تناول الطالبي هذا الموضوع العلمي المتعلّق بالإعجاز في القرآن في كتابه ":الإسلام ليس حجاب بل هم عبادة" وحيث أنّي سوف لن أقف على كلّ ما جاء في هذا الكتاب فلا أقلّ من تلخيص محتواه للسادة القرّاء فالكتاب هو تواصل مع ما جاء في كتاب الطالبي "ليطمئنّ قلبي"الذي تناول قضيّة الإيمان كما تضمّن تحدّيات للمسيحيّة وخاصة للبابا "بنوان 16" كما ردّ فيه على ما يسمّيهم الانسلاخاسلاميّة . أمّا كتاب"الإسلام ليس خمار بل هو عبادة":" فهو كما تدلّ عليه الجملة المدرجة تحت العنوان والمكمّلة له " تجديد للفكر الإسلامي". وهذه الفكرة هي الخيط الرابط بين كلّ كتابات الطالبي الدينيّة في هذا الظرف الصعب الذي يمرّ به الإسلام ف"الطالبي" يدعو لإعمال الفكر والتدبّر في القرآن بقراءته قراءة محيّنة كما أمرنا الله إذ يقول تعالى": أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثير" (سورة النساء آية82) فقراءة القرآن بتدبّر وإعمال الرأي بعيدا عن القراءة السطحيّة هي وحدها التي ستجعل الإسلام على الدوام دين الحداثة والتقدّم وتحصّين المسلمين من الاعتداءات المتكرّرة التي يعيشونها منذ مدّة ليست بالقصيرة. أمّا محتوى الكتاب فقد تناول فيه بالدرس و التحليل قواعد الإسلام الخمس في مقارنة بين ما تقوله الشريعة وبين ما انتهى إليه هو أي الطالبي بعد إعمال العقل والتدبّر وتوظيف كلّ ما تُقِرّه العلوم الصحيحة للوقوف على الحقيقة. مع إقراره أنّ": العقل وحده لا ينتهي حتما مسلّما لذاته وبمحض سلطانه إلى الحقّ في نهاية المطاف لابدّ أن تعاضده العناية و الهداية بعد بذل كلّ الجهد وأقصى ما في الوسع, فالإيمان هبة من الله وفضل إذ يقول جلّ من قائل في سورة (الحديد الآية 29) :"وأنّ الفضل بيد الله يُؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم" . فاعتمادا على العقل والعناية الإلاهيّة وهَدْيِّ القرآن سيناقش" الطالبي" في كتابه هذا ما جاء في الشريعة حول مواضيع هي من اهتمامات المسلم اليوم أين ما كان في بلاد الله الواسعة رائد الطالبي في ذلك ما تكرّر ذكره في هذا الكتاب هو "الحريّة" ولا شيء غير الحريّة فهو لا يَفْرض شيئا على المسلم ويُنَبِّه المسلم أن لا يقبل أن يَفْر ض عليه الغير شيئا من منطلق أنّ الله خلق الإنسان حرّا واستخلفه في الأرض ومكّنه من عقل يتدبّر به شؤونه ويختار بكلّ حريّة ما يهتدي إليه بعد التدبّر في القرآن الذي هو هدًى ورحمة للعالمين .واختتم كتابه بمواضيع لها علاقة بالعقيدة و الإيمان الصحيح ومنها موضوعنا الإعجاز القرآني في :" ضياء ونور" الذي افتتحه بقول اللّه سبحانه تعالى:"هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب وما خلق الله ذلك إلّا بالحقّ يفصّل الآيات لقوم يعقلون"(سورة يونس آية 5) وتساءل الطالبي أين الآية بمعنى العلامة في هذه الآية القرآنيّة؟ ويجيب :" الآية أي العلامة تكمن في ما لم يكن معلوما زمن نزول القرآن الذي هو أنّ "ضوء"أي" نور" القمر هو انعكاس لضوء الشمس على القمر.وفي ترجمته لهذه الآية للفرنسيّة وضع في أصل النصّ أمام كلمة" نور" بين معقّفين كلمة "ضوء منعكسّ"لأنّ الآية أي العلامة تكمن هنا مؤكّدا أنّ الحديث عن الآية أي العلامة الموجودة في هذه الآية القرآنيّة لم يظهر في أي ترجمة أخرى من ترجمات القرآن العديدة من المترجمين الذين سبقوه إذ ترجموا كلمة نور بضياء أو بمرادف لهما ويقفون عند هذا المستوى بدون أن يدركوا الفرق بينهما . أمّا هو(الطالبي) فلكي يبرز بوضوح الآية أي العلامة التي ذكرها الله أقحم في