تهيأ لي أن اقضي الاسبوع الاول من شهر رمضان المبارك في باريس وضواحيها متنقلا بين مساجدها ومصلياتها لإلقاء سلسلة من الدروس والمحاضرات في اطار سنة حميدة تمتد الى أكثر من عشرين سنة، توّسعت بفضل الله لتشمل عديد المساجد في كورون(مسجدعمر) وفوبور سان دني(مسجد علي) وفي سان دني (المسجد الجديد)، وفي بورت منتراي (مسجد الاصلاح)، وفي نونتار وفي كليشي وفي سفران.. وكانت البداية بالقاء خطبة الجمعة يوم الثاني من رمضان في الجامع الجديد الذي شارفت اشغاله على الإنتهاء واعطت الجهات المسؤولة للجمعية المشرفة على إنجاز هذا المعلم الديني الكبير رخصة الانتقال إليه بعد ما يزيد عن العشر سنوات من الجهود المضنية التي توجت والحمد لله بافتتاحه أمام المصلين ليؤموه بأعداد غفيرة بعد أن كان يغص بهم مسجد بلال الذي كان من قبل كنيسة.. وبين يوم الجمعة الاولى من شهر رمضان والجمعة الثانية التي القيت خطبتها في جامع الاصلاح بمنتراي (يوم التاسع من رمضان وهو يوم العودة الى تونس) توليت إلقاء سلسلة من الدروس بمعدل درسين كل يوم اثر صلاة العصر وقبل صلاة العشاء وسط حضور كبير متعطش للتفقه في دينه ومعرفة حكمه وأحكامه في عباداته ومعاملاته وهذا الجمهور متنوع الكثير منه من الشباب فضلا عن الكهول والشيوخ الذين يضلون مرابطين الى ساعات متاخرة من المساء ومن الليل... لقد كانت اياما مليئة بالنشاط الديني المكثف والمنهِك بعض الشيء ولكن ازاء الاقبال الكبير وطول ساعات الصيام التي تمتد الى قرابة الساعة العاشرة ليلا (موعد آذان صلاة المغرب) لا يملك الواحد الا أن يتحمل هذا المجهود لوجه الله اذ ليس له من دافع الا ذاك (وقد دام وتواصل والحمد لله على ذلك وهو تطوعي تيسره ما اتيح لي الاستفادة من تأشيرة طويلة لا أزال أُمكن منها منذ سنوات سخرّتُها لاداء هذا الواجب تجاه الجالية بمختلف جنسياتها لاسيما المغاربية منها)… واغتنمت فرصة وجودي في باريس لأسجل لإذاعة «شمس» حصصا دينية تبثها يوميا، وشاركت في ندوة حول عدم جواز كتابة القرآن الكريم بالاحرف اللاتينية وهي قضية خطيرة تصدى لها بمثابرة كبيرة الاستاذ صالح العود بارك الله في جهوده منذ ما يزيد عن الثلاثين سنة حيث دعا الى ندوة دولية سنة الف وتسعماءة وثمان وثمانين شاركت فيها عديد الشخصيات العلمية والهيئات الدينية ومنذ ذلك التاريخ والاستاذ صالح العود يكتب ويراسل الهيئات العلمية ودور الافتاء التي حصل منها على فتاوى وقرارات اجمعت كلها على حرمة كتابة القرآن الكريم بغير الحرف العربي الشريف وفق الرسم العثماني التوقيفي... لقد كانت الايام التي قضيتها مع الجالية المسلمة في باريس وضواحيها من اجمل الايام أحمد الله على توفيقه وتسديه واساله جل وعلا ان ينفع بالمجهود الذي بذل فيها المسلمين المقيمين بديار الغربة وان يجعلها خالصة لوجهه الكريم انه سبحانه وتعالى سميع مجيب