بعد التوقيع على خارطة الطريق انتقلت الاحزاب السياسية الى المرحلة الثانية بعقدها جلسة ترتيبية للاعداد للحوار الوطني بمقر المجلس الدستوري بباردو بحضور ممثلين عن الاحزاب الموقعة على خارطة الطريق وعدد من مكونات المنظمات الأربع الراعية للحوار لوضع اللمسات الاخيرة والاتفاق على الاجراءات الترتيبية ولضبط طريقة وأسلوب عمل جلسات الحوار وتحديد المواضيع التي سيقع مناقشتها والتطرق إليها, على ان تنطلق اولى جلسات الحوار اما يوم الخميس أو الجمعة على اقصى تقدير . و قد اتفق الفرقاء السياسيون على عدم ادخار اي جهد لانجاح الحوار والتوصل الى تشكيل حكومة كفاءات مسنودة من جميع الاحزاب في اجل اقصاه 3 اسابيع للخروج من الازمة السياسية والاقتصادية, مؤكدين العزم على عقد الجلسات وتنظيم الاجتماعات بصفة يومية صباحا ومساء وحتى يوم الاحد, «نظرا لدقة المرحلة التي تمر بها بلادنا والمفتوحة على أسوأ السيناريوهات حسب تعبير عدد من الاطراف السياسية. وقد انتقدت أمس الاحزاب المعارضة وخاصة مكونات جبهة الانقاذ البيان الصادر عن مجلس شورى «النهضة» الذي أكد على ضرورة مواصلة الحكومة الحالية أعمالها الى حين انتهاء المجلس التأسيسي من مهامه التأسيسية والتوافق على حكومة جديدة ملتزمة بأهداف ثورة الحرية والكرامة,معتبرينه خطوة الى الوراء وحجر عثرة في طريق التوافق والتفاهم حول مصلحة البلاد والعباد , فيما قلل شق آخر من أهمية بيان المجلس مؤكدين انه لا يلزم خارطة الطريق في شيء بعد ان وقّع راشد الغنوشي رئيس الحركة على ما تضمنته الخارطة. ترتيبات وجدول أعمال اعلن «فاضل محفوظ» عميد المحامين والناطق الرسمي باسم المنظمات الرباعية الراعية للحوار ان الجلسة الترتيبية ستعقد اليوم بمقر وزارة حقوق الانسان لاستكمال النقاشات ثم اعداد جدول اعمال جلسات الحوار بين الاحزاب الممضية على الخارطة. و اوضح محفوظ أنّه تم التطرق خلال الجلسة الاولى إلى جملة من المواضيع المتعلقة بالأمور التنظيمية والترتيبية وبكيفية التعامل مع الصعوبات التي قد تعترض جلسات الحوار, مضيفا انه سيتم الاعلان عن الانطلاقة الفعلية للحوار بحر الاسبوع الحالي (الخميس او الجمعة على اقصى تقدير). عودة الى نقطة الصفر شجبت «مية الجريبي» في تصريح للصحفيين المرابطين داخل مقر المجلس الدستوري البيان المنبثق عن مجلس الشورى وقالت انه يتنكر لتوقيع «راشد الغنوشي» رئيس حركة «النهضة» على بنود ومفردات خارطة الطريق من اهمها فك الارتباط بين المسارين الحكومي والتاسيسي واستقالة الحكومة بعد 3 اسابيع وانهاء اعمال المجلس الوطني التاسيسي للدستور بعد 4 اسابيع . واعتبرت الجريبي ان البيان خطوة الى الوراء وعودة الى نقطة الصفر وتنكر لمبادرة الرباعي مؤكدة انه سيتم مناقشة البيان مع المنظمات الراعية للحوار وصلب جبهة الانقاذ للنظر في كيفية التعاطي مع هذا الرفض النهضوي. من جانبه اوضح «محمد الحامدي» القيادي بحزب «التحالف الديمقراطي» ان بيان مجلس الشورى مخالف لما امضى عليه رئيس حركة «النهضة» وما جاءت به خارطة الطريق, قائلا: «قد افهم ان بيان مجلس الشورى موجه الى قواعد «النهضة» والحال أن «النهضة» مطالبة بتوضيح هذا اللبس...». ووصف الحامدي البيان بانه تراجع الى الوراء يمكن ان يلقي بظلاله على الحوار الوطني مطالبا «النهضة» بالمحافظة على التزاماتها