استأثر توتر العلاقة بين القضاة والمحامين في الفترة الأخيرة بحيز كبير من النقاش الذي دار أمس بين المحامين على هامش الجلسة العامة الاخبارية التي عقدتها الهيئة بدار المحامي حيث أكد العميد محمد الفاضل محفوظ على ضرورة تمسك لسان الدفاع بحقه في المرافعة والدفاع عن منوبه بالطريقة التي يختارها في إطار القانون . العميد اعتبر أن توتر العلاقة بين جناحي العدالة اليوم يجب أن يتجاوز حرب البيانات والفعل وردة الفعل المضادة إلى البحث عن حلول جذرية في إطار حوار صلب الهيئة الوقتية للقضاء العدلي معتبرا أن المنظومة القضائية في تونس متخلفة رغم الترسانة الكبيرة من القوانين التي تؤطّرها . في السياق ذاته قال محفوظ إن المحامين والقضاة ليسوا في خصومة بل في علاقة تأسيسية لمنظومة قضائية يجب أن تحترم فيها القوانين في التعامل بين الطرفين دفاعا عن حصانة القاضي والمحامي وحصانة الدفاع أساسا لان المحامين في حاجة إلى هذه الحصانة التي يكفلها لهم الأمر المنظم لمهنة المحاماة، مشيرا إلى أن الهيئة الوطنية للمحامين طرحت مجمل هذه الاشكاليات على وزير العدل معربة عن تشبثها بايجاد حلول جذرية تحول دون ما حصل في المدة الأخيرة بين القضاة والمحامين وهو ما أدى إلى إحالة عدد من المحامين في باجة والمحكمة الابتدائية بتونس على أنظار العدالة . قرابين العدالة ... من جانبه اعتبر الأستاذ هيكل المكي المحال على القطب القضائي بعد الخلاف الذي حصل بينه وبين قاضي التحقيق بالمكتب 30 بالمحكمة الابتدائية بتونس أن إحالته تتعدى شخصه وأنّها إحالة للمحاماة برمتها موجها اللوم لهيئة المحامين التي «لم تقم بدورها الحقيقي في هذا الصدد» على حدّ قوله معتبرا أن الحوار الوطني ألهاها عن شواغل أهل المهنة مشيرا إلى أنه على استعداد لأن يكون وهو وزملاؤه «قرابين فداء لمعركتهم ضد القضاء الفاسد ودفاعا عن حركة المحاماة وحصانة المحامي أثناء أداء مهامه» داعيا هياكل المهنة إلى اتخاذ قرارات صارمة والدخول في «معركة مع القضاء الفاسد». الأستاذ المكي أكد كذلك أن حصانة المحامي الحقيقية هي في توسيع مجال تدخله مشيرا إلى أن 70 بالمائة من النزاعات خارجة من يد المحامي . وقد اعتبر عدد من المحامين المشاركين في الجلسة العامة أن الخصومة مع القضاة ليست خصومة ذاتية وإنّما هي مسألة ممنهجة لا بد من التصدي لها ولعودة المنظومة القديمة التي تحيل المحامين بالجملة وتسعى إلى تهميش المحاماة والمحامين رغم أنهم كانوا أول من دافع عن استقلالية القضاة. كما انتقد عدد من المحامين كثرة الفروع الجهوية معتبرين أن كثرتها لن تخدم المهنة وأنّها لن تجلب إلا الخصومات والعروشية والنعرات الجهوية وأنّها ضرب لمركزية القرار داخل الهيئة . شواغل مهنية وحول الشواغل المهنية قال العميد محمد الفاضل محفوظ أن الهيئة تسعى إلى تثمين المكاسب التي وردت في الدستور خاصة منها نيابة المحامي لدى الباحث الابتدائي كما اعتبر أن صدور الأمر المنظم لنيابة المحامي للدولة والمؤسسات العمومية جاء تتويجا لجهود الهيئات السابقة والهيئة الحالية مشيرا إلى أن آثار هذا الأمر ستظهر في المدة القادمة وستحقق نقلة نوعية في هذا المجال خاصة أن الأمر حدد سقف الملفات ورقم المعاملات التي يجب أن يتمتع بها كل محام وأنّ ذلك سيضفي الشفافية الكاملة على نيابة المحامي في هذا الصنف من القضايا وسيقطع مع السمسرة والنيابة على أساس الولاءات والانتماءات الحزبية . أما في ما يتعلق بنيابة المحامي الوجوبية أمام باحث الإبتدائي فقد أشار العميد إلى أن هذا الإجراء سيوسع من دائرة تدخل المحامي وأنّ هذا الأمر سيعرض قريبا على المجلس الوطني التأسيسي مؤكدا على أن الهيئة ستعمل على توسيع دائرة تدخل المحامين بالعمل على اقرار وجوبية نيابة المحامي في المؤسسات الإقتصادية وضبط برنامج للتكوين والرسكلة في هذا الاختصاص .