الجلسة العامة لهيئة المحامين: أجواء ساخنة والمال يطغى على الأعمال كعادتها شهدت الجلسة العامة العادية للهيئة الوطنية للمحامين أجواء ساخنة ودرجة عالية من الحرارة لكن الجديد وعلى غيرالعادة في المناسبات السابقة هو أن «السخونة» هذه المرّة مسّت العلاقة بين أعضاء مجلس الهيئة حيث كانت خلافاتهم على مرأى الحاضرين الذين دهشوا لما أضحت عليه العلاقة بين أعضاء المجلس.
ومنذ انطلاق الأشغال تناول الكلمة العميد البشير الصيد حيث دخل مباشرة في الحديث عن المسألة التي شغلت بال المحامين خلال الأيام الأخيرة وهي أموال صندوق المحامين، وتداعيات قرارات مجلس إدارته يوم 25 جوان الماضي، وهنا أكد العميد أنه تمّت المصادقة على القوائم المالية، من طرف أعضاء مجلس الادارة مما ولّد فوضى داخل القاعة لينهض الأستاذ نجيب بن يوسف من مكانه على المنصة ويفيد الحاضرين بعكس كلام العميد. وأكد ما قاله بن يوسف، الأستاذ الهادي التريكي الكاتب العام للهيئة، حيث أفاد الحاضرين بأن مجلس إدارة الصندوق اتخذ بالفعل قرارا بالرجوع في تفويض الامضاء الى العميد والقرار اتخذ، أما حكاية صحته من عدمها، فهذه سيتناولها مجلس الادارة لاحقا، داعيا الى القطع مع الحديث عن الصندوق والاكتفاء بمناقشة التقرير الأدبي والمالي للهيئة، وكان المرء في غير حاجة الى الاجتهاد لمعرفة وجود خلافات كبيرة بين أعضاء مجلس الهيئة، وليس أدلّ على ذلك بقاء العميد بمفرده صحبة رئيس فرع تونس، لزمن غير قصير في انتظار عودة باقي الأعضاء عند فتح باب النقاش؟ لا حديث إلا عن المال؟ وعند فتح باب التدخلات طلب الكلمة حوالي ثلاثين محاميا ومحامية حيث تراوحت التدخلات بين الدفاع عن العميد، واتهام أعضاء آخرين من مجلس الهيئة بمحاولات عرقلته لغايات انتخابية. وبين محمّل للعميد مسؤولية كاملة عن صرف مبالغ مالية رأوا فيها شططا كبيرا، ولم تقدر الوثائق المقدمة على الاقناع بشرعية وأحقية تلك الاتفاقات وعدد أحد المتدخلين الأيام التي قضاها العميد خارج البلاد بأكثر من ثمانين يوما، من مدة عشرة أشهر؟ وتعرّض عدد من المتدخلين الى انفاقات العميد، على غرار تكاليف السيارة، والهاتف ومصاريف أخرى بالملايين رأوا أنها مشطة جدا، مع التشديد على عدم المسّ من ذمة العميد بأي سوء. وفي إطار الدفاع عن العميد اعتبر عدد آخر من المتدخلين، أن ترويج حكاية سوء التصرف في أموال صندوق المحامين الهدف منها ضرب مؤسسة العمادة والمسّ من استقلالية المهنة وتضامنها. وبخصوص قرارات مجلس إدارة صندوق المحامين فإن الاختلافات كانت واضحة في تقييمها، حيث أكد البعض على عدم قانونيتها، واستشهدوا باستشارة قانونية مكتوبة للأستاذ الجامعي المختص في مادة القانون الاداري الأستاذ حافظ بن صالح، للتأكيد على عدم شرعية الرجوع في تفويض الامضاء الى العميد في حين قدم عدد آخر تفسيرات قانونية معاكسة للتدليل على شرعية تلك القرارات. وفي هذا الاطار فقد جاءت عدة تدخلات، داعية الى حسم المسألة عن طريق جلسة عامة خارقة للعادة، وهو ما كان دعا إليه العميد في إعلامه الذي أصدره مؤخرا الى عموم المحامين. انتخابات 2010 في البال! وبتحليل مشهد أجواء الجلسة العامة ليوم أمس، فإن ما حدث كان أقل من التوقعات، حيث انتظر عديدون أن تكون الفوضى طاغية، والصّيد كان من المنتظر أن توجه نحوه سهام النقد من كل حدب وصوب، لكن الأمر كان أقلّ مما انتظر ولا يتفاجأ بالمسألة من يعرف حنكة الصيد في الخروج من مثل هذه المآزق.. كما أن عدة تيارات تراجعت في تحرّكها ضد العميد وهو ما يعطي الانطباع بأنها بدأت تفكر في انتخابات 2010 في مختلف الهياكل، ومن العبث، كشف الأوراق مبكّرا. وتمّت المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي بأغلبية الحاضرين. نقلا عن جريدة "الشروق" الأحد 5 جويلية 2009 ، سليم العجرودي