عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق سنية الدهماني..    فيديو - سفير البرازيل :'' قضيت شهر العسل مع زوجتي في تونس و هي وجهة سياحية مثالية ''    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    عاجل/ آخر أخبار قافلة الصمود..وهذه المستجدات..    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    ضربة "استثنائية".. ما الذي استهدفته إيران في حيفا؟ (فيديو)    رفض الإفراج عن رئيس نقابة قوات الأمن الداخلي وتأجيل محاكمته إلى جويلية المقبل    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    الإتحاد المنستيري: الإدارة تزف بشرى سارة للجماهير    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    تصنيف لاعبات التنس المحترفات : انس جابر تتراجع الى المركز 61 عالميا    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    باكستان تتعهد بالوقوف خلف مع إيران وتدعو إلى وحدة المسلمين ضد "إسرائيل"    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    تونس: حوالي 25 ألف جمعية 20 بالمائة منها تنشط في المجال الثقافي والفني    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    فيلم "عصفور جنة" يشارك ضمن تظاهرة "شاشات إيطالية" من 17 إلى 22 جوان بالمرسى    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو مدير التحرير الجديد لدار "الصباح" التونسيّة؟

البعطوط في حوار مع جريدة "أضواء" نُشر سنة 2000 : "لدينا صحفيّون جيّدُون .. لكن لنا صحافة سيئة"
فيصل البعطوط من مُصحّح لصحف الدار إلى مدير للتحرير:هل هي ضربة الحظ أم المُصادفة العجيبة؟
قريب من السلطة...لا يحب الاشتراكية...يكره القومية العربية..دافع عن العراق..وعمل في جريدة قطرية مواقفها أقرب إلى الأصوليين
من المنتظر أن يُباشر السيّد فيصل البعطوط مهامه كمدير للتحرير لدار "الصباح" بداية من غرّة جوان القادم، للتعرّف على المسيرة الصحفيّة والمهنيّة وطباع وخصال وأفكار الرجل، تنشر "السياسيّة" نص حديث صحفي أدلى به الزميل فيصل إلى جريدة "أضواء" في شهر أوت من سنة 2000 ، وبرغم مرور حوالي 9 سنوات على هذا الحديث الّذي أجراه الزميل نور الدين المباركي فإنّ به العديد من المعطيات الهامّة الّتي نراها كفيلة بتقديم جزء هام من مسيرة البعطوط.
سؤالنا التقليدي : كيف جئت إلى عالم الصحافة ؟
عندما تحصلت على شهادة الباكالوريا تم توجيهي إلى معهد الصحافة وعلوم الأخبار.. ومنذ السنة الأولى من دراستي في هذا المعهد شعرت أنه بإمكاني أن أكون صحفيا..وقد أتيحت لي في ذلك الوقت فرصة العمل في مجلة "الرياضة والفن" التي كان يصدرها السيد حسن الحداد.. وأذكر أني كنت الصحفي الوحيد في هذه المجلة حيث كنت مطالبا بإعداد المقالات والحوارات من الصفحة الأولى إلى الصفحة الأخيرة..أما عن الأجر الذي كنت أتلقاه فكان في حد ذاته "طرفة".. فذات مرة اضطررت للتنقل إلى مقر المجلة مستعملا "التاكسي" ولأني كنت مفلسا.. طلبت من السيد حسن الحداد أن يمكنني من أجرة "التاكسي".. "فرمى" لي بدينار واحد وكانت تلك أجرتي..
وبعد ذلك ؟
بعدها التحقت بجريدة "البيان".. وقد ساعدني في ذلك صديقي وزميلي خالد الغانجي* ..وفي "البيان" عملت في القسم الرياضي.. وأذكر أن أول خبر نشر لي كان يتعلق بتورط لاعب النجم الرياضي الساحلي صلاح القروي في قضية مخدرات.. وقد صدر هذا المقال بالصفحة الأولى..
