*من موفدنا الخاص إلى دبي- مالك السعيد أعلن مهرجان دبي السينمائي أن 40% من الأفلام المشاركة في دورته العاشرة بإمضاء نسائي، وهذا ما يجعل المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم تقدماً في هذا المجال، وعلّق المدير الفني للمهرجان مسعود أمر الله آل علي على هذه" الظاهرة" قائلا: "من المعروف، حول العالم، أن أغلب أعمال السينما تعود لمخرجين، والدليل على ذلك أن أول مخرجة حصلت على الأوسكار هي كاثرين بيغيلو، وكان ذلك في 2010، وذلك بعد قرابة قرن على ولادة السينما. إن جوائز "دبي السينمائي" وبرامج التمويل تستند إلى المعايير المُتعارف عليها، من قصص مُبتكرة، وميزانيات محددة، وإبداع تقني. وليس لجنس السينمائي أيّ دور في ذلك. وعلى الرغم من أننا نقع في هذا الجزء من العالم الذي يتميز بالكثير من العادات والتقاليد التي تمنح الرجل الكثير من الحقوق، إلا أن النصف الناعم من مجتمعنا قد أظهر تفوقاً على نظرائه في باقي أجزاء العالم الأخرى، في فرع من الإبداع الفني هو الأكثر والأوسع انتشاراً وشعبية، وهو صناعة الفن السابع." ، يذكر أن العديد من المبدعات السينمائيات العربيات برزن، في السنوات الأخيرة، على الساحة السينمائية العربية والعالمية، مثل اللبنانية نادين لبكي "هلأ لوين"، أحد الأفلام العربية التي حققت أعلى الإيرادات، وكذلك السعودية هيفاء المنصور "وجدة"، وهو أو عمل سينمائي سعودي من أعمال أول مخرجة سعودية، يشترك في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي. وكان فيلم "صمت القصور" لمخرجته التونسية مفيدة التلاتلي قد حلّ في المرتبة الخامسة ضمن قائمة ال100 فيلم، التي أصدرها "مهرجان دبي السينمائي الدولي"، قبل انطلاق الدورة العاشرة، ضمن كتاب بعنوان "شغف السينما: قائمة مهرجان دبي السينمائي لأهم 100 فيلم عربي"،أعذه الناقد الروائي زياد عبد الله نتيجة لاستفتاء على أهمّ الأفلام في تاريخ السينما العربية، شارك فيه أكثر من 475 من نخبة النقّاد، والمخرجين، والكتّاب، والروائيين، والأكاديميين، وخبراء صناعة السينما من كافة أرجاء العالم العربي والغربي. ويشهد "مهرجان دبي السينمائي الدولي" العاشر هذا العام العديد من الأفلام من إخراج سينمائيات، التي تدور حول قضايا النساء، مثل الوثائقي الفلسطيني، "حبيبي بيسّتَنّاني عند البحر" للمخرجة ميس دروزة، الذي يغوص إلى أعماق مشاعر الحبّ والانتماء، وكذلك، فيلم المخرجة ساره اسحق "بيت التوت" الذي يتناول المتغيرات التي طرأت على علاقة المخرجة بوالدها في المجتمع اليمني، وكذلك الفيلم اللبناني"وينن" المدرج في مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة ويسرد الفيلم قصص ست نساء لبنانيّات من مختلف الأعمار، تعيش كل واحدة منهن انتظار عودة رجل اختفى أو اختطف أثناء الحرب الأهلية. تدور أحداث الفيلم في يوم واحد يسبق يوم اعتصامهن في ساحة البرلمان في بيروت، تداعين للمشاركة فيها للمطالبة بكشف مصير أحبّائهن، ولإعادة إحياء قضيّتهن. تتمركز حياة كل امرأة من النساء حول رجل فُقد أثناء الحرب سواء كان ابناً أو أخاً أو زوجاً أو حبيباً، والفيلم من إخراج جماعي لكل من جاد بيروتي, زينة مكي, سليم الهبر, طارق قرقماز, كريستال اغنيادس, ماريا عبد الكريم و ناجي بشارة. كارول، فقدت أباها في الحرب وهي تسخّر جزءا من حياتها لتعبئة الرأي العام من خلال جمعية مهتمة بالموضوع هي التي دعت للاعتصام أمام البرلمان . العجوز لطيفة، تنتظر إبنها ولا تصدق انه قد لا يعود ولذلك تترك له الباب مواربا وتملأ له صحنه على طاولة الغداء كل يوم . تقلا، مدرّسة لم تتزوج بعد رغم تقدمها النسبي في السن، فقدت شقيقها الذي علّمها الحياة . ديامان، فقدت أباها وهي في السابعة من عمرها . كارمن ، زوجها غائب منذ سنوات، كان يملأ حياتها فهو الرفيق والصديق والأخ، لذلك تعاشر رجلا لا يشبهه حتى تخفف عبء "خيانتها" له، لا تريد لأحد أن يسدّ غيابه ... وندى، زوجة النائب بالبرلمان الذي يلمع صورته باستغلال قضية المفقودين دون أن يكون مؤمنا بالقضية من الأساس ، تشارك زوجته في الاعتصام من أجل أستاذها" يوسف" الذي كانت تحبه "كان مخه يوزن بلد" ... نكتشف في النهاية ان كل هؤلاء النساء يشاركن في الاعتصام من أجل رجل واحد هو "يوسف" فهو الإبن والأب والزوج والشقيق والحبيب... هو واحد من 17 ألفا من مفقودي الحرب الأهلية اللبنانية ...فهل يستوعب اللبنانيون الدرس أمام التوتر الدائم في طرابلس؟ ومن العراق قدّم حيدر رشيد فيلما روائيا قصيرا بعنوان "القاع"، بطولة ممثل تونسي مقيم بروما هو محمد الزواوي ، لم تنتبه إليه عيون مخرجينا إلى حد الآن، يسرد الفيلم بصريا قصة شاب عراقي عاشق لكرة القدم، يرتدي قميص المنتخب البرازيلي وهو يتفاعل مع نصر العراق كرويا بكأس الأمم الأسيوية، لم يبق للعراق من نصر سوى في ميدان الكرة، واقع العراق مؤلم ولكي تحيا عليك أن تقتل الآخر، ولكن الشاب الحالم بكرة القدم يعجز عن القتل ويقرر الهرب خارج العراق، يختزل مشهد عناق الأم تعلق الفتى بوطنه وأهله وذكرياته رغم بؤس الواقع، وبتزاوج عجيب يمزج حيدر رشيد بين الصورة السينمائية ونسق أداء الممثل والموسيقى التصويرية، ولا عجب فحيدر هو الماسك بزمام الأمور فهو المايسترو لا ينازعه احد في فيلمه فهو المنتج والسيناريست والمخرج والمونتير ... لا سبيل للخروج من العراق إلا خلسة، يتسلل تحت شاحنة ويلتصق بها مرفوقا بتعويذته حاملة مفاتيح في شكل كرة قدم، يحاول الشاب العراقي ان يغير حياته، لم لا يكون مثل اللاعب الشهير يونس محمود؟ لا شيء يمنع؟ فكرة القدم هي التي تهدي الحياة والإبتسامة للعراق وأهله ... ينتهي الفيلم بآثار دماء على كرة حاملة المفاتيح ولا اثر للفتى ... ماذا كان مصيره؟ على المشاهد ان يؤول بنفسه؟ "القاع" نموذج سينمائي جدير بالتنويه ولا عجب في تتويجه في مهرجان دبي السينمائي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم القصير ، و حيدر رشيد ليس فقط إبن عرفان رشيد الصحافي والمسرحي والسينمائي ومدير البرمجة العربية في دبي السينمائي، بل هو قبل ذلك مخرج يعرّف بمنجزه السينمائي وهويته البصرية. ومن مصر قدم أحمد نور فيلم "موج" عن مدينة السويس، بلد "الغريب" و مدينة الموج والغربان والقنال (قنال السويس) التي إنطلقت منها ثورة 25 يناير(جانفي) التي اطاحت برأس نظام مبارك ، والسويس هي شعلة الثورة المصرية ففيها اسقط اول قسم شرطة وفيها سقط اول شهداء الثورة ، يمزج احمد نور بين السياسي والذاتي ليجعل من فيلمه قصة إنسانية تواكب مولد حلا الطفلة الصغيرة في عائلته، تستحم حلا لأول مرة يوم سقوط مبارك وكأن مصر تغتسل من ادرانها القديمة، ولدت حلا شهرا قبل الثورة ، في مدينة الغربان ونظام مبارك إهتم بالمسألة وحباها بعنايته الموصولة فقد تم قنص مائة الف غراب سنة 2010 من طرف منتحب الرماية المصري، كان قتل الغربان وتصفيتها حلاّ نموذجيا لتراكم الزبالة بالمدينة ، ويسأل المخرج خلال فيلمه اليس غريبا ان مبارك لم يزر السويس ولا مرة واحدة خلال سنوات حكمه الطويل؟ يبحث عن إجابة لهذا الموقف الغريب فينتبه إلى رواية شعبية مفادها ان عرافة انبأت مبارك بأن نهايته ستكون في السويس ولذلك لم يزرها خوفا من شؤم النبوءة ... ما الذي تغير بعد الثورة؟ لم يتغير الشيء الكثير في مدينة الكابتن غزالي احد ابطال المقاومة الشعبية خلال الفترة الفاصلة بين حربين 1967-1973 وهاهو غزالي يعيش على ذكرياته شاعرا ورساما اما المستقبل فللصغيرة حلا لتبني بيتا من رمل ...