التونسية (تونس) كنا قد أعلنا بعدد أمس أن رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي هو الذي سيحسم في إسم رئيس الحكومة القادم وكشفنا كذلك أن عبد الكريم الزبيدي رفض الدخول في سباق «البرايم» الحكومي لأسباب مبدئية متعلقة بعلاقته بالمرزوقي وعدم قدرته على العمل معه. هذا المعطى مهم جداً في المسألة باعتبار أن الوضع لا يحتمل التأخير نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي ويبدو أن هذا الأمر سيجعل الطريق مفتوحا على مصراعيه أمام جلول عياد رغم «الفيتو» الموجود، إلى حدّ الآن من طرف «الجبهة الشعبية»، وهذا الأمر سيجعل الأعين تتوجه بداية من هذه اللحظات لتحديد موعد الحسم واتخاذ القرار النهائي رغم إمكانية وجود اعتراضات لكن قد ينجح الرباعي في إقناع جميع الأطراف بالقبول بجلول عياد كحل لا بد منه رغم عدم التوافق الكامل حوله. المعطيات التي بحوزتنا تؤكد أن جلول عياد يحظى بموافقة «الترويكا» و«الجمهوري» و«آفاق تونس» و«التحالف الديمقراطي» كما أن «نداء تونس» لا يرى مانعا وكذلك الشأن لأحزاب «المبادرة» و«الاتحاد الوطني الحر» و«حزب الحرية والكرامة» للعجرودي لكن الإشكال يبقى في موقف «الجبهة الشعبية» التي تشترط القبول بعبد الكريم الزبيدي أو مصطفى كمال النابلي . السؤال المطروح اليوم هو متى يتم الحسم وإنهاء هذا التشويق والإعلان عن المرشح لرئاسة الحكومة؟ العقل والمنطق يقولان إن المرشح القادم يجب أن يكون أولا محلّ موافقة من «النهضة» ورئاسة الجمهورية. هذا المنطق يحتاج أيضاً إلى توافق وطني وهذا التوافق لن يحصل دون جبهة الإنقاذ وخاصة «الجبهة الشعبية» التي واجهت الاغتيال لقياديين سياسيين كبيرين لذلك فإنه يفترض من الطيف السياسي مراعاة هذا المعطى الرئيسي للأزمة السياسية الخطيرة التي تمر بها البلاد والتي قد تعصف بأحلام التونسيين بأسرهم إن لم يتم الإعلان عن رئيس الحكومة خلال الساعات القليلة القادمة. هذا القرار سيكون الأخطر لكنه الأصلح للبلاد وعلى الجميع التنازل والقبول بلعبة السياسة التي لا يوجد فيها غالب دائماً ومهزوم دائماً لكن توجد، دائما، مصلحة البلاد ، والتي تتطلب الحسم والموافقة الرسمية على إيجاد اتفاق بين الفرقاء السياسيين على رئيس حكومة وفي نفس الوقت إيجاد اتفاق ثان على الحقائب الوزارية يخلق به توازنا حقيقيا في السلطات حتى تكون الحكومة حكومة كفاءات حقيقية وليست حكومة «ترويكا» جديدة. كل هذه العقبات هي التي كبلت الرباعي الراعي للحوار الذي قبل الانتقادات والهجومات من كل حدب وصوب بل إنه تغلب أيضاً على ضغط داخلي. لقواعده التي تريد من قياداتها الالتفات إلى الوضع الداخلي وإلى مطالب منظوريها لكن المنظمات الوطنية الزمت بالمسار الذي قطعته على نفسها وتغلبت على العديد من الأوجاع من أجل مصلحة البلاد قبل مصلحة منظماتها.