فجأة.. ورغم أننا مازلنا في بداية الموسم الدراسي أطلّ علينا رجال التعليم بفزّورة العادة لما انطلقوا يتهافتون ويتسارعون في اصطياد تلاميذهم وترويضهم قصد متابعة الدروس الخصوصية لديهم في منازلهم بين المطابخ والمستودعات وفي أحسن الحالات في قاعات الجلوس أو بيوت « العولة»... الدروس الخصوصية تشمل التلاميذ من مستوى السنة الأولى ابتدائي وصولا إلى تلاميذ السنة الرابعة من التعليم الثانوي ممنّ يستعدّون لاجتياز شهادة الباكالوريا... نعم.... تلميذ السنة أولى في خطوته الأولى مجبر على تلقي الدروس الخصوصية بمنزل «انسته» يوم السبت وهو يوم راحته الأسبوعية وهو يطبق أمرها خوفا من العقاب رغم أنه مازال غضا طريّا ذهنيا وبدنيا وأوامر المعلّمة سيف يضرب الأعناق فتطيعه قسرا... أما بقية المستويات فيجد التلاميذ أنفسهم بين مفترق الطرقات بؤدي إلى ثلاثة معلمين... معلم مجال العلوم ومعلم مجال اللغة العربية ومعلم مجال الفرنسية... وكل واحد يصرّ ويلحّ بل يجبر اختياره دون غيره من المعلمين.. و يترواح سعر الدروس الخصوصية التعليم الابتدائي بين 25 و 45 دينار للمعلم الواحد... أما في في التعليم الثانوي فالتلاميذ يرون في الدروس الخصوصية شرا لا بدّ منه باعتبار أن علاقتهم بأساتذتهم وبأعداد الفروض والاختبارات تحكمها مثل هذه الدروس التي تهم الرياضيات والفرنسية والفيزياء والأنقليزية والفلسفة والعربية وهي بمثابة المواد الرئيسية للشعب الأدبية والعلمية. علما بأن وزارة التربية تعوّدت في مستهل كل سنة دراسية على إرسال منشور إلى ادارات المؤسسات التربوية ينظم هذا النشاط ويحدّ من فظاعته وخطورته وانحرافه... وأمام هذا الموقف المضحك المبكي ليس لنا إلاّ أن نطلب على لسان الأولياء من رجال التعليم أن يتقوا الله في أبنائنا بعد أن أثقلت الدروس الخصوصية ميزانية العائلة خاصة التي تضم 3 أو 4 أبناء يدرسون بين الإبتدائي والإعدادي والثانوي لما يصل السعر الجملي لهذه الدروس إلى مبلغ مالي لا يقل عن 150 دينارا في ادني الوضعيات تزيد العائلات نكدا واحتياجا وقلقا.