التونسية (حاجب العيون) كلّما عادت المواسم الفلاحية و المدرسية تعود معها بشائر الاحتفال بالعادات الدينية التي كثيرا ما يحفل شهر سبتمبر من كل سنة . وفي هذا السياق تندرج ظاهرة الاحتفال ب «الزردة» التي يسعى الكثيرون إلى المحافظة على صلة التواصل التي تربطهم بأجدادهم وأولياء جهاتهم الذين يتمتعون بالعديد من المآثر والبركات والكرامات. وقد شهدت أخيرا منطقة «المناسة» التابعة لعمادة «دار الخريف» من معتمدية حاجب العيون احتفالا بزردة الوليّ « أحمد سيد الرحبة». «التونسية» كانت حاضرة في زردة الولي المذكور بأحواز منطقة المناسة حيث كان الوصول إليها صعبا نظرا لرداءة الطريق غير المعبدة التي توصل إلى مسجد الضريح وقد ناشدنا أهالي الجهة إبلاغ أصواتهم إلى الجهات المسؤولة بمصالح التجهيز والإسكان للإسراع بتعبيد هذه الطريق التي تتفرع عن الطريق الجديدة الرابطة بين حاجب العيون ومعتمدية نصرالله عبر منطقة الشطابرة . وحال وصولنا لاحظنا تواجد أعداد كبيرة من المواطنين غصت بهم ساحة المسجد التي عبقت بروائح البخور وقد امتلأت بزائريها الذين توافدوا عليها من مختلف الجهات . في حين توزع بقية الزوار داخل الخيام التي نصبت تحت ظلال شجر « الأكاسيا» في ساحة السوق التي نشطت بها الحركة الاقتصادية حيث تنوعت المعروضات بين أواني الفخار والبلاستيك وشتى أنواع التمور على غرار «البسر» باعتباره «سلطان الغلة» زمن الزردة الى جانب انواع مختلفة من الحلوى العربي إضافة الى حلقات المدائح والأذكار البدوية التي تتغنى بشمائل الرسول الكريم والتي كان ينشدها البعض من مشائخ الصوفية بالجهة وأبنائها القادمين إليها من مختلف الجهات وخاصة من ولاية صفاقس التي تتواجد بها أعداد كبيرة من أهالي «المناسة». إجابة على تساؤل يتعلق بأهمية الاحتفال بالزردة لدى أهالي المنطقة أفادنا السيد الحبيب المنيسي أن جميع الأهالي ينتظرون هذه الفرصة السنوية بهدف التلاقي والتزاور والاستمتاع بالسهرات الدينية التي تسبق يوم الاحتفال بالزردة الى جانب الخوض في الإعداد للموسم الفلاحي الجديد. وللتذكير فقد كان الجميع في بداية الاحتفال يقومون بذبح العجول والأبقار ولكن هذه العادة اقتصرت في السنوات الأخيرة على ذبح الخرفان والماعز حيث تقدم للضيوف موائد الكسكسي بلحم الماعز خاصة باعتباره من خصوصيات الجهة ذات الطابع الفلاحي . من جهته قال السيد صلاح الدين الشورابي احد الأئمة بالجهة إن مثل هذه الاحتفالية هي إحياء لذكرى أحد مشائخ التصوّف ملاحظا ان التسمية تختلف من مكان إلى آخر وان اسمها الحقيقي هو « الزيارة» وتسمّى «الكرامة» في الشرق و«الزردة» في بلادنا . وانها ليست سوى مولدية الشيخ احمد سيد الرحبة التي تتضمن قراءة القرآن وإنشاد قصائد في الصلاة على النبي عليه السلام وإطعام الطعام بواسطة الذبيحة التي يذكر عليها اسم الله مع الإبقاء على صلة الرحم . في حين لاحظ السيد الهادي المنيسي احد أبناء الجهة أن جامع الولي احمد سيد الرحبة يفتقد إلى التنوير والماء الصالح للشراب مناشدا السلط المعنية التدخل لتلافي مثل هذه النقائص باعتبار حجم الزائرين الذي بدأ يكبر من سنة إلى أخرى بعد ان عاد ل «الزردة» بريقها وإشعاعها وظلت المتنفس الوحيد بالجهة الذي تعول عليه كثيرا في تحريك النشاط الاقتصادي مع ضمان للفرجة التقليدية .