قال «طارق الحزقي» إطار بديوان الأراضي الدولية ل«التونسية»انّ الديوان يحتاج إلى إصلاحات هيكلية وأخرى تنظيمية للخروج من المأزق الذي يمرّ به حاليا. وأشار الى انّ النقابة قدّمت عدة مقترحات للحكومة السابقة ولكن للأسف لم يقع أخذها بعين الاعتبار وأنه لذلك سيتم إعادة تقديم المقترحات للحكومة الجديدة على أمل تفعيلها. وأكّد انّه لا يوجد أي قرار إستراتيجي للخروج بالديوان من الوضعية الحالية وذلك منذ اندلاع الثورة والى غاية اليوم، وقال انه لا وجود ايضا لما يشير الى رغبة الإدارة العامة في إدخال ديناميكية جديدة على مناهج العمل والتسيير بالديوان. وأضاف انّ الديوان مرّ بفترات جيدة وحقق مرابيح هامة وأنه في المقابل شهد أيضا عدة هزات وتعرّض الى خسائر كبيرة، وأكّد ان مصير الديوان إرتبط دائما بصابة الزيتون، وأشار الى انّ الإنتاج يتحكم في مصير الديوان وانه اذا كانت الصابة جيدة تنتعش مداخيل الديوان أما اذا كان الإنتاج ضعيفا وهزيلا تحصل هزات بالديوان مؤكدا ان مداخيل الديوان ونتائجه واستثماراته بقيت مرتبطة اساسا بصابة الزيتون. أراض شاسعة لكن... وكشف الحزقي انّ الديوان يضمّ أراضي شاسعة تصل إلى نحو 150 ألف هكتار وقال انه تمّ إسترجاع قرابة 50 ألف هكتار من الأراضي بعد الثورة، مشيرا الى انّ الديوان يضم 30 مركبا فلاحيا و يوجد به حوالي 500 إطار وأكثر من 2000 عامل فلاحي مرسم الى جانب عدد كبير من العمال الموسميين . صابة هزيلة وكشف «الحزقي» ان صابة زيت الزيتون لهذا الموسم هزيلة جداّ وانها لا تتعدّى 8 آلاف طن من الزيتون في حين انها كانت في حدود 80 ألف طن وهو ما حقق رقم معاملات في حدود 45 مليارا. وقال الحزقي انه خلافا لما هو رائج وبعيدا عن الشعارات الزائفة التي تشيد بدور الديوان في تعديل السوق وفي توفير مخزون إستراتيجي من المواد الإستهلاكية وتنمية الجهات فإن الديوان وعلى مدى نصف قرن ظلّ يصارع من أجل البقاء . وأضاف انّ من بين أسباب الإخفاق التسيير المركزي إلى جانب ضعف مردوده. وأكد محدثنا انّ الرقابة ظلت بعيدة وغير مثمرة في الغالب،واعتبر انّ توزيع المعلومة وانتقالها بين الإدارات المركزية وبين المركبات الفلاحية وبين الاعوان انفسهم ظل غير مهيكل وغير منظم مما أفرغ الرقابة الداخلية من كلّ جدوى أو فاعلية وشجّع على التلاعب والإختلاس والتهميش والإقصاء. وكشف الحزقي انّ تهميش الموارد البشرية والغياب الكلي لمنظومة التسيير كشفت انه لا وجود للتكوين ولا للرسكلة مما أثّر على ظروف العمل. وأشار الى انّ كلفة التأجير تقارب 45 بالمائة من رقم المعاملات السنوية للديوان في حين انّ نسبة التأطير لا تتعدى 12 بالمائة وأضاف انّ نسبة هامة من الإطارات بالديوان تفتقد الى الكفاءة العلمية. شغور ب7 إدارات ؟ وأكّد انّ هناك شغورا بخطة مدير بسبع إدارات من ضمن الثماني إدارات المركزية الموجودة بالهيكل التنظيمي للديوان وكذلك بخطة مدير عام مساعد وذلك منذ فترة طويلة . وقال انّ شساعة مساحة الضيعات والنقص في التأطير وفي المعدات حالا دون تكثيف الإنتاج بالمركبات الفلاحية وحال دون إستغلالها على الوجه الأكمل. وأضاف ان تجديد آلات الإنتاج من حيث «المكننة» والتجهيزات والغراسات لا يتمّ في الأوقات المفروضة وعادة ما يشهد تأخيرا بعدّة سنوات. تسيّب في المركبات وقال انّ الثورة أدّت الى فقدان الإدارة العامة للكثير من هيبتها وسلطتها وساهمت في حصول تسيب في الكثير من المركبات الفلاحية . ولم يخف محدّثنا تأثير الإنعكاس المالي الناتج عن تسوية وضعية الأعوان والعملة الذين عانوا من مظالم كبيرة منذ سنتين وأكّد ان الكثير منهم مازال يعاني. ولاحظ انّ الإجراءات التي تم إتخاذها سابقا لإنقاذ الديوان والمتمثلة أساسا في فسخ ديون أو ضخ أموال أو إستثمارات أو هبات كلها إجراءات ظرفية لم تضمن عدم عودة تلك الصعوبات. حلول ومقترحات وإقترح «الحزقي» مجموعة من الحلول والمقترحات منها رسم