التونسية (تونس) أكدّت مصادر مطلعة ل«التونسية» انه تم تسجيل حالات عودة لمجاهدين مؤخرا من سوريا، وكشفت مصادر رسمية ان مسألة «العودة» موجودة رافضة الكشف عن العدد الحقيقي للعائدين مكتفية بالقول انهم بالعشرات، ونفت مصادر من وزارة الداخلية ل»التونسية أن يكون العدد في حدود 300 حسب ما تم تداوله. ودعت بعض المصادر إلى الإستئناس بتجارب مقارنة وفتح مراكز لتأهيل هؤلاء الشباب، وأشارت إلى ان «السعودية» خصصت فضاءات للعائدين من «غواتانامو». لكن أمام تنامي المخاوف من «المجاهدين العائدين» خاصة ان الكثير منهم تدرّب على حمل السلاح والقتال إلى جانب أنّ البعض منهم يحمل فكرة «الجهاد» فإن سؤالين يطرحان بإلحاح: ماذا أعدت الدولة لهؤلاء؟ وكيف سيتم إعادة إدماجهم في المجتمع؟ وتجدر الإشارة إلى انّ قاتل عون الحرس في منزل بورقيبة هو من العائدين حديثا من سوريا ويبلغ من العمر 21 سنة ،كما أن مرافقه الذي هو في حالة فرار كان قد جاهد أيضا في الشام. ويبدو ان المخاطر ستبقى قائمة أمام غياب الإحاطة والتأهيل وعدم توفر مراكز مخصصة لاستقبال «المجاهدين» الذي قرروا العودة الى تونس. حلول ومقترحات وقال «شهاب اليحياوي» مختص في علم الإجتماع ان عودة الشباب التونسي الذي سافر الى سوريا ل«الجهاد» تطرح إشكالات إضافية ومخاطر جديدة ستثقل كاهل البلاد وأنّه لذلك يتوجب على الدولة وعلى المجتمع المدني ان ينتهجا استراتيجية عقلانية تقطع مع التعاطي الأمني الأوحد (بالنسبة للأجهزة الرسمية) أو مع الرفض والاقصاء والدعوة احيانا الى ممارسات اعتقدنا انها انتهت ( من قبل هيئات وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ). وحسب محدّثنا تتمثل هذه الاستراتيجية في بعدين أساسين: أولا استقطاب فوري ومباشر للعائدين من أرض التقاتل (سوريا) نتاج تغيّر حاصل في قناعاتهم بجدوى الانخراط في موجة التجنيد للجهاد في سوريا بفعل ما لاحظوه على أرض الواقع من انحرافات وتجاوزات وممارسات. ودعا محدّثنا إلى ان تتمّ معالجتهم وإعادة إدماجهم في المجتمع عبر الإحاطة النفسية والمادية والاجتماعية والدينية من قبل أهل الاختصاص بإشراف حكومي أو بمبادرة من المجتمع المدني . وأكدّ على ضرورة توظيف توبتهم - ان صحت العبارة - وتغيير قناعاتهم في اتجاه تصحيح مفاهيمهم وتسهيل عودتهم إلى الحياة الطبيعية بعيدا عن التتبّع والتضييقات الأمنية. وقال انه لا بد من إخضاع العناصر التي لم تعبرّ عن ندمها او تراجعها او اعتذارها لمحاسبة قضائية غير انتقامية ومن ثمّ يتحملون المسؤولية الجزائية عن خرقهم للقانون عبر الهجرة غير القانونية وممارسة اعمال ارهابية خارج ارض الوطن. وأكدّ على ضرورة اعداد استراتيجية إحاطة ومتابعة نفسية ودراسة أسباب جنوحهم للعنف وإخضاعهم لمتابعة دورية من قبل اطباء نفسيين ،واجتماعية بعدم فصلهم نهائيا عن أسرهم والسماح بالزيارات الروتينية والمراقبة ، ودينية عن طريق (تكوين ديني معتدل) اثناء قضائهم للعقوبات المستوجبة قضائيا . وأكدّ ان الحلول الأمنية وان كانت واجبة وضرورية لتحقيق الردع والوقاية إلى جانب الاجراءات القضائية بفعل وجود خرق للقوانين، فإن التعامل مع الظاهرة خارج البعد العقلاني الذي يستوجب استثمار هذا التراجع لدى البعض والهروب لدى الآخر لتعبئة كل الوسائل المعنوية والمادية لتغيير نظرتهم لأنفسهم وللآخرين ولإحياء مفاهيم المواطنة والتعايش السلمي والقبول بالآخر لديهم ،وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي يحملونها والتي تشكل الأرضية الفكرية الدافعة لسلوكهم .