أنهى نواب المجلس الوطني التأسيسي، خلال الجلسة العامة، المصادقة على باب السلطة المحلية، وباب الأحكام الختامية وتعديل الدستور وخصصت فترة ما بعد الظهر لإعداد وترتيب الفصول التي سقطت في الجلسة العامة ومقترحات التعديل واضافة الفصول المقدمة من النواب لعرضها اليوم صباحا على رؤساء الكتل تمهيدا للجلسة العامة التي ستعرض عليها في انتظار الانطلاق في مناقشة الباب الأخير وهو باب الأحكام الانتقالية. وقد برزت الخلافات حول مشروع الدستور أكثر خلال جلسة يوم أمس مع اقتراب الانتهاء من المصادقة على الفصول حيث بقي باب واحد وهو باب الأحكام الانتقالية، وتباينت المواقف والآراء حوله، إذ عبّر العديد من النواب عن استيائهم من عديد الفصول التي وقعت المصادقة عليها بل ذهب البعض في انتقادهم إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر النائب عن حركة «النهضة» الحبيب اللوز أن هذا الدستور ولد ميتا، الأمر الذي من شأنه أن يجعل التخوفات تحوم حول امكانية اسقاطه في قراءته الأولى. وقال النائب الصادق شورو إّن هذا الدستور «جاء ليرضي أطرافا داخل تونس وأطرافا خارج تونس، إلاّ الشعب وبعض نوابه وإنه واحد منهم»، على حدّ تعبيره. واعتبر شورو أن هناك أطرافا من خارج المجلس تتدخل في ولادة الدستور تارة باسم الحوار الوطني وتارة باسم التوافقات لتدخل عليه تشويهات كثيرة وليولد في الأخير دستورا ميتا، على حّد تعبيره. إلغاء الفصل 141 وحذف التنصيص الصريح على أن الإسلام دين الدولة وجاء تصريح شرور على اثر المصادقة أمس، على حذف الفصل 141 ضمن باب تعديل الدستور بموافقة 149 واحتفاظ 19 ورفض 10. وينص الفصل على أنه «لا يمكن لأي تعديل دستوري أن ينال من الإسلام باعتباره دين الدولة، اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية، النظام الجمهوري، الصفة المدنية للدولة، مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور، عدد الدورات الرئاسية ومددها بالزيادة»، وبمقتضى ذلك يتم حذف التنصيص الصريح على أن الإسلام دين الدولة باعتبار أنه لا يوجد نص في الدستور ينص صراحة على أن الإسلام دين الدولة. أحزاب «الصفر فاصل» فرضت دكتاتورية الأقلية من جهته، اعتبر النائب عن حركة «النهضة» جمال بوعجاجة، عند أخذه لنقطة نظام خلال الجلسة العامة أن أحزاب «الصفر فاصل» فرضت عليهم دكتاتورية الأقلية، واصفا اياها بالأحزاب الديمقراطية الكارتونية التي اعتبرت أن يوم المصادقة على تجذير الهوية العربية في الدستور يوم أسود، بحسب تعبيره. وقد ردّ على هذا التصريح النائب عن الحزب الجمهوري إياد الدهماني، حيث عبّر عن احتجاجه الشديد مما ورد في تصريحات بوعجاجة، مشيرا بالقول «لا نقبل أن يزايد علينا أحد في انتمائنا للهوية العربية الإسلامية». وأكد الدهماني أن المشكل الذي تعيشه تونس اليوم هو بين من يريد إسلام تونس المعتدل المنفتح وبين من يريد أن يسوق لإسلام لا علاقة له بديننا، إسلام يعيدنا إلى بوتقة الانغلاق والتحجر، بحسب تعبيره.وشدد الدهماني على أنه يؤيد مبدأ الهوية والإسلام. اتهام «النهضة» بالتلاعب من جهته أعرب النائب بالمجلس الوطني التأسيسي عن حركة «وفاء» مبروك الحريزي عن رفضه التام للفصول التي تم تمريرها وخاصة باب السلطة المحلية، معتبرا أن في ما تضمنه الدستور إقصاء كبير للجهات، وذلك عند مناقشة الفصل 138 من الدستور وتحديدا عند تجاهل مقترحه. وقد احتج الحريزي في كواليس المجلس بصوت عال بلغ حد الصراخ والتشنج، وأعلن التحدي مؤكدا أنه سيتولى مهمة تحريض الجهات، لأن الثورة لم تقم لضمان صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة وإنما من أجل ضمان حق الجهات في الدستور. وقد بلغت حدة التشنج بالحريزي إلى درجة أنه هاجم المقرر العام للدستور الحبيب خضر ووصفه بالمتواطئ، مؤكدا أن «النهضة» تلاعبت بحركة «وفاء». تململ واستقالات صلب الكتل وتجدر الإشارة إلى ان العديد من الكتل النيابية تشهد تململا داخلها بسبب الخلاف حول فصول الدستور، على غرار كتلة حركة «النهضة» التي عبّر عدد من نوابها عن احتجاجه لما اعتبره تنازلا من حركة «النهضة» للأحزاب المعارضة. وقد أكد النائب عن حركة «النهضة» زياد العذاري في رده على خبر استقالة أربعة نواب من الحركة قائلا «نحن في كتلة حركة النهضة متمسكون بوحدتها وبتضامنها، ولا نخفي وجود صعوبات وتململ بين نوابنا حيث هناك احساس لدى عديد النواب أن الحركة بصدد الخضوع لابتزاز وهي تقوم بتنازلات أكثر من اللزوم»، مشيرا إلى أن الحركة تتفاعل مع هذه الآراء بالحوار وبالإقناع وهي ان تتنازل عن خياراتها بل تبنيها بالتوافق داخل الكتلة، بحسب تعبيره. من جهته، اعتبر عجمي لوريمي المكلف بالإعلام في الحركة أن العديد من الكتل تعيش صعوبات على مستوى تباين الآراء حول فصول الدستور، سيما حركة «النهضة» وذلك على اعتبار وجود فصول لها صبغة ايديولوجية وفكرية. وبيّن لوريمي في سياق متصل أن عددا من النواب داخل الكتلة يبحثون عن الإنصاف، وعندما يحسّون «بالحيف» فإن حدوث بعض التململ يصبح أمرا واردا. من جهة أخرى، أكد النائب المستقل بالمجلس الوطني التأسيسي عبد الستار الضيفي أنه تولى مبادرة توزيع عريضة على نواب المجلس تدعو إلى تحجير الاعتداء على المقدسات. وبينّ الضيفي أن العريضة جمعت 120 توقيعا من نواب من مختلف الكتل والحساسيات السياسية، مشيرا إلى أنه بصدد الاتصال بنواب الكتلة الديمقراطية. وذكّر المقرر العام المساعد أزاد بادي في تصريح خص به «التونسية» بأن جملة من التوافقات صدرت في شأن باب الأحكام الانتقالية، مشيرا إلى أن الكواليس تفيد بوجود نية لتعديل التوافقات التي وقع تدارسها في الحوار الوطني أهمها نصاب المصادقة على الحكومة بين من يريد إدراجها في الأحكام الانتقالية للدستور وبين من يريد الاكتفاء بتنقيح التنظيم المؤقت للسلط العمومية في الفصل 119 وبين من يرفض ذلك ويراه مخالفة صريحة لأبسط قواعد الديمقراطية.