عاجل/ تعنيف طبيب أثناء عمله..ومنظمة الأطباء الشبان تكشف وتدين..    قصة نجاح: عمر الطويهري «جنجون»: مطرب راب مبدع وممثل صاعد    ريحة البلاد ... محمد الهادي بن علي العبيدي (اصيل الكريب مقيم بفرنسا).. تونس الحبّ... دائما في القلب    المحرس...مشاريع معطّلة ومؤهلات سياحية مهدورة    وفاة عون "الستاغ" بسوسة.. النقابة تدق ناقوس الخطر حول شروط السلامة    توزر: نسبة إقبال عامة على التصويت في الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة دقاش حامة الجريد تمغزة في حدود 25 بالمائة    عاجل/ بشرى للتونسيين: كلغ العلوش ب38.900 دينار بداية من هذا التاريخ..    قليبية... معرض المنتوجات المحلية بسيدي عبد السلام يحقّق الامتياز..    مهنة وتاريخ..رُعاة الأغنام .. حُماة ثروتنا الحيوانية    صفاقس...من الصبارس الى الشلبة والميلة والكرشو والمداس.. اقبال كبير على «حوت اوت» في سوق باب الجبلي    خبير اقتصادي: النمو الاقتصادي في تونس.. أرقام على الورق ومعاناة في الواقع    فظيع/ أب لطفلين وزوجته حامل: وفاة عون "ستاغ" أثناء عمله والشركة تتعهد..    استشهاد 3 فلسطينيين واصابة آخرين من منتظري المساعدات..#خبر_عاجل    ترامب: استعادة القرم وعضوية الناتو أمران غير واردين لأوكرانيا    لاريجاني: إيران رممت قدراتها بعد الحرب الأخيرة    زيلينسكي يصل إلى الولايات المتحدة تمهيداً للقاء ترامب    عاجل/ زلزال يضرب هذه الولاية الجزائريّة..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الف مبروك: علاء عباسي (باكالوريا تقنية) اهدى نجاحي الى روح والدي    الزهروني: الاحتفاظ بشاب من أجل الإيهام بجريمة    في جريمة هزت الرأي العام: مقتل لاعبة جيدو على يد زوجها..وهذه التفاصيل..    صيف وضيف...الفنّانة التشكيليّة الشابة غادة عسكري (حمام الأنف).. .. رؤى الحداثية لإبراز التّراث العربي الإسلامي    توم كروز يحرج ترامب!    5 مخاطر غير متوقعة لتناول البروتين بكثرة    المنتخب الأسترالي يفوز بكأس آسيا لكرة السلة للمرة الثالثة تواليا    مهرجان قرطاج يكرّم فاضل الجزيري بعرض فيلم "ثلاثون"    ألمانيا تتوج ببطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عاما لأول مرة في تاريخها    تاريخ الخيانات السياسية (49)...توزون يفقأ عيني الخليفة المتّقي    حكايات وحِكم.. يجود علينا الخيّرون بمالهم.. ونحن بمال الخيّرين نجود    استراحة صيفية    «حَرب» تصريحات بين الحيدوسي والهيئة ..ماذا يَحدث في النادي البنزرتي؟    'فيلم رعب' بأحد أسواق مصر.. اشتباكات مسلحة ورصاص كالمطر    ملتقى لوفان البلجيكي لألعاب القوى.. العيوني يحصد فضية سباق 800 متر    عاجل: الجزائر: زلزال يهز مدينة تبسة على الحدود مع تونس    وصول الفنانة الإماراتية أحلام إلى تونس    أنغام لا تزال تعاني.. تطورات جديدة في حالتها الصحية    عاجل/ إيقاف المعتدين على حافلة وعربة المترو 6..    أم كلثوم حاضرة بصوت مي فاروق في مهرجان قرطاج الدولي    كأس إفريقيا لكرة السلة.. المنتخب التونسي يحقق فوزه الأول    تقرير صادم: التلوّث البلاستيكي يغزو السواحل التونسية بأكثر من 160 ألف نفاية    نبتة رخيصة الثمن تحمي من السرطان وتخفض ضغط الدم: تعرف عليها    أكثر من 804.8 ألف تونسي تحصلوا على قرض من مؤسسات التمويل الصغير    هل السباحة ممكنة خلال اليومين القادمين؟..    