بمبادرة حميمية التقى النقاد من أدباء تونس بثلّة من الشباب الوافدين من جهات عديدة من البلاد الى مدينة مساكن، وهي فرصة اللقاء الرائع الذي لا ينسى بهذه الكوكبة من رجال الابداع،وهؤلاء جمعهم الملتقى الوطني للقصة القصيرة في دورته الثانية، ونظّمت دار الثقافة بمساكن واللجنة الثقافية المحلية بالتعاون مع المندوبية الجهوية بسوسة هذا الملتقى أيام و و فيفري . كان هذا الملتقى مناسبة لإقامة معرض لإصدارات مبدعي مدينة مساكن، وتكريم الاساتذة الجامعيين والروائيين والنقاد منهم: الروائي عبد القادر بالحاج نصر والناصر التومي ومنيرة الرزقي. وقد عبّر المحتفى بهم عن سعادتهم بهذا التكريم، كما حضر هذا الملتقى إطارات سياسية منها السيد رضا دغرير معتمد مساكن والسيد محمد الزبيدي كاتب عام الجامعة الدستورية وإطارات ثقافية منها السيد فيصل هميلة رئيس البلدية ورئيس اللجنة الثقافية المحلية. وقد رحّبوا بالمحاضرين والنقاد والمشاركين مبرزين ما تمتاز به الجهة من حركية ثقافية في كامل مواسم السنة. من القصة القصيرة الى الرواية : دوافع وتحوّلات هذا هو الشعار الذي انطلقت به الدورة الثانية للملتقى الوطني للقصة القصيرة بمسكان، وإذا قلنا القصة القصيرة، فإننا نعني وجود الخطاب والتعبير، والموهبة في الخلق والابتكار، فالقصة تصقل الموهبة وتمكّن صاحبها من التألق والبروز والانطلاق بكل ثبات نحو انجاز الرواية، وإن القصة القصيرة تبقى الأقرب الى الرواية للعلاقة المتينة التي تجمعهما وتربط بينهما. الرواية والقصة في عيون النقاد من بين الاشكاليات المطروحة خلال الملتقى ظاهرة الجمع بين القصة القصيرة والرواية أو الانتقال من القصة القصيرة الى الرواية، وقد رأى الدكتور محمد القاضي أن يجيب عن هذا السؤال بفرضيات ثلاث تتنزّل كل منها في مستوى محدّد فقال: كثيرا ما يعتبر الروائيون أن مرحلة كتابة القصة القصيرة لا تعدو في مسيرتهم الأدبية أن تكون مرادفة لطور التدرّب والتعلّم بغية امتلاك ناصية الكتابة، ومن ثّم فالقصة القصيرة تكاد تكون مرحلة انتقالية أو جسرا يتعيّن على الأديب أن يجتازه ليعبر من ضفة المبتدئين الى ضفة المحنّكين، والحق أن هذه النظرة تبرّرها اعتبارات لعلّ أهمّها أن القصة القصيرة بمثابة اللوحة الخاطفة أو المقطوعة الشعرية في حين أن الرواية انشاء لعالم متكامل.. استمع الجميع الى محاضرة الدكتور محمد القاضي: من القصة القصيرة الى الرواية «القضايا والدلالات» وتوسّعت فيها دائرة النقاش، والدكتور محمد القاضي هو من كلية الآداب جامعة منوبة، وهو معلّم الأجيال يعمل بصدق وإخلاص وهو الذي ينفع ويهب من مكاسبه الفكريّة في مهرجانات ثابتة عديدة تقام في المدن التونسية. وهذه الدورة تمحورت حول مواضيع عديدة منها محاضرة الأستاذ سمير بن علي: هل الرواية قصة طويلة، هل القصة القصيرة، الانطلاق نحو الرواية..؟ والسؤال المطروح عند الناقد الشاب سعد برغل: لماذا هذا التحوّل من القصة الى الرواية..؟ هل يتضمّن التحول معنى الرواية مرحلة احتراف أدبي كأن الكتابة في القصة أسهل وأكثر أمنا وأمانا من كتابة الرواية..؟ القصة القصيرة والرواية في تونس طرح أحد الشبان سؤالا على السيد الطيب الجويني المخرج التلفزي الذي ترأس الجلسة الأخيرة ليوم الأحد والتي تضمّنت مداخلة الدكتور محمد القاضي والاستاذ الناقد سمير بن علي: هل مازال للأدب القصصي والروائي التونسي نفس القيمة في هذا العصر.. عصر العولمة..؟ أجاب الأستاذ الطيب الجويني: من المفروض أن لا تطرح هذا السؤال، أو أن تفكّر في طرحه، لأني متأكد من عدم جهلك لهذا الأمر.. نعم تبقى للأدب التونسي قيمته بأشكالها المختلفة، فهو يأخذ طريقه الى الانتشار مع التجديد في كتابته، ولا يخشى الكاتب التونسي من العولمة بل يتفاعل معها ويستفيد منها ويقف الى جانبها بأفكاره وفنونه فهي الفضاء الواسع أمام الثقافات التي تدخل كل بيت. وكالعادة فإن أفضل الأعمال تخصّص لها جوائز في مجالاتها المختلفة كالشعر والقصة والمقالة، تقرّرها لجنة تحكيم من أصحاب الخبرة والمكانة. وقد وزّعت لجنة التحكيم المتركّبة من السادة: ابراهيم الدرغوثي: روائي الصحبي بن منصور : ناقد مصطفى المدائني : روائي محمد عمار شعابنية : شاعر الناصر التومي : روائي مختار الدبابي : اعلامي ثقافي الجائزة الخاصة : يونس بن يونس، قصة الحصان الأصيل جائزة أوفى مشارك : عمار الشافعي قصة وجه أمام المرآة جائزة أصغر مشاركة : لإشراف الهدّاجي وصفاء بلعيدي المناخات القصصية المتميزة : عفيفة بوقيلة: قصة حلم بحري كتابة أول قصة : فاطمة كرومة قصة الشمس لن تطلع أبدا الجوائز التقديرية : نرجس المناعي قصة الفتاة والبحر نزهة علبوش : قصة هستيريا عفاف مليك : قصة مذكرات ميت عفاف عويساوي : قصة سيول جارفة نادية الشتيوي : قصة وقوف على ظل الحقيقة هشام الشتيوي : قصة لغة الورود سمير بية الشطي : قصة ثعبان الفراش وحيدة النشمي : قصة حبك قدري الجائزة الخامسة : صالح طبابي قصة عيون ملكتي الجائزة الرابعة : كريمة بن رجب قصة الولاعة والكهف الجائزة الثالثة : سكينة بوعزيزي قصة هنا بين أظلعي تبيت الفراشة الجائزة الثانية : مهدي العليمي قصة سفر الكيان الجائزة الأولى : سميّة رجب قصة حكاية مدينة متعبة جدا. وقد اختتم الملتقى يوم الأحد بإشراف السيد فيصل هميلة رئيس البلدية ومدير اللجنة الثقافية المحلية الذي عبّر عن اعتزازه ورأيه بأن الابداع يتحقق في تمازج الرؤى وفي تلاقي المبدعين القادمين من كل البلاد. نأمل أن يتواصل هذا اللقاء ونثني على جهود المشرفين الأوفياء وجهود المساهمين في رفع هذا المشعل الثقافي من بينهم الاستاذ الشاب الصحبي بن منصور الذي لم يدّخر أي جهد من أجل انجاح الملتقى.