تأخر انعقاد الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي المخصصة لمواصلة المصادقة على فصول الدستور أمس إلى ساعة متأخرة نظرا لأن اجتماع رؤساء الكتل لم يفض إلى أي توافق خلال الفترة الصباحية وهو ما تطلب اجتماعا ثانيا بعد الظهر قصد التوصّل إلى توافق حول الفصول 103 و109 و122، إلاّ أن الاجتماع الثاني باء أيضا بالفشل وكان التوافق الغائب الأبرز في اجتماع رؤساء الكتل. فقد أكد نائب رئيس كتلة حركة «النهضة» وليد البناني أنه نظرا لعدم التوصّل إلى توافق صلب اجتماع رؤساء الكتل، قرروا أن تخصص الجلسة العامة للمصادقة على الفصول 104 و105 و106 و107 و108 وتأجيل الفصول الخلافية إلى حين التوصّل إلى توافق. وقال وليد البناني إن كتلة حركة «النهضة» رفضت مقترحات الكتلة الديمقراطية في ما يتعلق بالفصلين 109 و112 باعتبار أن التوافقات قد تمت ولا يمكن التراجع عنها، مشيرا إلى أن رؤساء الكتل بحثوا في اجتماعهم عن كيفية ايجاد توازنات بين المؤسسات الثلاث. وأفاد رئيس كتلة «وفاء» أزاد بادي أنه بالنسبة للفصل 103 وهو مقترح التعديل المقدم من النائبة عن حركة «النهضة» سناء المرسني والمتعلق بتسمية الوظائف العليا القضائية «يعين رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل» فقد رأى البعض أن في ذلك مسّا من استقلالية القضاء وتدخلا للسلطة التنفيذية في حين رأى البعض الآخر احتراما لآلية رقابة السلطات لبعضها البعض وتوازنا لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء خاصة أن استقلالية القضاء كسلطة مضمونة في الفصل 100 الذي نص صراحة على أن القضاء سلطة مستقلة. وأضاف بادي قائلا «نلاحظ أن مسألة القضاء دخلت باب المزايدات السياسية والحملات الانتخابية الأمر الذي وتر الجلسة العامة وعطل المصادقة على بقية الفصول وكان ذلك محور اجتماع رؤساء الكتل الذي حضر فيه الجميع وكان التوافق الغائب الأبرز»، مشيرا إلى أن كل طرف تمسك بموقفه رغم المقترحات البديلة المقدمة وأن الخلاف تجاوز الفصل 103 إلى الفصل 109 المتعلق بتركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية والفصل 112 المتعلق باستقلالية النيابة العمومية اللذين قال إنهما ضمنا في حصيلة التوافقات ولم يطرحا اشكالا طيلة مسيرة التوافقات، الأمر الذي طرح في نظره خلافا شكليا بين الكتل تعلق بمدى احترام أطراف التوافق لمضمونها خاصة أن الفصل 106 من النظام الداخلي المنقح يجبر الجلسة العامة على المرور مباشرة للتصويت دون نقاش التوافقات ودون تعديلها بحسب قوله. كما أكد أن بعض الأطراف رأت في التراجع عن التوافقات انقلابا على المسار التوافقي وابتزازا وتهديدا بتعطيل اعمال الدستور إن لم يتم التراجع عنها خاصة مع ارتباط الفصل 112 المتعلق باستقلالية النيابة العمومية في اطار السياسة الجزائية للدولة بالفصل 90 المتعلق بضبط السياسات العامة للدولة من قبل رئيس الحكومة وهو الفصل الذي أثار توترا وجدلا وسقط في الجلسة العامة. وأشار أزاد بادي إلى أن التعطيل يندرج في اطار ضغط بعض الأطراف لتمرير تعديلاتهم بقطع النظر عن مقتضيات النظام الداخلي وحصيلة التوافقات ، وقدّم بادي مثالا في الفصل 103 حيث قدم مقترحا بديلا ينص على أن «تعيين الوظائف العليا للقضاء من رئيس الجمهورية باقتراح من المجلس الأعلى للسلطة القضائية».