حتى يكون الدستور المنتظر حصنا منيعا لحقوق وحريات المرأة, نظمت أمس جمعيات من المجتمع المدني تحركا احتجاجيا أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي بالعاصمة لتقديم بعض المقترحات لتعديل عدد من فصول مشروع الدستور الجديد وعرضها على أنظار نواب الشعب قصد الاستئناس بها. وشددت الحاضرات على ضرورة ان يكون الدستور الجديد خطوة فارقة فى حياة كل امرأة تونسية حتى يكون مفخرة تونس الثورة وحتى يكون حامي الجنس اللطيف بعد ارتفاع معدلات الانتهاكات والتحرشّ والعنف المسلط على المرأة ولتجاوز حالة التمثيل الهزيل للمرأة الذي كان سائدا زمن بن علي وحتى يتواكب مع مدى مشاركاتها في مجالات الحياة حسب تعبيرهن. وأوضحت المحتجات ان الحقوق والحريات التي ينادين بها لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية باعتبارها لا تشجع على التبرج والتفسخ كما يعتقد البعض, وطالبن بألاّ يتعارض الدستور الجديد مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يعتبر أرقي ما وصلت اليه البشرية من تعهدات لضمان حياة كريمة للانسان حسب قولهن مضيفات ان لكل إنسان ( المرأة والرجل ) حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز او استثناء , وصدحت حناجرهن: «المساواة في الحقوق والواجبات...» و«نساء بلادي نساء ونص...» و«المرأة التونسية لن تتنازل عن القضية...» وأكدن ان لجميع التونسيين الحق في العيش الكريم وحرية الانتماء الى أي تيار سياسي والتعبير عن آرائهم دون شرط او قيد,مع ضمان حق السافرة والمحجبة والمتدينة في العيش والتواجد بعيدا عن منطق الوصاية او الاكراه. نؤمن بحق الانسان في التدين وأوضحت ليلى زغلامي عضو مكتب «الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات» ان التحرك الذي نفذته منظمات المجتمع المدني يتنزل في اطار حث نواب المجلس التأسيسي على ضرورة مراجعة بعض الفصول المتعلقة بحقوق وحريات المرأة في الدستور الجديد,مضيفة ان المنظمات استغلت جلسات مناقشة فصول المشروع الجديد حتى تدلي بدلوها في هذا الموضوع ذي الاهمية البالغة على اعتبار ان حقوق المرأة منقوصة في الدستور المرتقب حتى تتماشى بعض فصوله مع المعاهدات الدولية بهذا الخصوص, قائلة: «هذه التنقيحات التي قدمناها الى التأسيسي هي لب وجوهر حقوق الانسان التي تأتي في مرتبة اعلى من القوانين...». من جانبها اشارت سلوى قيقة عن «تحالف من أجل نساء تونس» الى انها وجدت صعوبة كبيرة في الدخول الى المجلس التاسيسي لتقديم المقترحات الى النواب, مضيفة ان أحد النواب أدخلها في غفلة من البعض الا انها وجدت مضايقات من قبل اعوان التاسيسي من خلال منعها من توزيع المقترحات وأن احد النواب أكد لها ان المقترحات منافية للشريعة الاسلامية حسب تعبيرها, قائلة: «مقترحاتنا لا تتعارض مع الشريعة... لقد قمت باقناعهم بأننا نؤمن بحق الانسان في التدين... وبعد نقاش اقتنعوا بمقترحاتنا وقدموا لنا اعتذارهم على التضييق...». عصام الشابي في الموعد استرعى التحرك الاحتجاجي انتباه عدد من نواب المجلس من بينهم عصام الشابي القيادي ب «الحزب الجمهوري» الذي قدم لتسلم وثيقة المقترحات بالبوابة الرئيسية للمجلس وسط ارتياح في صفوف المحتجات. وبينت «نور» ان الدستور الجديد لا يمثلها نظرا لخلوه من الإشارات التي تدل على ضمان حقوق وحريات المرأة, مشيرة الى انها ترفض بعض الفصول التي وردت بالمشروع الجديد, في حين قالت «وصال» انها لا تجد نفسها في الدستور الجديد وانه لا يمثل المرأة التي طالما ناضلت من أجل ضمان مكانة لها مرموقة بالمجتمع التونسي, مبرزة ان الحكومة الحالية تنزع في كل مناسبة الى التضييق على حرية وحق المرأة. أما «رانية» فقد أوضحت انها ليست متفائلة بالدستور الجديد نظرا لوجود خلافات حادة بين الأحزاب السياسية حول فصوله التي يتنافى بعضها مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمعاهدات والمواثيق الدولية على حدّ تعبيرها. حذف امكانية الاستفتاء على مجلة الاحوال الشخصية وقدمت كل من «الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات» و«جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية» و«شبكة تحالف من أجل نساء تونس» و«مساواة وتناصف» و«منظمة حرة» و«لجنة المرأة العاملة للاتحاد العام التونسي للشغل» و«رابطة الناخبات التونسيات» و«مركز تونس لحرية الصحافة» و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان» و«الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية» و«الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الانسان» و«الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان» بعض المقترحات لتعديل عدد من الفصول, منها الفصل 7: تضمن الدولة حقوق النساء والرجال في تأسيس أسرة وحرية اختيار القرين, والفصل 19: المعاهدات الموافق والمصادق عليها أعلى من القوانين, والفصل 20: المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون... تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة وتهيئ لهم اسباب العيش الكريم...لا يجوز التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين أو الرأي أو الثروة أو النسب أو الأصل الاجتماعي أو الاعاقة أو غير ذلك من الأسباب, والفصل 33: حقوق الاقتراع والترشح مضمونة وتتخذ الدولة التدابير الضرورية لضمان تمثيلية متساوية بين المرأة والرجل في المجالس والهيئات المنتخبة, و الفصل 52: الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكل ناخبة او ناخب تونسي الجنسية منذ 10 سنوات على الاقل, والفصل 81: لرئيس الجمهورية استثنائيا ان يعرض على الاستفتاء مشاريع القوانين المتعلقة بالموافقة على المعاهدات أو بالحريات وحقوق الانسان (حذف امكانية الاستفتاء على مجلة الاحوال الشخصية)... منتصر الاسودي