التونسية ( تونس) أنا نهضوي ولكن لا مكان للسياسة في المنظمة أقول للحكومة : اتّقوا غضب الفلاحين آن الأوان لإيقاف التمييز بين الفلاحة والقطاعات الأخرى قرارات توريد منتوجات فلاحية وخاصة أضاحي العيد ، الصعوبات التي يتعرض لها القطاع الفلاحي ودور المنظمة الفلاحية وسط الأزمة التي تعيش على وقعها البلاد منذ أشهر كانت أبرز المحاور التي أثثت الحوار الذي أدلى به عبد المجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ل «التونسية» والذي حذر فيه من غضب الفلاحين ومن سياسة الاقصاء والتهميش الموجهة ضد المنظمة ومن مغبة شق صفوف الفلاحين عبر الهياكل النقابية الموازية على حدّ تعبيره . رغم المعارضة الشديدة التي أبدتها المنظمة لقرار وزارة التجارة بتوريد أضاحي العيد نفذت الوزارة قرارها ... بماذا تفسر هذا التحدي هل هو استخفاف بالمنظمة؟ لا يمكن لأي طرف كان الاستخفاف بمنظمة في قيمة اتحاد الفلاحين ، نحن أنذرنا الوزارة وحذرنا من انعكاسات عملية التوريد على المربين وقطاع الماشية بصفة عامة ولكنها ذهبت في هذا الخيار وعليها أن تتحمل مسؤوليتها وتوابع هذه العملية. هناك من يعتبر ان وراء تمسك الوزارة بتوريد الخرفان صفقة استفادت منها بعض الأطراف حتى ولو كان ذلك على حساب المربين؟ أنا لا أتهم أحدا فقط أطرح السؤال: من المستفيد فلا أجد إجابة سوى أن المستفيد الوحيد هو المربي الاجنبي ولا أظن أن في ذلك نفعا أو مردودية للإقتصاد الوطني سوى خسارة العملة الصعبة في مثل هذا الظرف الاقتصادي الصعب.
نحن لن نسلّم في حقوقنا لمن يريد ضرب المنظومات عبر التوريد كما حصل سابقا مع اللفت السكري من قرارات مرتجلة ومتسرعة ولن تخدم الفلاحة في غياب نظرة استشرافية للقطاع. ألا ترى أن قصور المنظمة عن توفير إحصائيات حقيقية حول الانتاج في مختلف القطاعات هو الذي خلق هذه العلاقة الصدامية بينها و بين الأجهزة الرسمية خاصة كلما تعلق الأمر بالتوريد ؟ لا يمكن أن نتحدث عن علاقة صدامية مع الأجهزة الرسمية بقدر ما هو اختلاف وسوء تخطيط وتنسيق بين هياكل الدولة والهياكل المهنية. وهذا الأمر لا يعود إلى القصور فى توفير الإحصائيات لأننا بالنسبة ل «علوش» العيد قدمنا العدد التقريبي للقطيع الجاهز وهو 912 ألف رأس والمصالح الرسمية في وزارة الفلاحة تمتلك أيضا الإحصائيات ولكن هذا لم يحل دون التوريد وهو ما تم كذلك في صفقات أخرى شملت الحليب والبطاطا وغيرها ونحن هنا نريد أن نؤسس لعلاقة جديدة مع وزارات الإشراف يكون فيها للمهنة الكلمة الأولى باعتبار أن اهل مكة أدرى بشعابها خدمة للفلاحة وللاقتصاد الوطني عموما . الوزارة تمتلك «الباروماتر» لتحديد حاجات السوق ولكنها وقعت تحت ضغط الوسطاء والتجار والمستهلك هو الضحية. المسألة ليست إحصائية و وزير الفلاحة مقتنع بعدم التوريد ولكنه للأسف انحاز لزميله في الحكومة . يستغرب البعض من توتر علاقة المنظمة مع الإدارة والهياكل الرسمية رغم انتماء رئيسها إلى حركة «النهضة» فبماذا تفسر ذلك ؟ علاقتنا بالهياكل الرسمية غير متوترة هو فقط اختلاف في وجهات النظر في تسيير بعض الملفات ولكل طرف مصالح يدافع عنها لكن كان من المفروض أن نلتقي حول هدف موحد يخدم مصلحة الفلاحة كقطاع اقتصادي حيوي ويدفع الفلاحين نحو تطوير طرق عملهم ومردوديتهم لا أن نضرب قطاعات حيوية في الصميم عبر قرارات ارتجالية لا يستشار فيها أهل المهنة. هذا في ما يخص علاقتنا بالإدارة أما في ما يخص رئيس المنظمة الذي ينتمي للحزب الحاكم أود أن أؤكد أن اتحاد الفلاحين ليس له رئيسا بل الاتحاد مكتب تنفيذي وهياكل و مكتبنا يضم كل الحساسيات السياسية ولكن مع ذلك لا مكان لممارسة السياسة داخل المنظمة إذ نحن هنا لخدمة القطاع . لكن قرار مجلسكم الوطني الأخير بتنظيم تحرك احتجاجي كبير يوم 24 أكتوبر القادم دليل على أن الفلاحين مستاؤون؟ أولا لا بد أن أشير إلى أن الفلاحة هي القطاع الأقل حظا منذ الاستقلال فرغم أن السلطة اعتمدت طوال الستين عاما الماضية على خطاب أخرجت فيه الفلاحة على أنها العمود الفقري للاقتصاد الوطني والضامن الوحيد لأمننا الغذائي نجد الفلاحة اليوم كمن ينطبق عليه المثل القائل « مقدم في الحرب موخر في الراتب» وذلك سواء من حيث التمويل أو من حيث التشجيعات والحوافز في الاستثمار مما خلّف مجموعة من التراكمات أفرزت في النهاية قطاعا مصابا بأمراض مزمنة أرى أنه آن الأوان لمعالجتها بالطريقة الصحيحة. ثانيا نعم الفلاحون مستاؤون وغاضبون وأقول للسلطة احذروا غضب الفلاحين فهو من أصعب أنواع الغضب... نعم نحن لا نستطيع الدخول في اشكال احتجاجية مثل الإضراب بحكم طبيعة النشاط الفلاحي ولكن لنا أشكال احتجاجية مختلفة سنعتمدها لإحراج السلطة وتبليغ صوت الفلاحين وقد تقرر صلب المجلس الوطني تكوين لجنة ستشرف على الاعداد للوقفة والتعبئة وسيكون هناك تحرك هام بحجم أهمية القطاع وسيكون المشاركون فيه بالآلاف. وهذا التحرك ضد كل محاولات اقصاء وتهميش المنظمة و شق صف الفلاحين بدعوى التعددية النقابية والحال ان المنظمة الأكثر تمثيلية هي دائما الأكثر شرعية إلى جانب الاحتجاج على تهميش وتغييب صوت الفلاح ومنظمته في الحوار الوطني رغم أن مبادرة اتحاد الفلاحين كانت أقرب المبادرات للوسطية والاعتدال وصوت العقل . أعلنتم منذ مدة عن مبادرة تهدف إلى الابقاء على المجلس الوطني التأسيسي إلى حين استكمال المهام الأساسية الموكولة إليه ثم استقالة الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تتولى تسيير البلاد إلى ما بعد الانتخابات ولكن هذه المبادرة لم تلق صدى رغم أنها لا تختلف كثيرا عن المبادرة التي تتبناها المنظمات الراعية للحوار الوطني فهل هو تقصير من الاتحاد في فرض رؤيته أم هو عدم اعتراف بدوره كمنظمة وطنية قادرة على أن تكون في حجم اتحادي الشغل والأعراف؟ نحن نعتبر أن كل الأطراف تلتقي اليوم حول مبادرة اتحاد الفلاحين وحتى الاختلافات فهي في مسائل جزئية وبالنسبة لفرض رؤيتنا لحل الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد قمنا كمنظمة بمراسلة العديد من الأطراف السياسية منها من ردّ ومنها من لم يرد ، كما التقى المكتب بالعديد من القياديين من أحزاب «المسار» و «الجمهوري» و«المؤتمر» و«حركة وفاء» وقد تفاعلت هذه الأطراف مع مبادرة اتحاد الفلاحين. لكن في ما يخص التحاقنا بالرباعي الراعي للحوار أرى أن الرباعي لا يرغب في توسيع دائرة الاطراف المشاركة حيث لم تبد منظمتا الشغالين والأعراف أية استجابة للقائنا أو تشريكنا في المبادرة . ربما يعود هذا الموقف لإنتمائكم كرئيس منظمة لحزب حركة «النهضة»؟ هذا غير مستبعد بالمرة ولكن عبد المجيد الزار يمثل اتحاد الفلاحة والصيد البحري وهو منظمة وطنية عريقة لا تقل قيمة من حيث عدد منظوريها عن اتحاد الشغل واتحاد التجارة والصناعة ومبادرتنا غير متماهية بالمرة مع موقف حركة «النهضة». يبدو أن حركة «النهضة» حسب العديد من الملاحظين نجحت في وضع رئيس نهضوي في اتحاد الفلاحين لأغراض انتخابية بحتة وذلك للثقل العددي لمنظوري المنظمة؟ بداية اقول ان انتخابات مؤتمر اتحاد الفلاحين تمت في كنف الشفافية والرئيس بقطع النظر عن انتمائه الحزبي قادم من رحم المهنة ثم من المخجل أن نتحدث عن حاجة الحزب الحاكم للثقل العددي للفلاحين...فالفلاحون ليسوا قطعانا تساق إلى الانتخابات بأمر من رئاسة المنظمة وهذا الادعاء مردود على أصحابه وغير مقبول بالمرة التفكير بهذه الطريقة التي تستنقص من قيمة الفلاح التونسي الآن منظمتنا اكثر منظمة تعيش ديمقراطية في داخلها وتحقق اهدافها بعيدا على التجاذبات السياسية والخلفيات السياسية التي تمارس خارج أسوار الاتحاد . تحدثتم عن «أمراض مزمنة» في القطاع الفلاحي ما هو المرض العضال الذي يتهدد فعلا فلاحتنا اليوم؟ اعتقد أن المديونية هي المرض العضال للقطاع الذي أدى إلى تراجع الإنتاجية في العديد من القطاعات وفتح هذا الملف يحتاج إلى قرار سياسي جريء لمعالجته معالجة نهائية بالطرح النهائي لديون الفلاحين التي تقل عن 5 آلاف دينار و طرح فوائض الديون والتي تتراوح بين 5 و10 آلاف دينار وأرى أن هذا القرار الذي تناضل المنظمة من أجله حاليا سيعطي دفعا جديدا للقطاع الفلاحي وسيمكن من إعادة إحياء النشاط الفلاحي لدى صغار المزارعين المربين المكبلين بالديون والتي يعود بعضها إلى الستينات . ديون القطاع الفلاحي لا تساوي شيئا أمام مديونية القطاع السياحي أو الصناعي فأصل الدين في القطاع الفلاحي لا يتجاوز 1000 مليون دينار والذي بلغ حاليا 2074 مليون دينار بسبب تراكم الفوائض ومع ذلك تتمتع قطاعات اخرى بتمويلات بنكية مقابل حرمان الفلاح منها وهو الذي يناضل سنويا من أجل الحصول على قرض موسمي لتمويل فلاحته، وأرى أنه آن الأوان للتخلص من عقلية التمييز التي كرستها الأنظمة السابقة والتي أدت إلى تأخر القطاع الفلاحي مقارنة بالفلاحة في بقية البلدان المتوسطية . و نحن حاليا بصدد التحضير لندوة وطنية حول مديونية الفلاحة في غضون الاسبوعين القادمين سندعو إليها كل الاطراف المتدخلة في المديونية لايجاد الحلول والصيغ الكفيلة لمعالجة هذا الملف نهائيا . كسياسي هل ترون أننا قادرون على الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد في الأيام القريبة وبأخف الأضرار؟ أنا اقول أنه لا يخشى على التونسيين مهما اختلفوا من الفتنة والتقسيم والأخطار التي تهدد شعوبا أخرى كما لا نخشى عليهم من المنزلقات الخطيرة لأن نقاط الالتقاء بينهم كثيرة كما أني متفائل بالخروج من الأزمة في وقت قريب وبأحسن الحلول وكل ما يدور في الساحة السياسية حاليا وكل التجاذبات بين الأحزاب تندرج في إطار الحملة الإنتخابية لا غير . هل ترى أن حركة «النهضة» بعد كل هذه الهزات قادرة على تحقيق الفوز في الانتخابات القادمة ؟
لا أحد يستطيع التكهن بنتيجة الانتخابات القادمة فالتونسي بطبعه متقلب ولا يستقر على رأي سياسيا كما أنه لا يصرح بحقيقة نواياه السياسية . ألا تخشى على حركة «النهضة» من السيناريو المصري ؟ المشكلة في مصر تم تصويرها بطريقة خاطئة على أنها تصادم بين الإخوان والجيش أو الرافضين للاخوان ولكن الحقيقة تختلف عن ذلك كثيرا والخاسر الأكبر في هذا السيناريو سيء الاخراج هي مصر .