بعد ذلك التحقت بدار "الصباح" كمصحح.. وقد تواصلت تجربتي هذه قرابة السنة..ثم برزت جريدة «الأنوار"..فبدأت أتعامل معها كمتعاون وفي نفس الوقت بقيت أواصل العمل كمصحح في صحيفة «الصباح"..غير أن السيد صلاح الدين العامري خيرني بين البقاء في "الأنوار" كصحفي قار مع جراية شهرية قيمتها 140 د أو مواصلة التجربة كمصحح في "الصباح".. وطبعا فضلت عرض "الأنوار"..
لو تحدثنا عن الفريق الصحفي الذي أسس "الأنوار" ؟
صلا ح الدين العامري، عمر الطويل، خالد الغانجي ، ظفر الله المؤذن.. وكان صلاح الدين العامري يشرف مباشرة على التحرير ..وأريد أن أشير بالمناسبة أن صلاح الدين العامري لعب دورا كبيرا في تكويني الصحفي كان شديدا معي..حتى أني كنت أضطر لإعادة صياغة المقالات التي أكتبها عديد المرات.. إنها مرحلة فيها الكثير من الجلد..لكنها كانت مهمة جدا بالنسبة لي.. وأذكر أني فكرت أكثر من مرة في" الهروب" من "شدة صلاح الدين العامري" لكني كنت أتراجع حبا في مهنة الصحافة.
في تلك الفترة من هي الأسماء التي كنت تقرأ لها باهتمام ؟
كنت أقرأ خاصة لجمال الدين الكرماوي منذ أن كان يكتب في البيان.. وهو تقريبا من أبرز الأسماء التي كنت أتابع ما تكتبه.
"الأنوار" ..حققت بسرعة نجاحات إعلامية مهمة ما سر ذلك ؟
سر نجاح "الأنوار" يعود أساسا إلى صاحبها صلاح الدين العامري.. فهو شخصية صحفية فذة..بل أعتبره إلى الآن الصحفي الأول عن جدارة كتابة وتصورا وتسييرا ومبادرة.. فقد تمكن من إبداع نوع جديد من الصحافة لم تكن موجودة في تونس..لقد جاء بما يعبر عنه بالصحافة الشعبية "التبلويد" وهو رائدها في تونس.
مقالات كتبتها ومازالت في ذاكرتك ؟
عدة مقالات وعدة ريبورتاجات لها مكانة خاصة في ذاكرتي.. أذكر منها : ريبورتاج أنجزته في رأس جدير )على الحدود التونسية الليبية( خلال سنة 85 )خلال الأزمة التونسية / الليبية ( واستقبال الفلسطينيين في تونس سنة 82 بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان كتبت مقالا تحليليا عنوانه : ماذا حدث ؟ كيف حدث ؟ ولماذا؟ كتبته خلال الاعتداء الإسرائيلي على حمام الشط.
وعلاقتك ب "الشروق" كيف بدأت ؟
"الشروق" كانت انطلاقتها كجريدة أسبوعية .. وقبل أن التحق بها.. دعيت من طرف وزير الإعلام آنذاك ) السيد عبد الملك العريف( لأتحمل مسؤولية رئيس تحرير مساعد في جريدة "الصحافة المسائية"* لكن هذه التجربة أجهضت.. فعدت بعد 4 أيام كرئيس تحرير لجريدة "المصور الأسبوعية".. وكان عمري 27 سنة فقط.. في جريدة "المصور" حاولت بمعية نور الدين بوطار أن نجرب "الصحافة الساخرة" .. وقد قمنا بتجربة مهمة ..لكن للأسف لم تلق دعما جماهيريا حيث بقي رقم سحب الجريدة متواضعا..
بعدها كلفت بتقديم تصورا لجريدة "الشروق اليومية".. ثم عينت سنة 89 مستشارا لدى رئيس تحرير جريدة "الشروق".. وعينت بعدها رئيس تحرير ثان.. وقد قمنا بعمل كبير لإنجاح الجريدة خاصة أن المنافسة بينها وبين "الصباح" كانت قوية .. ومن حسن الصدف أن جاءت حرب الخليج وانحازت "الشروق" إلى وجدان الشارع.. وتمكنت بذلك أن تحقق قفزة كبيرة حيث تطور رقم سحبها من 35 ألف نسخة يوميا.. إلى 120 ألف نسخة .