لتبديد الشكوك التي قد تحوم حول نواياها. وبين الحامدي انه تم التطرق خلال الجلسة الاجرائية الى كيفية تنظيم الجلسات صباحا أو مساء ومكان تناول وجبة الغداء للمشاركين في الحوار وإلى موعد انطلاق الجلسات الفعلية, مضيفا ان الجلسة لم تناقش اي مضمون سياسي الى حين مغادرته قاعة الجلسة وأنها اقتصرت على مسائل ترتيبية لا غير . بيان «الشورى» لا يعنينا إلى جانب ذلك أبدى عدد من السياسيين امتعاضهم من بيان مجلس الشورى فيما أكد البعض الاخر ان البيان لا يلزم المنظمات الراعية للحوار في شيء. وفي هذا الاطار اوضح الطاهر هميلة عن «حزب الإقلاع» ان توقيع راشد الغنوشي على خارطة الطريق وقبوله بها اهم عنده من البيان, قائلا: «بيان الشورى وموقف حركة «النهضة» في الشارع لا يعنينا...», مضيفا ان الاحزاب السياسية منهمكة في النظر في شكل الحكومة القادمة وعازمة على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في اشارة الى رئيس الحكومة المرتقبة. ومن جهته اشار محمود البارودي عضو التحالف الديمقراطي الى ان بيان «النهضة» يتنزل في خانة المناورة السياسية , ملمحا الى ان البيان لن يؤثر في تقدم جلسات الحوار والتوجه نحو حلّ توافقي.ومن جانبه قال «بوعلي المباركي» الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل في تصريح صحفي في وقت سابق أن بيان «النهضة» المنبثق عن اجتماع مجلس الشورى «هو شأن داخلي لا يعنينا وهو يعبر عن مواقف موجهة لهياكل الحزب الداخلية». واكد المباركي أن حركة «النهضة» ممثلة في رئيسها قد أمضت على خارطة الطريق وعبرت عن استعدادها للمشاركة في الحوار وهي ملزمة اليوم بها مضيفا «كان بإمكانها ألّا تمضي على هذه الوثيقة». «النهضة» عازمة على انجاح الحوار من جانبهما أوضح القياديان بحركة «النهضة» «عامر العريض» رئيس المكتب السياسي و« عبد الحميد الجلاصي» نائب رئيس الحركة ان حزبهم عازم على انجاح الحوار الوطني مؤكدين ان حضورهم في اولى الجلسات الترتيبية اكبر دليل على نية الحركة الوصول بالحوار الى بر الامان . و اوضح الجلاصي ان الرباعي الراعي للحوار وبالتعاون مع حركة «النهضة» سيأخذ على عاتقه مهمة الاتصال بالاحزاب التي قاطعت الحوار ودعوتها للجلوس الى طاولة المفاوضات,مضيفا ان حزبه يسعى الى تشريك مختلف الحساسيات السياسية في الحوار الوطني خاصة الممثلة في المجلس التاسيسي نظرا إلى أهميته. لا حوار مع «الحمار» تزامنا مع انطلاق الجلسة الترتيبية الاولى للحوار الوطني نظم انصار حركة «النهضة» وعدد من رموز رابطة حماية الثورة في مقدمتهم «عماد دغيج» وقفة احتجاجية امام مقر المجلس الدستوري للتعبير عن رفضهم لمبادرة الحوار الوطني وتمسكهم بالحكومة الحالية باعتبارها مصدر الشرعية. وردد المحتجون البالغ عددهم حوالي 15 نفرا شعارات من بينها: «لا حوار مع الحمار» و«لا حوار ولا حرية مع العصابة الدستورية» و« يسقط جلاد الشعب يسقط حزب الدستور» و«أوفياء لا تجمع لا نداء», كما رفع المحتجون «ديقاج» في وجه حسين العباسي امين عام اتحاد الشغل , الذي رفض أثناء مغادرة موكبه مقر المجلس الدستوري الإدلاء بأي تصريح داعيا الصحفيين التوجه إلى عميد المحامين للاجابة على استفساراتهم. وقد انتشرت وحدات امنية من مختلف الاختصاصات والاصناف بمحيط مقر المجلس الدستوري لتامين الجلسة الترتيبية الاولى .