أحمد منصور: «الدساترة» «هومة إلي عملوا تونس وهومة إلي بناوها» «المصالحة الوطنية في تونس» هو شعار الندوة الصحفية التي نظمها صباح أمس المنتدى المغاربي ابن رشد ومنتدى الجاحظ ومنتدى نور بالعاصمة بحضور العديد من الوجوه السياسية الدستورية مثل احمد المستيري واحمد بن صالح ومحمد الصياح ومنصور معلى والحبيب الجنحاني والبعض من وزراء العهد السابق كبشير التكاري وكمال الحاج ساسي وفائزة الكافي إضافة إلى مجموعة من الشخصيات الوطنية ومن ممثلي الأحزاب والجمعيات والمجتمع المدني. وتحدث ماهر قلال رئيس منتدى «نور» وخبير اقتصادي اجتماعي دولي عن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي تكبدتها تونس بسبب تأجيل المصالحة الوطنية معتبرا أن المجتمع المدني هو قوة أساسية لمستقبل البلاد وان تصوّره للجمهورية الجديدة يفترض المصالحة مدخلا مفصليا للشروع في البناء الفعلي المثمر للجميع. وفي تطرقه لموضوع مصادرة شركات المتنفّذين في العهد السابق، لاحظ أنّ المسألة لا يجب تناولها كعقوبة وإنما كفرصة لا بد من استثمارها لخلق القيمة المضافة وبالتالي خلق الثروة ومواطن شغل جديدة وفق تعبيره مقرا بأن المتصرفين القضائيين بهذه الشركات أثبتوا عجزهم عن تسييرها مما أدّى إلى صعوبات مالية وهيكلية ساهمت في قطع مواطن الرزق عوضا عن الزيادة فيها. وقال «هل نعاقب بعض رجال الأعمال الذين انتفعوا ولو قليلا ببعض الامتيازات غير القانونية في العهد السابق بإغلاق شركاتهم أم نستثمر بهدوء الحلول الواقعية التي تجمع بين استرجاع حقوق الدولة وخلق استثمارات جديدة وبين المصالحة كمفهوم يستشرف المستقبل؟ زد على ذلك فان الكلفة الاقتصادية كثمن لعدم المصالحة تتجاوز عشرات الآلاف من العمّال المسرحين لأنّ خسارة موطن شغل بشركة يساوي آليا خسارة خمس مواطن شغل أخرى في مؤسسات تتعامل مع تلك الشركة». أما حسن الزرقوني وهو صاحب شركة سبر آراء، فقد أكّد على تلازم مفهوميْ الحقيقة والإنصاف كشرط للمصالحة والتفاؤل بالمستقبل لأنّ مواصلة شيطنة الآخر تعني تواصل غموض المشهد التونسي وخطورة السيناريوهات المعروفة في المنطقة العربية ككل وفق تعبيره مضيفا « تتلخص الحقيقة في الاعتراف بالأخطاء وتحمل المسؤولية أمام الرأي العام الشعبي لأنّ هذا الأخير مسالم ومسامح بطبعه لكن التجاوز دون كشف الحقيقة يعد هروبا وعاملا إضافيا لتأزيم الأوضاع وتشنج الأنفس ومثالنا في ذلك أن لا أحد إلى اليوم، يعرف بالضبط حقيقة صدامات 26 جانفي 1978 بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطة التي أدت إلى سقوط مئات القتلى من الجانب النقابي وأقول إنّ المصالحة اليوم هي الهدية الضرورية للأجيال القادمة». وعن الكلفة الأمنية ل«لا مصالحة»، بيّن هيكل محفوظ الخبير الأمني وفي القانون الدولي أنّ المصالحة ليست مسارا بمفرده بل هي نتيجة بقية المسارات المهمة كالعدالة الانتقالية والحوار الوطني. وأوضح أنّ الكلفة الأمنية باهظة لأنها تعني الإفلات من العقاب مما يُضعف مؤسسات الدولة المحمولة نظريا