للتوانسة: شريت آلة منزلية وظهر فيها عيب؟...هاو قدّاش تنجّم تاخذ تعويض    البرلمان ينهي المصادقة على 38 فصلا اضافيا ضمن قانون المالية    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    قرية رياضية صحية بلا تدخين تحت شعار "تونس تتنفس خير" يوم 6 ديسمبر 2025 بشارع الحبيب بورقيبة    السياحة الداخلية والحجز المبكر محور جلسة عمل بوزارة السياحة    بسبب رياح قوية..اضطراب مرتقب في رحلات "اللود" بين صفاقس وقرقنة    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    محرز الغنوشي يُبشر: ''امطار متفرقة متوقعة في هذه المناطق''    عاجل: مناظرة لانتداب ضباط صف أول لفائدة جيش الطيران...وزارة الدفاع توضّح    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    مشروع قانون المالية 2025: المصادقة على تسوية وضعيات إطارات عاملة بالبلديات والهيئات المستقلة    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    هل تشكيلة تونس اليوم باش تشهد تغييرات؟    بطولة انقلترا – آرسنال يتغلب على برينتفورد بهدفين ويستعيد فارق النقاط الخمس في الصدارة    وزيرة المالية: مشروع قانون خاص سيطرح قريبا على البرلمان لضبط آليات استعمال 'الدرون'    عاجل/ البرلمان يصوت على تسوية وضعية الأساتذة النواب..    بالتفصيل: الفصول التي صادق عليها مجلس النواب في جلسة الأربعاء    صابة الزيتون 2025 – 2026: وفرة مرتقبة... وأسعار تُربك الفلاح والمستهلك    كأس العرب 2025: برنامج مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    شمس ديسمبر    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    الفيفا تقلص فترة السماح الإلزامي للاعبين بالانضمام لمنتخباتهم بالكان    خلال ديسمبر 2025: تونس من أبرز الوجهات السياحية العالمية    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    المسروق يباع في الجزائر...مُهرّبون وراء عصابات سرقة السيارات    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    مونديال كرة اليد سيدات: المنتخب التونسي في المجموعة الثالثة بالدور الرئيسي الى جانب منتخبات فرنسا وهولندا والنمسا وبولونيا والارجنتين    عاجل/ إمرأة تضرم النار في جسدها بمقر هذه المعتمدية..    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    عاجل/ تصريح مدرّب فلسطين قبل مواجهة تونس    عاجل/ طالبان تكشف: مرتكب هجوم واشنطن درّبه الامريكان أنفسهم    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    3 مؤسسات عمومية تنتفع بالتجهيز بأنظمة فولطاضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاذلي القليبي يتحدّث عن الهادي نويرة
نشر في السياسية يوم 09 - 05 - 2010

القليبي: «نويرة أوّل من نظّم أشغال مجلس الوزراء، تنظيما يليق بدولة عصريّة»
صدر مؤخّرا للمؤلف محمّد الهاشمي عبّاس وبتقديم للأستاذ الشاذلي القليبي كتاب بعنوان: «بورقيبة ونويرة: ذكريات ومذكرات»تضمّن سردا مهمّا وموثّقا لعلاقة الرجلين على مدار سنوات طويلة.«الشروق»تنشر فصولا من هذا الكتاب ، وتشرع بنشر التقديم الّذي جاء على لسان الأستاذ الشاذلي القليبي والذي أوضح جوانب مهمّة جدّا من خصال وشخصية الزعيم الهادي نويرة:
«عرفتُ الهادي نويرة، معرفة مباشرة، بعد دخولي العمل الحكومي، في أوائل الستينات. قبل ذلك، كنتُ أراه عن بعد. وقبل الاستقلال، لمّا كنتُ أستاذا، ومسكني قرب نهج الباشا، فكثيرا ما كانت الطريق تجمع بيننا، ذهابا أو إيابا، من بعيد، دون تلاق.
المعروف، إذاك، عنه أنّه رجل فكر، واختصاصه الشؤون الإقتصاديّة والماليّة. وكان هذا الشأن يغلب على مقالاته التي ينشرها بصحيقة الحزب الأسبوعيّة التي عنوانها: Mission. وكانت مقالاته تستهوي النخبة التونسيّة، لِما تتّسم به من رصانة النهج، ودقّة التحليل، وبعد عن الصخب اللفظي الذي كثيرا ما يطغى على المنشورات الحزبيّة في ذلك العهد.
ورغم أنّه كان من «قادة الحزب»، فقد عُرف بأنّه متعفّف عن الحرص على الظهور، وأنّه ملتزم بولائه لرئيس الحزب، المجاهد الأكبر.
قبل الإستقلال، كانت تيّارات خفيّة تعتلج داخل صفوف «الدساترة». لكن الهادي نويرة كان بعيدا عنها جميعا، لا يُشارك في أيّ كتلة من الكُتل؛ ولا يبحث لنفسه عن أيّ مركز نفوذ.