إستراتيجية واضحة للتنمية بجميع المركبات الفلاحية للديوان تكون على المدى المتوسط والبعيد ،وقال ان ذلك يكون بالتزامن مع هيكلة جديدة للتسيير بالديوان وهو ما سيمكن من حسن إستغلال موارد الديوان وطاقاته وضمان ديمومته. ودعا الحزقي الى إحداث لجنة من إطارات الديوان تعمل تحت إشراف وزير الفلاحة وفي إستقلالية تامة عن الإدارة للديوان يعهد إليها تقييم كلّ مركب فلاحي على حدة خصوصا من حيث نقاط الضعف والقوة والمخاطر والآفاق . وطالب بضبط قطاعات الإنتاج التي يجب ان تحدث وتلك التي يجب ان تُحذف بكلّ مركب فلاحي وقال انه يجب تحديد الإستثمارات المستوجبة من تجهيزات وموارد بشرية ملاحظا انه من الضروري حصر الإشكاليات التي يجب فضّها وخاصة تلك المتعلقة بالمناخ الإجتماعي. أما في ما يتعلق بالتسيير فقد قال إنه لابد من إرجاع هيبة الإدارة على مستوى الإدارة المركزية ومختلف المركبات الفلاحية والحد من مركزية القرار. ودعا الى إرساء مبادئ الحوكمة الرشيدة بالإدارة المركزية للديوان وبالمركبات الفلاحية وان ذلك سيمكن كل عون من الوصول الى معلومة شاملة ومحينة بطرق شفافة . وقال انه ليس لديهم اعتراض على الرئيس المدير العام ولكن لابد من تمكينه من هامش واسع من الحرية في أخذ القرارات الإستراتيجية وذلك في اطار عقد اهداف تبرم بينه وبين الحكومة لفترة محددة. وأكّد انه يتوجب ان يكون اعضاء مجلس الإدارة من الكفاءات في ميدان التسيير او في القطاع الفلاحي الشيء الذي سيمكنهم من اداء دور فاعل في تسيير المؤسسة وبتوجيه من الرئيس المدير العام . دعوة للاستنجاد بالكفاءات وطالب الحزقي بتمكين الرئيس المدير العام من التعاقد مع أعوان من خارج الديوان للقيام بمهام معينة او شغل خطة وظيفية ما لفترة محددة ويتم تحديد راتبهم بهذا العقد بكل حرية دون الأخذ بعين الإعتبار لأية تراتيب قانونية أخرى مما يتيح المجال لإستقطاب كفاءات عليا . وأكّد انه من الضروري جعل العامل شريكا في المركب الفلاحي لا مجرد أجير وتمكينه من منح تكون مرتبطة بكمية الإنتاج وجودته وبنسبة قارة من المرابيح . واضاف انه لا بد من الحد من التسيير المركزي والعمل تدريجيا على خوصصة التسيير بالمركبات الفلاحية ولو بصفة جزئية عبر فتح باب الشراكة في التصرف للمستثمرين الخواص . وقال الحزقي انّ اعتماد الشراكة كعنصر اساسي في تطوير وتنمية بعض المركبات الفلاحية سيدفع على تعزيز الرقابة بها ويكسبها ثقافة تسيير جديدة . وأكد على ضرورة اتباع منهج يكرّس التخصّص في الانتاج مثل ايجاد وحدة انتاج لحوم حمراء ووحدة انتاج الحليب ووحدة في الزراعات الكبرى... وقال انّ العامل مطالب بأداء 8 ساعات من العمل الفعلي يوميا ودعا الى عدم تقييده في اختصاصه او بالقطاع او الضيعة التي يعيّن بها وتعيينه حسب ما تقتضيه ضرورة العمل مما يمكّن من القضاء على التبذير للطاقة الشغلية بالديوان. وأضاف مخاطبنا انّ العمل في إطار الشفافية والوضوح وإرساء نظام معلوماتي متطور صلب الديوان يضمن توزيع وتبليغ المعلومة الى كل الإطارات ويقلل من إمكانيات التحيل والإختلاس ويقضي على ظواهر التهميش والإقصاء ويشرك كوادر المؤسسة في تحمل المسؤولية واخذ القرار. وقال ان هناك خيارين: فإما الحفاظ على طريقة التنظيم الحالية للديوان أي ان يكون منشأة عمومية عامة وإدارات مركزية مجمعة بمقر إجتماعي ومركبات فلاحية بالجهات على ان تعمل كل منها حسب القواعد المذكورة وتحت إشراف مسؤولين أكفاء تكون لديهم صلاحيات أكبر، أو ان يتم القطع مع طريقة التنظيم الحالية للديوان ونزع صفة المنشأة العمومية من ديوان الأراضي الدولية فيصبح مجرّد إدارة عامة بوزارة الفلاحة تكلّف ببلورة خيارات الحكومة في ما يخص استغلال الأراضي الفلاحية الدولية والسهر على إنجازها من خلال التوجهات الإستراتيجية العامة التي تسديها للشركات التي تتصرف في هذه الأراضي وتتولى القيام بالعمل الرقابي وتحليل نتائجها الموسمية.