ما يعرف عنك أنك حاد مع زملائك عندما كنت رئيسا لتحرير "الشروق" و "المصور".. بل أن البعض يصف تصرفاتك تجاهه بالعنجهية .. فما مرد ذلك .. هل هو الغرور..أم أنها المسؤولية المبكرة ؟
لا أنكر.. ربما مرد ذلك صغر السن وربما أيضا لأني "تربيت بشدة" فصلاح الدين العامري أشرف علي بشدة ولم يكن يرحمني وعندما اكتشفت أن تلك الشدة التي كان يعاملني بها أثمرت ثمرة ناجحة وصالحة.. اقتنعت أن الشدة تصنع الصحفي الناجح.. وأريد أن أقول أن العديد من الزملاء يشكرونني الآن على الطريقة التي كنت أعاملهم بها..لأنها مكنتهم من أن يضعوا أقدامهم على الطريق الصحيح.. رغم أن فيهم من رفعوا ضدي عريضة "لشدتي" في التعامل معهم كنت مثلا أطالبهم بثلاث مواضيع يوميا )رغم قناعتي أن ذلك أكثر من طاقتهم( ! .
هل أخطأت في حق البعض ؟
لا يخطىء من لا يعمل.. نعم ارتكبت أخطاء لكنها ليست من ذلك النوع الذي "يهرب النوم من عيوني" .. وحتى إن ظلمت البعض فإن ذلك عن غير قصد.
هل كتبت مقالات سببت لك مشاكل ؟
هناك عدة مشاكل لكنها لم تكن مشاكل محددة .. أتذكر المقال الذي نشر ب"الشروق" تحت عنوان "سقوط مراكز القوى" هذا المقال سيبقى منقوشا في ذاكرتي على اعتبار أن فيه الكثير من الجرأة..
هذا المقال بالذات .. هناك من قال أن فيصل البعطوط عندما كتبه ونشره قد اختار لنفسه "موقعا معينا" ؟
كانت دائما لدي صداقات.. ولم تكن لدي مواقع.. وربما انزلقت )خطأ( إلى قضية المواقع في أواخر فترتي بتونس.. ومرد ذلك أن اهتماماتي السياسية طغت على اهتماماتي الصحفية )المهنية( وحتى أن تعاطفت مع "فريق" ضد "فريق" آخر فإن خلفية ذلك اعتبارات ذاتية لا أكثر و لا أقل.. وقد سبب لي ذلك تصادما عنيفا مع صلاح الدين العامري الذي مازال متمسكا بالمهنية وقد اكتشفت الآن كم كنت مخطئا !
هناك من يقول أن فيصل البعطوط ميكيافيلي وأن الغاية عنده تبرر الوسيلة ؟
لقد قرأت كتاب "الأمير" قرابة العشر مرات والميكيافيلية ليست الانتهازية وليست أيضا "قلبان الفيستة".. إنها سلوك براغماتي يجمع بين السياسي والاجتماعي..وفي اعتقادي أن كافة السياسيين هم بالضرورة ميكيافيليون..
أقول هذا طبعا بعيدا عن المفهوم "العامي والشعبي" للمكيافيلية التي تتسم بالسلبية.
علاقة الصحافة بالسلطة .. كيف تنظر إليها ؟
هما خطان متوازيان .. وفي نفس الوقت متلازمان ومن هنا في اعتقادي وجب التفكير في صيغة تلاؤمهما..والمشكل المطروح الآن هو عدم التوفق إلى هذه الصيغة..مما جعل كل خط غريب عن الآخر.. والمطلوب هو خلق نوع من الثقة والتفهم للوصول إلى صيغة التوافق هذه.