لمّا دخلتُ الحكومة، أحسستُ بأنّ أغلب أعضائها لهم، بصورة ما، انتماء إلى كتلة. لكن الهادي نويرة من القلائل الذين لا همّ لهم في ذلك ، وأذكر أنّ ما جعل بيني وبينه بداية تقارب، مطالعته الكتب الأدبيّة. ثمّ كنتُ، منذ عهد الطلب، في باريس، أفضّل صحيفة Le Monde على غيرها. فاتّفق أن تحدّثتً، في شأنها، مع سي الهادي، فأكّد لي تميّز هذه الجريدة، لكن مضيفا أنّ جريدة Le Figaro لا تقلّ أهميّة.
فأردتُ أن أقف بنفسي على ذلك. فأقبلتُ على مطالعتها؛ فظهر لي أنّ في تقييم سي الهادي لها جانبا من الصحّة. فإن لم تكن تبلغ مستوى Le Monde، فمقالاتها مفيدة، أحيانا كثيرة.
وتحادثنا مرارا وتكرارا، في ذلك، وفي ما نقرأه من كُتب؛ ممّا أنشأ بيننا علاقة فكريّة، لم تكن بيني وبين سائر أعضاء الحكومة الذين عرفتُهم إذاك.
ثمّ الذي زاد هذا التقارب لحمة، ما التزمه الهادي نويرة من صمت وهدوء، أثناء «الفعفعة» التي قامت في أواخر سنة 1969، ضدّ التعاضد، والتي شارك فيها كلّ مَن هبّ ودبّ.
وأذكر أنّا كنّا يوما، في انتظار بدء اجتماع الديوان السياسي، فقال لي سي الهادي إنّ التشنيع بالتعاضد وبالرجل الذي كان مسؤولا عنه، ومحاكمة عدد من المسؤولين، والحطّ من قيمتهم في أعين الشعب، لم يكن ضروريا وقد تكون له انعكاسات على الهيبة التي ينبغي أن يُحظى بها، كلّ مسؤول، في المستوى القومي أو في النطاق الوطني.
ثمّ، لا بدّ للتاريخ، من ذِكر أمر له أهميّة، وهو أنّ الهادي نويرة، بعد اضطلاعه بمسؤوليّة الوزارة الأولى، أوقف موجة التنديد بسياسة التعاضد، الذي كانت البلاد سائرة فيه.
ثمّ، لمّا رجعتُ إلى العمل الحكومي، بعد نحو ثلاث سنوات، أذكر أنّ الهادي نويرة قال أثناء مجلس الوزراء، إنّ ما تيسّر إنجازه لحكومته، منذ نوفمبر 1970، فضل فيه يعود إلى ما أنجز خلال الستينات، من مشاريع كبرى كانت البلاد في حاجة أكيدة إليها.
كما أذكر أنّ الزميل منصور معلى أبدى أيضا، في أحد اجتماعات مجلس الوزراء، نفس الرأي.
وللتاريخ هنا، لابدّ أن أذكر أنّ الهادي نويرة هو أوّل من نظّم أشغال مجلس الوزراء، تنظيما يليق بدولة عصريّة، من حيث الدوريّة، ومن حيث الملفّات المقدّمة إليه، ومن حيث عرض القضايا، ومناقشتها.
وكان يحرص على سماع آراء المتدخّلين من الوزراء. بل، عند مناقشة قضايا يعتبرها أساسيّة، كان يطلب من كلّ أعضاء المجلس أن يُبدوا آراءهم، ولا يقبل أيّ استثناء في ذلك. ويتولى هو، في آخر النقاش، تلخيص الآراء المقدّمة، وغربلتها، وإبراز الأهمّ منها، داعيا المجلس إلى الموافقة على اعتمادها.
ورغم أنّه كان يُحسن العربيّة، فإنّه يرى أنّها ليست في متناول كلّ المسؤولين؛ وأنّ جديّة العمل تقتضي نوعا من الصرامة في القول ومستوى في النقاش. لذلك كانت الفرنسيّة لغة المجلس، حتى يتمكن كلّ عضو من تناول الكلمة بكلّ يُسر.
وللتاريخ أيضا، لم تكن حقبة السبعينات فترة هادئة، بالنسبة إلى أعصاب الهادي نويرة. فقد كانت مليئة بأنواع المشاكسة، وبنزعات عدائيّة، خفيّة تارة، وسافرة طورا، ضدّ شخصه، أو ضدّ سياسته.
وكانت المناورات الضديّة تتواتر لدى رئيس الدولة، لإقناعه بخلع «باي الأمحال» قبل لحظة الوراثة.
أذكر أنّي، في أواخر فيفري 1980، كنتُ مع سي الهادي، ومحمد الفيتوري، في مأدبة عشاء بالسفارة المغربيّة. وبعد تناول «الأتاي»، قام سي الهادي للخروج، وأشار إلينا بمصاحبته. وكان مسكنه إذاك، على مقربة من السفارة. فأخذنا «نتمشّى» معه، ذهابا وإيابا، في حديث طويل، دون أن يمسّ الموضوع الذي يشغل باله؛ وهو أنّه متوجّه صباحا إلى الجريد، لمقابلة رئيس الدولة، وما كان له من هواجس تتعلق بهذه المقابلة.
وفي الغد، صباحا، اتصل بي من أعلمني بأنّ سي الهادي أصيب أثناء الليل بجلطة دماغيّة، لم يُفق منها بعد».
نقلا عن جريدة الشروق الأحد 13 جوان 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.