على قوة إنفاذ القانون والنتيجة حسب رأيه ظهور الإرهاب بكل أشكاله وتفاقم قضايا الحق العام بما يُفكك أسس مفهوم الدولة تدريجيا واعتبر أنّ هذا المناخ العام المتشنج دفع الكفاءات إلى التهرب من تحمّل المسؤولية لأنها تعتبرها أقرب كرسي للسجن وانتهاك أعراضها وتهديد عائلاتها، مستنتجا أنّ المصالحة كفيلة بإعادة الثقة للكفاءات كي تساهم في النهوض بالبلاد. من جهته اعتبر الجامعي محرز الدريسي أن فكرة الحرية ليست مجردة بل يجب ترجمتها دستوريا واجتماعيا وثقافيا حتى يمكن استيعاب مفهوم المصالحة الذي سيؤدي إلى مشروع وطني جامع يستوعب الاختلاف ويقنّنه ضمن إطار تشاركي موضحا ان المنظومة التربوية لم تلعب دورا أساسيا في حماية الشباب من التطرف لأنها لا تنبع من هذا الإطار التشاركي ومطالبا بأنْ تعمل المصالحة على تحرير الفضاء الثقافي من التوظيف الحزبي والسياسي». المصالحة تتحوّل إلى مشاحنة من جانبه تطرق السياسي أحمد منصور رئيس «الحزب الدستوري الجديد» في مداخلته إلى الحوار الوطني في تونس باعتباره أولوية مطلقة وبيّن أنّ مسالة المبالغة في شيطنة المسؤولين السابقين دون تفرقة بين قلة متنفذة وأغلبية خدمت الدولة بكل تفان ولم تكن أداة لأي شخص، لا تساعد على عقلنة مفهوم المصالحة وتصبح نوعا من الابتزاز مشيرا إلى أن تونس كانت منارة ومحل إعجاب وتنويه مشيدا بالانجازات التي تحققت في العهد السابق» ثم استنكر قائلا «هل كنت أعيش في تونس أخرى؟» وهو ما عجل بتحويل الندوة الى مسرح للتراشق بالتهم بين عدد من الوجوه الدستورية والتجمعية وممثل حزب «العمل التونسي» الذي اعتبر ما جاء في مداخلة أحمد منصور إطنابا في الإشادة والدفاع عن العهد السابق ومحاولة لإرجاع الحزب الحاكم السابق إلى الواجهة مقرا بأن المصالحة تقتضي المساءلة ثم الانسحاب من الساحة السياسية لفترة. إلى جانب ذلك اعتبر عدد من الحضور أن ما جاء على لسان احمد منصور يمثل استفزازا لهم فارتفعت الأصوات مستنكرة تصريحاته فيما عمل البعض منهم على التذكير بما حصل في عهد النظام السابق من تعذيب واستبداد لتعم الفوضى قاعة الاجتماع مما دفع الوزير السابق احمد المنستيري إلى الانسحاب قائلا انه فوجئ بترهات بدل المصالحة وأنه سيقوم بدعوة مجموعة من أصدقائه «الدساترة» للحديث عن مستقبل الدستوريين في هذه البلاد خلال الأيام القادمة ثم اعتذر عن مواصلة الحضور ولم يلبث أن لحق به احمد بن صالح وعبد الرحمان الادغم لتسجل القاعة انسحابات عديدة قبل أن يعود البقية إليها . الدساترة أساس تونس و في تعليق عن المنحى الذي اتخذته أشغال الندوة قال احمد منصور لجريدة «التونسية» المصالحة الوطنية هي مسألة حتمية في تونس وان تونس لكل التونسيين مضيفا «كل من أخطأ له أن يقوم بإصلاح ذاتي قبل كل شيء في إطار الحوار والاحترام المتبادل وليس بالتشفي والانتقام والدساترة «هومة إلي عملوا تونس» وقاموا ببنائها لان تونس كانت تعاني من « السل والأمراض والقمل والكوليرا ولننظر اليوم كيف هي حال تونس اقتصاديا واجتماعيا». غادة مالكي