورة الذين هددونا بالإزالة من الفضاء، ولما تحدّت حتى وزير الشؤون الثقافة أحالها على العدالة فسجنت بتهمة الفساد، ورغم أن رفيقيه في اللقاء الإذاعي فاطمة بن محمود ونزار الحميدي،اعتذرا عما صدر منهما بعد أن ضللتهم هذه المديرة بأكاذيبها، فإن كمال الرياحي بقي في غيه، وواصل العداء للنادي وهيئته، ولكم أن تتحققوا هل سمعتهم أو رأيتم أحدا من أعضاء نادي القصة يستضاف من قبل كمال الرياحي إذاعيا أو تلفزيا، وكذلك الشأن لما أعد ندوة الربيع العربي بعيون الروائيين الذي نظمته المندوبية الجهوية للثقافة بتونس خلال شهرجانفي 2012 ، وشارك في هذه الندوة من تونس كمال الرياحي وكمال الزغباني، وسمير ساسي، ومن الجزائر الأديب واسيني الأعرج، ومن ليبيا الأديب محمد الأصفر، ومن مصر الأديب ابراهيم عبد المجيد، ومن إيطاليا فرنشيسكو ليجو، أي لا يوجد في البلاد من روائيين تونسيين إلا كمال الرياحي وكمال الزغباني، يتكرران كل مرة مع أنهما لم يصدر كلاهما إلا روايتين اثنتين، وقد قمت بنشر مقال بجريدة الوقائع عن مثل هذا الإقصاء لكافة الروائيين التونسيين، اللذين ينعتهم كمال الرياحي بأصحاب الروايات السعيدة تهكما. ولقد باركنا بعث بيت تونس للرواية على يد كمال الرياحي في أول لقاء بالسيد وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين في شأن النادي الثقافي أبو القاسم الشابي، والصحفي محمد المي كان حاضرا، وكان أملنا أن يقطع كمال الرياحي مع إقصائياته، وينضج ويكبر مع هذا البيت الذي يبدو كبيرا، والذي استبسل في اقتلاعه من براثن البيروقراطية الإدارية، لكن ما راعنا إلا أنه بقي على عداوته وإقصاءاته. بعضهم لا يزال يكرر لازمة ممجوجة بأن الأمر غير مرتبط بغزارة الإنتاج بل بالكيف ويعطي مثلا، أقول له هذا الرأي مردود، فأولا ليس من حقك تقييم الأعمال، بل أن تعطي فرصة للجميع والأولى بالسبق، علما أن من يكتب كتابا واحدا ويصمت ويتقوقع وينطفئ لا يعد كاتبا بل هي طفرة جاءت في زمن معين وذهبت ولم يعد صاحبها من الكتاب بعدها. لم نكن متحاملين، والذين اتهمونا بالتحامل يعرفونني جيدا لكن الأيام والظروف قد تغير من البشر. التقيت بكمال الرياحي في هذه التظاهرة وطلب رقم هاتفي لو كنت أنانيا لأغتنمها فرصة لبناء علاقة جديدة، لكنني لم أكن لأغتنم الفرصة بينما يقصى غيري، وثانيا ما نافقت يوما أحدا لأصل إلى مراد ما، والساحة الثقافية كلها تعلم عزة نفسي وعدم التوسل بالظهور في تظاهرة ما، وثالثا يعلم كمال الرياحي أنني لن أسكت على هذا الإقصاء فأراد تهدئتي وتطييب خاطري، ولكنني لن أهدأ إلا بعد أن يغير كمال الرياحي من شأنه ويعامل كل الروائيين على نفس المستوى. لست في حاجة أن يعرف بي كمال الرياحي أو عبد الحليم المسعودي للساحة الثقافية في برامجهما، فقد ظهرت قبلهما وكتاباتي المتعددة في مختلف الأجناس الأدبية البالغة ثمانية عشرة كتابا في القصة القصيرة والرواية والنصوص المسرحية تشهد على ذلك، وتحصلت على جوائز لم يحصلا عليها، وظهرت في البرامج الإذاعية والتلفزية عديد المرات دون أن أسعى إلى ذلك، ورفضت بعضها مع آدم فتحي في منوعته الثقافية التلفزية، لأنه دعا في البداية كتابا ظهروا بعدي، ولما اتصل بي محمد المي في الغرض رفضت لأنني أرفض أن أدعى متأخرا، وآدم فتحي لا يزال حيا فلكم أن تسألوه. الإشكال في الذين لا يريدون أن ينظروا في النصوص بل في أصحابها هل هم أساتذة جامعة، هل هم من رواد الحانات، هل يمكن الاستفادة منهم، هل هم من أبناء جهتي أو يشاركونني إيديولوجيتي، أما إذا كان معتزا بنفسه لا يرضخ للتمسح على الأعتاب فإنه يتجاهل عقابا له. لقد قلتها مرات لن أرضخ لهؤلاء المنشطين والإعلاميين الجدد الذين يتعاملون مع المثقفين بأساليب وضيعة، سأبقي على عزة نفسي التي عشت معها دهرا، ولست مستعدا في هذا العمر الذي يوشك على السبعة عقود أن أرضخ لأي ابتزاز لكني في الآن نفسه لن أسكت كلما سنحت الفرصة لتقييم وتقويم الاعوجاج وهذا أضعف الإيمان.