مخبر النسيج بمعهد الدراسات التكنولوجية بقصر هلال يقوم بتسجيل 40 براءة اختراع 3 منها خلال السنة الجارية (مديرة المخبر)    تيمور تيمور غرق وهو ينقذ ولدو... وفاة صادمة للفنان المصري    كميات الأمطار المسجّلة في تونس خلال 24 ساعة الأخيرة    ورشات في التحليل السينمائي من 20 الى 23 اوت القادم بمنزل تميم    حركة انتقالات نشطة للترجي: لاعب برازيلي يرحل ولاعب جزائري ينضم    قبل ما ترقد، تستعمل التليفون.. أما تعرف شنوّة تأثير الضوء الأزرق عليك؟    جربة: انطلاق اشغال ترميم جامع بن معزوز    عاجل: الصوناد توفرلكم خدمة رسائل قصيرة لمتابعة فواتير الماء    "واشنطن بوست": محادثات ترامب مع زيلينسكي وقادة الاتحاد الأوروبي بعد القمة كانت متوترة    النادي الافريقي: راحة بيومين للاعب فهد المسماري    الحرارة بين 29 و40 درجة: تقلبات جوية مرتقبة بعد الظهر...بهذه المناطق    عاجل: اضطراب في حركة المرور نحو جربة والوزارة توضّح الطرق الممكنة    نقل تونس: فتح محضر في حادثة تهشيم بلور إحدى الحافلات الجديدة    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حوار افتراضي مع صديقي عكرمة"
نشر في الصريح يوم 15 - 05 - 2018


م: أهلا صديقي عكرمة
ع: كيف حالك يا أخي
م: الحمد لله
م: ما رأيك في الديمقراطية؟
ع: كفر و العياذ بالله إنها تشرع لحكم الشعب في حين أن المسلم لا يحب أن يحكم إلا بما أنزل الله، عملا بقوله تعالى: » و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » .
م: و لكن هذه الآية لا تعني حصرية الحكم بما أنزل الله و إلا لكانت: ومن لم يحكم إلا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون !
ع: ماذا تقصد؟
م: أقصد أن من يحكم بالقرآن و السنة الصحيحة و في نفس الوقت يحتكم إلى اختيار الشعب فيما عدا ذلك، لا يعتبر متعديا على حدود الله.
ع: و لكن الله لم يفرط في الكتاب من شيء و كل القوانين تستنبط وجوبا من القرآن و السنة و لا حاجة لاجتهاد البشر خارج النصوص الدينية.
م: حسنا أخي عكرمة، ما هو نظام الحكم في الإسلام؟
ع: بالطبع : الخلافة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم "ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" .
م: و من يختار الخليفة؟
ع: يبايعه المسلمون .
م: و ماذا إذا حصل اختلاف بين المسلمين حول الشخص الذي بايعوه؟
ع: نأخذ برأي الأغلبية .
م: جيد جدا.
و ماذا إذا حاد الخليفة عن أداء واجباته على الوجه الأكمل وقام بتجاوزات خطيرة كالخيانة أو السرقة…؟
ع:يسقطه المسلمون و يعزلوه مباشرة أو عن طريق أهل الحل و العقد و يبايعون غيره.
م: من هؤلاء : أهل الحل و العقد؟
ع: صفوة المجتمع .
م: و من يعينهم؟
ع: يبايعهم المسلمون .
م: و ماذا إذا أختلف المسلمون ؟
ع: يتم الاختيار بالأغلبية .
م: و ما دورهم؟
ع: من جملة أدوارهم، مراقبة الخليفة .
م: جيد جدا
ألا ترى يا صديقي، أن من أهداف الخلافة هو العدل و توحيد الأمة الإسلامية.
ع: بالتأكيد، و ذلك هو الهدف المنشود.
م: ألا يمكن أن يتحقق ذلك على يدي رئيس منتخب؟
ع: سمه ما شئت: رئيس، قائد، خليفة …
المفيد أنه حاكم عادل للدولة الإسلامية الموحدة، و ملتزم بما أنزل الله.
م: و ماذا لو أطلقنا تسمية نواب الشعب على أهل الحل و العقد ؟
ع: أهل حل و عقد، نواب الشعب … سمهم ما شئت المفيد هو أن يؤدوا أدوارهم الرقابية على أكمل وجه
م: و أدوارهم التشريعية؟
ع: بدأت أضجر منك، فالتشريع هو لله وحده .
