كلثوم كنو ل"الصباح": من يتشبث برفض الاستقلالية إنما يريد من الهيئة أن تكون لجنة تابعة لوزارة العدل بعد النقاش العام الذي دار يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الماضي شرع المجلس الوطني التأسيسي بباردو ظهر أمس في مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث هيئة وقتية تشرف على القضاء العدلي فصلا فصلا.. و لم تكن إدارة الحوار سهلة على مصطفى بن جعفر رئيس المجلس في ظل تباين الآراء بين مطالب بالتنصيص على استقلالية هذه الهيئة، وبين رافض. ورفعت الجلسة بعد ثلاث ساعات دون أن يصادق النواب على أي فصل، واقتصروا بعد جدل دام طويلا على المصادقة على عنوان القانون. هيئة وقتية أم مؤقتة؟ تجلى الخلاف حادا منذ الوهلة الأولى وتعلق بعنوان القانون نفسه، الذي ينص على أنها هيئة وقتية تشرف على القضاء العدلي، وفي هذا الصدد اقترح النائب سليمان هلال تغيير كلمة وقتية ب"مؤقتة" وذلك تناغما مع الخطاب السياسي الموجود على غرار "رئيس مؤقت" و"حكومة مؤقتة". وفي المقابل بين النائب أيمن الزواغي أنه لا يجب ربط القضاء بالسياسة وفسر أن كلمة مؤقتة تعطي مدلولا سيئا لمؤسسة هامة في تونس وهي القضاء.. وعبر بعض النواب عن احتجاجهم على اعتبار الزواغي كلمة مؤقت تعطي مدلولا سيئا فأوضح النائب أنه هو أيضا نائب في المجلس التأسيسي المؤقت.. وحسم النائب هشام حسني في هذا الخلاف بتذكير النواب بالقانون المنظم للسلط الذي نص على أنها هيئة وقتية. كما تجادل النواب حول ما إذا يجب إضافة كلمة مستقلة الى الهيئة الوقتية أم لا؟ وفي هذا الإطار بين النائب الحبيب خضر انه يجب حذف كلمة مستقلة وتعويضها بكلمة "ممثلة" حتى ينسجم مع الفصل 22 من القانون المنظم للسلطات.. وفسر ان السلطة القضائية هي سلطة تابعة للدولة ولا يصح الحديث عن رئيس دولة مستقل ورئيس حكومة مستقل كما أنه لا يمكن مخالفة القانون الأساسي المنظم للسلط.. وفي المقابل بين النائب سمير الطيب أن السلطة القضائية يجب أن تكون مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، واعتبر ذلك من أبجديات القانون الدستوري. وذكّر النائب هشام حسني أن القانون المنظم للسلطات قد منح السلطة القضائية ممارسة صلاحياتها باستقلالية تامة. وانتهى التصويت النهائي برفض تعديل عنوان مشروع القانون والابقاء عليه كما هو أي عدم التنصيص على أنها هيئة مستقلة. عطالة انتهى نقاش الفصل الأول من مشروع القانون إلى عطالة ولم يقع التصويت عليه لاختلافات جوهرية بين النواب.. وينص هذا الفصل كما ورد في مشروع القانون على: " أن تحدث بمقتضى هذا القانون هيئة وقتية مستقلة تشرف على شؤون القضاء العدلي تحل محل المجلس الاعلى للقضاء تسمى الهيئة الوقتية للقضاء ويشار إليها في هذا القانون بعبارة الهيئة"، واقترح عدد من نواب حركة النهضة حذف كلمة "مستقلة" وتعويضها بكلمة "ممثلة".. ولاحظ النائب أزاد بادي غياب الإرادة السياسية في جعل القضاء مستقلا وتساءل لماذا يخاف بعض النواب من كلمة "مستقلة". وفي المقابل لاحظ النائب وليد البناني ان هناك من النواب من يريد ان يسوّق للرأي العام أن حركة النهضة لا تريد أن يكون القضاء مستقلا وأكد أن هذا الأمر ليس صحيحا. كما طالب قحبيش بإضافة ما يفيد تمتع الهيئة باستقلالية إدارية ومالية وان يكون مقرها بالعاصمة، وهو نفس ما اقترحه عدد آخر من النواب. ودعا أحد النواب لمراجعة تقرير لجنة التشريع العام واعتبره هزيلا وهو ما أثار امتعاض رئيسة اللجنة التي أكدت على جدية عمل هذه اللجنة. وأمام الكم الكبير من التعديلات المقترحة من قبل النواب، طلب بن جعفر من اللجنة الاجتماع مع رؤساء الكتل قبل الجلسة العامة التي سنعقد اليوم من أجل تجاوز الاشكاليات البسيطة التي أدت إلى عطالة. وعبر عدد من النواب عن غضبهم بسبب إضاعة الوقت. وقبل النقاش كان النائب الحبيب خضر طلب من أعضاء جمعية القضاة ملازمة أماكنهم وعدم الضغط على النواب وقال نائب مهدي بن غربية أن ضيوف المجلس ليسوا في إقامة جبرية في كراسيهم. جمعية القضاة في الموعد ولمعرفة رأي كلثوم كنو رئيسة جمعية القضاة في النقاش الذي دار بالمجلس تحدثت "الصباح" معها. وبينت كنو أن الحوار الذي دار داخل المجلس حول تسمية الهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء كان ساخنا وتمحور النقاش خاصة حول وصف هذه الهيئة اذ تمسك عدد كبير من النواب بأن تكون هيئة مستقلة في حين عارض عدد آخر من النواب هذا الوصف.. وذكّرت كنو بأن هذا الخلاف حصل بين جمعية القضاة التونسيين ووزارة العدل سابقا عند التحاور بخصوص مشروع توافقي حول الهيئة مما جعل جمعية القضاة تنسحب من هذا الحوار وذلك إلى جانب عدة نقاط أخرى اعتبرتها الجمعية تكرس تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية وهيمنة هذه الأخيرة على الهيئة والوقتية.. وأضافت محدثتنا :"اعتبر انه طالما نص الفصل 22 من القانون المنظم للسلط العمومية على اعتماد المعايير الدولية لاستقلالية القضاء وبما أنه من اهم هذه المعايير هي استقلالية الهيكل الذي يشرف على القضاء، وطالما أن هذه الهيئة الوقتية ستشرف مؤقتا على القضاء العدلي، فإنه يجب بالضرورة أن تكون هذه الهيئة هيئة مستقلة". وقالت: "أعتبر ان الخلاف بين وجهتي النظر داخل المجلس التأسيسي تعكس خيارين اولهما يريد ان يجسد من خلال هذه الهيئة الاستقلالية للسلطة القضائية وخيار ثان يريد ابقاء هذه السلطة على وضعها الحالي وبالتالي فإني اعتبر ان الموضوع ليس موضوعا شكليا وإنما هو موضوع جوهري يعكس خيارات، خاصة وأني لا أرى أي سبب مقنع يجعل أنصار الرأي الذي يريد ألا توصف هذه الهيئة بهيئة مستقلة، سوى أنهم يريدون من هذه الهيئة أن تبقى مجرد لجنة تابعة لوزارة العدل لا صلاحية تقريرية لها".