عرفت بأنك قريب من السلطة، ولا تحب الاشتراكية، وتكره القومية العربية..ودافعت عن العراق..وتعمل في جريدة قطرية هي أقرب في مواقفها إلى الأصوليين.. أين أنت من كل هذه المتناقضات ؟
هذا في تقديري ما يسمى بالبراغماتية.. وهناك مثل فرنسي معروف يقول بما معناه "إلا البلهاء من لا يغيرون مواقعهم".. أنا أعتقد أني مطالب بمواكبة المتغيرات وتكييف مواقفي وفقا لها.. مع شديد إيماني أن هناك ثوابت لا مجال للحياد عنها مثل تعاطفي مع القضايا العادلة.. وأنا أعتبر أن قضية العراق مثلا قضية عادلة.. وان كل ما نبهنا إليه على إثر الغزو حدث الآن ويعاني منه العرب بشكل سافر )الوجود الأمريكي، سحب القرار من أيدي العرب خلال قمة القاهرة الذي أفتخر كتونسي أن المتغيب الوحيد عنها هو الرئيس زين العابدين بن علي ..إلخ( .
التحاقك بجريدة "الوطن" القطرية كيف تم ؟
كانت لي صداقة قديمة ) تعود إلى سنة 87 ( مع الصحفي القطري "أحمد العلي" وبقينا على اتصال حصل أن اتصل بي لإعلامي أنه سيتم بعث صحيفة قطرية جديدة كلف هو برئاسة تحريرها.. وأنهم بصدد انتخاب بعض الأقلام العربية للعمل في هذه الصحيفة وقد وقع الاختيار علي من تونس.
وأريد أن أشير أنه خلال تلك الفترة كانت تراودني فكرة إصدار صحيفة خاصة بي ..
وسافرت إلى قطر يوم 95/08/19 .. ولا أستطيع أن أنسى ذلك اليوم.. إنه يوم دموع.. فقد شعرت كأني أغادر نفسي.. وأذهب إلى مغامرة غير معلومة... شعرت كأني مطرود وكأني أضطر إلى منفى اختياري.
قلت مغامرة غير معلومة .. لماذا ؟
هي غير معلومة لأنها أول تجربة احتراف لي في الخارج.. ثم أن الرجل الذي دعاني ) أحمد العلي( هو صديقي وسأصبح من منظوريه.. وربما يؤثر ذلك على علاقتنا.. هذا إلى جانب أن "عالم الخليج" لا نكاد نعلم عنه أي شيء.. لقد أصابتني رهبة حقيقية ..لكن أحمد الله.. فبعد خمس سنوات مازالت علاقة الصداقة التي تربطني" بأحمد العلي " كما هي .. ولم تتأثر بكونه رئيسي في العمل.. إنه صراحة شخصية إعلامية فذة أكاد أقول أنه الصحفي الخليجي الأول..
في بداية تجربتك في قطر.. هل اعترضتك صعوبات ؟
لم اصطدم بصعوبات تذكر باستثناء )كيفية استعمال بعض المفردات(.. إلى جانب أنه في البداية كانت هناك "معارك شرسة" بين الصحفيين..كل يحاول البحث عن "مجاله الحيوي".
وشخصيا ساعدني أحمد علي على الاندماج بسرعة وبسهولة وأخذت حيزي بسرعة..وأثبت قدرة وكفاءة التونسي.. وقد لفتت تجربتي الناجحة الانتباه وفتحت أعين الكثيرين على قدرة التونسي.. وكانت هناك انتدابات اثر ذلك من تونس.( بعد أن عمل في صحيفة الوطن القطرية التحق فيصل بعطوط بمكتب الوكالة الفرنسية للأنباء بقطر).