نصّ الآية القرآنيّة-عند الترجمة طبعا- كلمة انعكاسّ ووضعها بين معقّفين إذ الآية أي العلامة بالنسبة له تكمن هنا أي في الصفة "الانعساس" الذي نسب إلى ضوء القمر وكَوْن ضوء القمر هو انعكاس ضوء الشمس على القمر وهذا لم يكن معلوما عند أحد عند نزول القرآن والذي لم يكن يعلمه إلّا الخالق هذا الخالق الذي علّم الإنسان ما لم يعلم سورة(سورة العلق الآية5) والذي وعد الإنسان أن يتقاسم معه جزء من علمه في حدود ما يريد وفي الزمن الذي يريده. وقد أنجز الله وعده وهو ينجز يوميّا ما وعد به. في أيامنا هذه نعلم عِلم اليقين اعتمادا على العلوم الصحيحة أنّ ضوء الشمس المسمّى"ضياء" هم ضوء يأتي مباشرة من مصدر هو الشمس وأنّ ضوء القمر المسمّى "نور" هو ضوء غير مباشر يصدر من الشمس وينعكس على القمر .لذلك وضع الطالبي في ترجمته كلمة انعكاس بين معقّفيين لينبّه القارئ أنّ ذلك تأويل منه إذ يعتبر هذا التأويل هو الوحيد الصحيح لأنّه هو الذي يبرز الآية أي العلامة في هذه الآية القرآنيّة ومن منطلق تفكيره القويم يرى الطالبي أنّ لا نكتفي بالجزم أنّ كلمة نور تدلّ على ضوء الشمس عند انعكاسه على القمر وأنّها غير مرادفة لضياء الذي هو ضوء مصدره الشمس مباشرة بل فلا بدّ أن نبرهن على ما توصلنا إليه. أوّل هذا الموضوع هي الآية القرآنيّة(يفصّل الآيات) وهذا لا غبار عليه ويؤكّد أنّ الآية المضمّنة في هذه الآية القرآنيّة موجّة فقط لرجال العلم (لقوم يعقلون) وبذلك يبرز لنا. بعد هذا الشرح للموضوع السؤال المطروح علينا الآن هو أين تكمن هذه الآية أي الإعجاز ؟ إذ لا يكفي أن نجزم بوجوده بل المطلوب أن نبرهن على وجوده.وهذا ما يقترح علينا الطالبي القيام به. وأوّل ما ينهانا عنه الطالبي للقيام بهذا الاستقصاء العلمي هو أن لا نقرأ الآية القرآنيّة التي هي موضوع بحتنا قراءة سطحيّة بدون "تدبّر" وبدون استعمال المكاسب العلميّة المتوفّرة لنا اليوم إذ بدون تدبّر سوف لن يظهر لنا الإعجاز مثلما لم يظهر للمعاصرين لظهور القرآن حين لم يكن الإعجاز متأكّد بصفة عامة إذا استثنينا المتعارف عليه وهو أنّ كلّ ما خلق الله هو آية من آياته تعالى و يعتبر كلّه إعجاز. لكن من الواضح والمؤكّد أنّ في الآية القرآنيّة المذكورة الآية موجودة من قبل أي منذ زمن النزول لكنّ الله أراد كإعجاز لنا أن لا تظهر بوضوح إلّا في المستقبل وفي الوقت الذي يريده ويكون ذلك عندما يُكتشف من طرف العلماء(لقوم يعقلون).ونحن نعرف إذ قال لنا الله من خلال القرآن بوضوح وبدون أي لبس أنّه سيوضّح آياته بتدرّج بدون ريب بتقدّم الزمن وبالتناسب مع تقدّم الإنسان في العلوم الصحيحة إذ يقول تعالى :" سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد" (سورة فصّلت الآية 53) يجب علينا إذا بمبدإ ثابت ومطابق و بتوجيه من الله أن نبحث دائما عن الآية أي العلامة في القرآن و كلّ الآيات أي العلامات وقد تَسلّحتْ عقولنا بما وصل إليه العلم الذي هو في تقدّم مستمرّ. وبالرجوع لموضوعنا فالآية أي العلامة هي بالتأكيد في الآية القرآنيّة التي افتتحنا بها هذا الموضوع والتي من المفروض قراءتها قراءة محيّنة وذلك بالبرهنة على قدرتنا على التدبّر الذي دعانا إليه تعالى في كثير من الآيات القرآنيّة نذكر منها ما جاء في سورة"ص" الآية 29 "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليتدبّروا آياته وليتذكّروا أولوا الألباب"وكذلك سورة محمّد الآية 24"أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفال" وعندها سنجد الآية أي العلامة