يتفاعل الطفل حتما مع مجتمعه ليتبوأ مكانته بين كل عناصره متجاوبا مع الوسط المدرسي والوسط العائلي والوسط البيئي حاملا احاسيسه وتصوراته ومهاراته من الشارع الى فضاء قسمه ليغادره بعد ان اكتسب تعلمات جديدة متنوعة في شكلها الشفاهي والكتابي واليدوي. وهذه الايام ينفرد واقع الطفل باحساس خاص تجاه فصل الشتاء فيتفاعل معه شكلا ومضمونا ويخرج رفقة اترابه للهو على بساط «النهر المتجمد» مرددين ببراءة الاطفال الصغار.. «الف مرحى يا شتاء .. فمتى تأتي متى.. انت تأتي بالسحاب.. والرعود والضباب.. وغيوم كالحجاب.. فمتى تأتي متى».. ليتردد صدى النشيد مع تلاميذ «رياض الاطفال» وهم يلقون في ايقاع موسيقي بديع.. «لقد اقبل الشتاء.. والريح والانواء.. فالطقس فيه عابس.. والبرد فيه قارس». وفصل الشتاء هو حتما صورة تعلمية ثرية تتوهج سحرا ورومانسية وخيالا حيث تنتشر النصوص في كتب القراءة تصف الطبيعة في اوج غضبها وتتدعم بقطع شعرية ابدع فيها الشعراء من خلال رسم الطبيعة في هذا الفصل المتوثب ليختم عليها الاطفال في مجال التعبير الكتابي وهم يعبرون عن مشهد للعائلة وهي تسهر في احدى ليالي الشتاء الباردة حيث ركن الاب في زاوية غرفة الجلوس يطالع جريدة وتلهت الأم بمشاهدة التلفاز بينما ظلت الجدة تزرد صدارا لحفيدها قرب أطفال صغار انهمكوا في الركض خلف قطار متحرك تحت انظار قط استدار حذو المدفأة .. صورة يعبر عنها الاطفال ويجعلونها متموجة ومتحركة فيصفون وميض البرق وزمجرة الرعد وايقاع المطر وحبات الثلج الناصعة ويهبون فضاء المنزل حرارة تسري بين النفوس تستقدم الطبيعة في هدوء وسحر ولين. والاطفال يتفاعلون مع اعمال الفلاح في فصل الشتاء ويرسمون الثمار والخضر ثم يلوّنوها ويجسّمون اشجارا عارية خلت من اوراقها وقد هجرتها الطيور في ألوان قاتمة وداكنة ضمن ملفات يخفونها في محافظهم وقد عانقوها على ظهورهم وتدثروا بمعاطف صوفية تقيهم من البرد والزمهرير قبل ان يلوذوا بالشارع متحدين الريح والأنواء قاصدين مدارسهم في همة وعزم حاملين معهم صورة الشتاء ليتفاعلوا معه على مقاعد الدرس في دروس القراءة والتعبير وعلم الاحياء والرسم والمحفوظات والانشاد على ايقاع جرس الساحة... «ركن بيتي حديد...سقف بيتي حجر... فاعصفي يا رياح.. وانتحب ياشجر.. واسبحي يا غيوم.. واهطلي يا مطر».