المعروف عنك أنك ليبيرالي فكيف تمكنت من الاندماج في المجتمع الخليجي المحافظ ؟
أعتقد أني وصلت إلى قطر في الوقت المناسب )وذلك من حسن حظي(.. فقد وصلت إليها بعد أشهر من التحول الذي عرفته والذي أعطى لقطر وجها جديدا .. وشعب قطر شعب مثابر يريد أن ينحت لنفسه موقعا تحت الشمس وهو شعب طيب.. فأنا أعيش منذ خمس سنوات في هذا البلد بدون ازعاج.. وحياتي هانئة مع عائلتي.
لو تحدثنا عن التجربتين الإعلاميتين )التونسية والقطرية( ؟
التجربة التونسية أكثر تجذرا الآن تونس ليست طارئة عن الصحافة.. لكن هناك اختلاف في الظروف الموضوعية بين بلد
) تونس( موارده الأساسية رأسماله البشري.. وبلد مرفه ماديا وأعتقد أن اختلاف العنصر الاقتصادي هو أحد أسباب اختلاف التجربتين في المجال الإعلامي هذا إلى جانب أنه في تونس الجميع تقريبا يكاد يقر أن هناك أزمة في الصحافة.. مع ضرورة الإشارة أنه خلال الشهور الأخيرة لاحظت تغييرا واضحا في الإعلام التونسي وحتى في تغيير المسؤولين الإعلاميين واهتماما خاصا من رئيس الدولة.
قناة "الجزيرة" في قطر ؟
لعله من حسن حظي أني واكبت بدايات هذه القناة التي لي فيها أصدقاء تربطني بهم علاقات جيدة وأنا أعتبر أن "الجزيرة" هزة في ارض الإعلام العربي تمكنت من الارتقاء إلى مستوى الظاهرة أمّا سر ذلك :
-الاستقلالية والحرية ، فهذه القناة اشتغلت لمدة سنتين بدون ربان.
- وحتى عندما بدأت إدارة القناة تمارس أعمالها فقد حافظت على استقلالية الصحفيين الذي يعملون بها وهم صحفيون محترمون واختاروا عرض الجزيرة على عروض أخرى على أساس الاستقلالية لأنهم يرفضون التدخل في شؤونهم المهنية.
وأعتقد أن هذا الأمر له مسالك.. فهناك فوضى مشاعر لدى النخبة العربية.. التي لم تصل إلى درجة النضج التي تجعلها تعرف الفرق الرهيف بين الحرية المسؤولة والتهور وهذا ينعكس بوضوح في قناة الجزيرة.
وقد سبق لي في جريدة "الوطن" أن تعرضت لها بالنقد بعد 3 أشهر من انطلاقتها.. وكتبت مقالا عنوانه "..قامتا فيصل القاسم وسامي الحداد أقصر من قامتي "الاتجاه المعاكس "و "أكثر من رأي " ..قلت فيه بالخصوص أن المعدين لم يكونا في مستوى المسؤولية".
هذا المقال جلب لي العداء من طرف فيصل القاسم الذي هدد بطردي من قطر.. وعلى ذكر هذا المنشط أعتقد أنه طفل ينتمي إلى مدرسة الإثارة المطلقة وفي حلقاته لا يبحث عن أي شيء إلا الإثارة وأعتقد أن تصريحه بكونه أصبح أكثر شهرة من جمال عبد الناصر لا يستحق التعليق.
إن الخيار الذي اختارته قناة «الجزيرة" قد حقق لها الإشعاع لكنه يبقى في اعتقدي خيارا مخطئا لأنه تسبب في أضرار عامة تفوق الربح الذي أحرزته من ورائه.. وعموما أعتقد أن تجربة هذه القناة تحتاج إلى مساندة نقدية أي إلى ترشيد.. دون أن أغفل طبعا عن إيجابياتها والمتمثلة خاصة في كونها فتحت أعين الشارع العربي على نغمة جديدة لم يكن يعزفها الإعلاميون.. وأتمنى أن يظهر هذا الترشيد خصوصا بعد الندوة الأخيرة التي عقدوها.