م: ذكرني لكي أعود لهذا فيما بعد،
ماهو النظام الاقتصادي في الإسلام؟
ع: يقوم الاقتصاد في الإسلام على حرية الملكية الفردية لوسائل الإنتاج و على تحريم الربا، عملا بقوله تعالى : "وأحل الله البيع و حرم الربا" و على فرض الزكاة و على منع تجارة الحرام وعلى عدم الغش و على الإتقان و الإخلاص في العمل و التضامن و التعاون و التراحم.
م: و لكن » أحل الله البيع و حرم الربا » لا تعني تحريم الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج !
ع: ماذا تقصد؟
م: أقصد أن الاقتصاد يمكن أن يكون ليبراليا أو اشتراكيا أو مختلطا، دونما تعارض مع الإسلام.
ع: المفيد و المهم أن لا يتعدى حدود الله.
م: و هل تعلم يا أخي عكرمة، أن النظريات الاقتصادية مبنية على أسس علمية و عقلانية و منهجية ارتقت بها لمرتبة النظرية؟
ع: لست مختصا في الاقتصاد حتى أجيبك.
م: أنا كذلك لست مختصا في الاقتصاد و لكني مدرك أن هناك علم قائم الذات و مستقل اسمه علم الاقتصاد .
ع: وليكن !
م: لم يتم استنباطه من القرآن و السنة بل أنتجه عقل بشري، و أصبح هذا العلم ضروريا خاصة بعد تطور العلوم و اتساع مجالات الاقتصاد لتشمل الفلاحة و الصناعة و الخدمات و التجارة …
أما في بداية الإسلام فكان الاقتصاد مقتصرا على الفلاحة و التجارة البدائيتان !
ع: يا أخي المفيد أن لا يتعارض مع الإسلام.
م: و إذا لم يتعارض مع الإسلام، هل يجوز أن نطلق عليه تسمية اقتصاد إسلامي
ع : لا يجوز ذلك, نسميه اقتصاد حلال أو اقتصاد حرام مادام أنتجه كما قلت لي عقل بشري.
م: إذا كما قلنا، يمكن أن يكون لنا أكثر من نظرية اقتصادية حلال؟
ع: منطقيا، نعم
بدأت أخاف منك يا صديقي
م: بالعكس أنا من يتوجس منك، لأنك لم تذكرني بمسألة التشريع، كما طلبت منك سابقا
ع: لا بأس، مادام الخوف متبادلا !
م: ماذا لو شرع نواب الشعب قوانين اقتصادية لا تتعارض مع الإسلام؟
ع: لا ضير في ذلك .
م و ماذا لو شرع النواب قوانين لحماية البيئة ?
ع: لا ضير في ذلك ما دامت لا تتعدى حدود الله .
م: و ماذا لو شرع النواب، قوانين تهم الأمن و الدفاع؟
ع: ليس هناك أدنى مشكل إذا كانت متوافقة مع الإسلام.
م: هل تقبل يا عكرمة أن يحكم القاضي بما يمليه عليه، رئيس الدولة من أحكام و أوامر؟
ع: طبعا لا، فالقاضي مستقل أو لا يكون.
م: و هل تقبل أن يخفي الإعلام حقيقة الحاكم و تجاوزاته؟
ع: طبع لا فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
م: و هل تقبل يا عكرمة أن يطبل و يهلل الإعلام للحاكم؟
ع: الأحرى أن يكون الإعلام مستقلا و موضوعيا.
م: ماذا يا عكرمة لو حكمت البلاد؟
ع: سأطبق شرع الله.
م: و ماذا إذا ثار عليك الشعب و رفض حكمك؟
ع: سأقمعه و أوحد المسلمين في دولة واحدة، قوية، تتصدى للغرب و الاستعمار و الإمبريالية الكافرة.
م: ألا ترى أن التاريخ سيعيد نفسه و ا ذكرك بالخوارج !
ع: سوف نتعض من أخطاء الماضي .
م: كيف ذلك و أنت تقمع من يخالفك الرأي و لا تفسح له المجال ليعبر و يعارض و يجتهد و يتداول معك على السلطة. و كيف تتفادى أخطاء الماضي و أنت لا تسمح بحرية الفكر و الإبداع و تقيم جدار بينك و بين بقية شعوب العالم !