وهي قبل كل ّشيء في اختيار الله نَعْتَ ضوء الشمس بالضياء و نعت وضوء القمر بالنور إذ ليس هذا من باب الصدفة ولمن يقول أنّ هذا مجرّد صدفة نسأله لماذا لم يكن العكس؟. وسيحاول الطالبي أن يبرهن على ما افترضه سابقا وهو أنّ الله يقصد بالضياء ضوء الشمس وبالنور انعكاس ضوء الشمس على القمر اعتمادا على اللغة العربيّة المستعملة عند نزول القرآن إذ يرى الطالبي أنّه من البديهي أن نجزم أنّ العربيّة الكلاسيكيّة تتوفّر على لفظين لمعنى الضوء وهما ضياء ونور لكن ما لا يمكن أن نجزم به هو أن يكون لكلّ من اللفظين معنى مضبوط متميّز ولا يتداخل مع معنى اللفظ الآخر وأنّ اللفظين لم يستعمل إطلاقا أحدهما مكان الآخر .وهذا وقع اختباره في اللغة القرآنيّة ووصلنا إلى نتائج قطعيّة بطريقة لا يمكن رفضها أنّ الكلمتين لم يستعملا أبدا بتفريق بينهما في المفهوم ثمّ بتطوّر اللغة العربيّة بدأت تدريجيّا كلمة ضياء تستعمل لتعبّر على الضوء بصورة عامة في الاستعمال الجاري وحتى في لغة العلم وخاصة لغة "علم البصر" هذا العلم الذي هو من اختراع عربي فمخترعه هو "بن الهيثم" عالم من البصرة والذي كانت تطلق عليه أروابا في القرون الوسطى النصرانيّة مسمى "الحازم" والذي توفّي بعد سنة 1040 فهذا العالم كان يستعمل دائما لفظ "ضياء" بدون أن يحدّد المعنى لكن في القرآن إذا لا نفرّق بين المعنيين أي معنى ضياء الذي هو ضو الشمس ومعنى نور الذي هو انعكاس ضوء الشمس على القمر فإنّ الآية أي العلامة أي الإعجاز موضوع بحثنا سوف لن يبقى لها أي معنى.لذلك سيحاول الطالبي أن يبرهن على ما افترضه سابقا وهو أنّ الله يقصد بالضياء ضوء الشمس وبالنور انعكاس ضوء الشمس على القمر اعتمادا على اللغة العربيّة المستعملة عند نزول القرآن إذ يرى الطالبي أنّه من البديهي أن نجزم أنّ العربيّة الكلاسيكيّة تتوفّر على لفظين لمعنى الضوء وهما ضياء ونور لكن ما لا يمكن أن نجزم به هو أن يكون لكلّ من اللفظين معنى مضبوط متميّز ولا يتداخل مع معنى اللفظ الآخر وأنّ اللفظين لم يستعمل إطلاقا أحدهما مكان الآخر . وهذا وقع اختباره في اللغة القرآنيّة ووصلنا إلى نتائج قطعيّة بطريقة لا يمكن رفضها أنّ الكلمتين لم يستعملا أبدا بتفريق بينهما في المفهوم ثمّ بتطوّر اللغة العربيّة بدأت تدريجيّا كلمة ضياء تستعمل لتعبّر على الضوء بصورة عامة في الاستعمال الجاري وحتى في لغة العلم. لكن في القرآن إذا لا نفرّق بين المعنيين أي معنى ضياء الذي هو ضو الشمس ومعنى نور الذي هو انعكاس ضوء الشمس على القمر فإنّ الآية أي العلامة أي الإعجاز موضوع بحثنا سوف لن يبقى لها أي معنى وتبعا لذلك فإنّ الإعجاز الذي تتضمّنه هذه الآية القرآنيّة سيزول. الله يقول لنا أنّه جعل من الشمس ضياء أي بمفهومنا اليوم أنّه جعل من الشمس مصدرا لإضاءة كوكب الأرض الذي وضعه الله على ذمّة الإنسان ليكون خليفته في الأرض لكي يقدر الإنسان القيام بالأمانة الذي حمّلها له الله على أحسن وجه.أمّا القمر فإنّه يقول لنا أنّه جعل منه نورا ونفهم اليوم أنّه جعل له وظيفة وهي أن يعكس على الأرض الضوء الذي يتلقّاه من الشمس والهدف من هذه الدورة(المنازل) أن نَقْدر على أن نعدّ الأشهر بسهولة ونحسب السنوات حتى نقدر على تنظيم حياتنا بكلّ ذكاء والآية آي العلامة تكمن هنا وهذا لم يكن فيه شكّ للذين عاشوا نزول القرآن فذلك التقابل بين الضياء والنور لم يكن يزعجهم أمّا متى ستكتشف هذه الآية أي العلامة يقول لنا القرآن سيكون ذاك في الوقت الذي يقرّره الله وهنا يكمن الإعجاز وهو موضوع بحثنا