"الجزيرة" تحاملت في أكثر من مناسبة على بلادنا كيف تنظر إلى هذا المسألة؟
أعتقد أن المشكل يكمن في أن بعض التونسيين ينزعجون عندما يقال لهم أنه في وسط المجتمع التونسي هنا ك معتوهين.. لكن عندما تردد ذلك أكثر من مرة وتنسى عقلاء هذا المجتمع يصبح الأمر نوعا من تحريك السكين في القلب وهذا الوضع طبعا مؤلم ومستفز مما يخلق ردود فعل تدخل بنا في دائرة العداء لذلك الجهاز أو لآخر.
وقد لاحظت بأن ردود الفعل المتشنجة من بعض الصحف والأجهزة التونسية يثير الإعلاميين والمسؤولين في القناة نحو مزيد الاهتمام بهذا الجانب السلبي لكي لا يقال أنهم رضخوا لضغط ما.. في حين أن التعامل ببساطة قد يزيل هذه الاستثارة المتبادلة ..وبالتالي أعتقد أن أحسن طريقة هي النهوض بالوضع الإعلامي الداخلي الذي يسد منافذ الإعلام الخارجي في الشؤون التونسية.. ثم الحصول على نوع من الحصانة ضد النقد..
لكن يعاب على هذه القناة أنها لا تهتم بشؤون قطر.. كما اهتمامها بشؤون بلدان أخرى ؟
هذا غير صحيح.. فكلما هناك حدث في قطر إلا وأعطته الأهمية التي يستحقها.. فمثلا استضافت في إحدى المناسبات وزير الخارجية القطري على الهواء) أي مباشرة( مدة ساعتين .. وقد أجاب الوزير عن كل الأسئلة ببساطة.. بما في ذلك اتهامه بالشذوذ الجنسي وتقاضيه عمولات..!
وماذا عن التقنيات التي تعتمدها هذه القناة ؟
إمكانيات مادية كبيرة ..قرابة ال 200 مليارا من مليماتنا موضوعة على ذمتها للخمس السنوات القادمة.. أما من ناحية الاستديوهات فهي صغيرة.. ومقرها لا يتجاوز ربع مقر مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية .
الكفاءات التونسية في وسائل الإعلام الخليجية ما هو موقعها ؟
تتمتع بحظوة وباحترام.. وهذا ما يردني إلى مقولة : إنه لدينا في تونس صحفيون جيدون لكن لنا صحافة سيئة.
خلال إقامتك في قطر.. هل تتابع الساحة الصحفية التونسية ؟
طبعا..حتى أن فاتورة هاتفي دائما مرتفعة.. أحاول أن أتابع ما يحدث بدقة وعن كثب..لأني أعرف أني سأعود بإذن الله إلى تونس ولا أريد أن تتجاوزني الشاردة والواردة.
تم مؤخرا تكريمكم من طرف سيادة الرئيس ؟
هي لفتة متفردة.. والحقيقة أنها فاجأتني وجاءت لتكلل 20 سنة من العطاء في مجال الصحافة.. ولعل طعمها الخاص يكمن في أنها جاءت وأنا بعيد عن تونس مدة خمس سنوات وهذه مناسبة لأتوجه بالشكر الموصول لسيادة الرئيس لرعايته لأبنائه بالخارج.. وهو ما كرس عندي مقولة.. "ان كنت بعيدا عن العين..فلست بعيدا عن القلب".
وماذا عن الجريدة التي تنوي إصدارها مستقبلا ؟
أتمنى من خلالها تقديم الإضافة المرجوة للقطاع ..
هذه الأسماء ماذا تعني لك ؟
صلاح الدين العامري : مدرسة في الحياة وفي المهنة.
عبد اللطيف الفراتي : صحفي فذ
نجيب الخويلدي : تيار!
جمال الدين الكرماوي : تلميذ لصلاح الدين العامري
نور الدين بوطار : أحد أعمدة مستقبل الصحافة.
رؤوف المقدمي : حداثة الصوفية ورومانسية الصحافة
محمد قلبي : ضامر
خالد الغانجي : رجل عقل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.