ع: أنت تتعسف عليا فأنا لا أقمع الحريات و الفكر إلا في حدود معينة . و من ناحية أخرى فأنا أستجيب لقول الله تعالى الذي أمر فيه بطاعة أولى الأمر منكم.
م: إني لا أعتبر طاعة أولى الأمر تتنافى مع حق المعارضة السياسية فأنا أعارضك لكني ألتزم بقراراتك ما دمت في الحكم و هذا المبدأ معمول به في أعرق ديمقراطيات العالم.
أما فيما يخص الحرية الفكرية المحدودة، فدعك من ذلك، الحرية الفكرية مطلقة أو لا تكون و ما على الطرف المقابل إلا تقوية حجته و الدفاع عن فكره بطرق سلمية و منطقية خاصة و أن الإسلام ليس زجاجا ليكسر بحجر !
أقول لك يا أخي في الأخير أن الشعوب لا تقمع الى ما لا نهاية و أن الإقناع و الحكمة و الموعظة الحسنة هما الطريق و السبيل الوحيدان للتغيير و التأثير و أن الإسلام بقي ليومنا هذا في الصين لأنه نشر بحجة و براعة التجار المسلمين و بأنك يا عكرمة لن تنجح في فرض سلطانك على الشعوب و إن كنت أقوى من فرعون، بل سيكون لك ذلك ، في أحسن الحالات، إلى حين ثم تكون المسئول الأول عن انهيار الدولة و تشتت الأمة و تشر ذمها نتيجة فقدان آليات التداول السلمي على السلطة و إمكانيات المعارضة السلمية و التعبير الحر عن الرأي .
أنصحك و النصيحة من الدين أن تدرس أولا: « René Descartes » ثم علم المنطق ثم علم الاقتصاد ثم العلوم السياسية ثم أخيرا، أن تعود لتدرس الإسلام بعقلك الجديد, و هو ما سبقك إليه غيرك ممن لم يزده العلم الا تواضعا و رصانة و رشد .
في الغد أتاني عكرمة الى المقهى، مستهزئا منتصرا و هو يقول: أذهب لعلاج عقلك يا صديقي لقد أضعت وقتي و أوجعت رأسي بخرافاتك التافهة فحتى صديقي حسن )يقرأ باللهجة المصرية( قد حذرني من مغبة و مخاطر الحديث معك بعد أن قدم لي أطروحات مكتوبة ضافية، شاملة حول الاقتصاد الإسلامي و المالية ألإسلامية و السياسة الإسلامية …
وافقت عكرمة على ما قاله بطأطأة رأسية و أقفلت عائدا إلى منزلي.
اعترضني في الطريق، الحاج موسى فسلمت على موسى الحاج و أكملت مشواري.
أمضيت الليلة متحسرا لأني نسيت أن أقول لعكرمة بأن الله بالفعل لم يفرط في الكتاب من شيء،أحيانا عبر مبادئ عامة و أخرى عبر أحكام تفصيلية. و أن الله قد جعل الإنسان خليفته على الأرض و قد ميزه بالعقل الذي جعل امة تصعد على القمر و أخرى ترزح في الحضيض .
إني لا أقدس الغرب، بل أعتبر أن الغرب العقلاني في حاجة للإسلام كما حاجة الشرق الحائر للعقلانية لفهم الإسلام و إدراك إعجازه الحديث المتمثل خاصة في خطوطه الحمراء .
ملاحظة أخيرة: صديقي و أخي عكرمة و إن كنت أختلف معه في الأفكار فإني و بحكم معرفتي الطويلة به, لا اشك في صدق نواياه و نزاهته و طيبة قلبه، و هو ما يعطيني أملا كبيرا في تطوره متى أقبل على الحوارات و البحوث الفكرية في شتى المجالات و أقتنع نهائيا باستحالة حكم الشعوب مستقبلا بالحديد و النار مهما بلغت قوة الحاكم و أتباعه.
كما إني متفاءل بان التجربة و الممارسة الفعلية للحكم ستدفع حسن الى فصل المجال الديني عن المجال السياسي لان الإسلام لجميع المسلمين ونكون وقتها قد أسدينا خدمة جليلة لعكرمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.