عندما فكر المشرفون على حظوظ النجم الرياضي الساحلي في احداث تغيير على مستوى الجهاز الفني لأكابر كرة القدم بعد ان تعثرت المسيرة مع الفرنسي دنيس لافاني وخسر فريق جوهرة الساحل عديد النقاط في سباق البطولة وغادر قبل ذلك مسابقة كأس الكنفدرالية الافريقية في نسختها الفارطة والحال انه كان مؤهلا للمراهنة على لقبها.. لم تكن النتائج هي وحدها الهدف الرئيسي.. بل كان هناك هدفا استراتيجيا في رؤية صناع القرار من وراء اقالة لافاني واستبداله بمواطنه روجي لومار.. ذلك ان النجم الساحلي في تلك الفترة بالذات كان في امس الحاجة لمن هو قادر على فرض الانضباط.. حتى ان احدهم علّق وقتئذ بأن النجم يلزمه مدرب برتبة «جنرال» حتى يعيد ما افتقده الفريق في عهد المدرب السابق لافاني بما ساهم بشكل مباشر في التأثير في نتائج وطموحات الفريق.. وأذكر ان المدير التنفيذي حسين جنيح عندما سئل عما اذا كانت مهمة روجي لومار ستكون فنية بحتة ام ستأتي جامعة بين فرض الانضباط وتحسين مردود الفريق جاء رده مؤكدا ذلك بما يعبر عن وعي القائمين على حظوظ النجم بأن المجموعة تحتاج فعلا لمدرب بمواصفات خاصة .. معروف عن لومار انه عسكري في عمله ولا يتأخر في رفع عصاه الغليظة امام كل من يفكر في شق عصا الطاعة والطاعة هنا ليس بمعناها التقليدي بقدر ماهي رؤية لجوهر الاحتراف والانخراط في منظومة المدرب التكتيكية والامتثال للأوامر وتغييب المفهوم السلبي للنجومية التي تضر اكثر مما تنفع.. وعليه فقد توفق روجي لومار في كنف الهدوء التام في كسب الرهان الى حد الآن لا فقط بما حققه من نتائج ايجابية وتجنبه للهزيمة طيلة 11 جولة كاملة وانما ايضا بما بات يتسم به مناخ الفريق معه من انضباط وجدية يعبران عن قوة شخصية المدرب واستطاعته ان يفرض لونه داخل المجموعة وان يكيّف عمله وفق رؤيته هو للاشياء..وفي هذا الجانب لا بدّ من الاشارة الى الدور الكبير والحاسم الذي لعبه المدير الرياضي زياد الجزيري في جلب لومار والاتفاق معه.. حيث كان الاتجاه نحو هذا المدرب دون سواه بناء على ما يعرفه عنه الجزيري الذي عمل تحت امرته لسنوات في المنتخب الوطني ومن ثمة ملاءمة خاصيات لومار مع حقيقة ما تفرضه المرحلة في النجم الساحلي من احتياجات خصوصية. تاريخ النجم شاهد على نجاح الجنرالات لان نجاح اي فريق لا يتوقف فقط على توفير الاموال والانتدابات المكلفة ومدربا بمواصفات عالمية وانما ايضا يستوجب شخصا قوي الشكيمة ومن فئة الصلب الذي لا يُكسر واللين الذي لا يُعصر.. ملما بتفاصيل مجموعته.. ماسكا بزمام السيطرة عليها ولا يكبر في عينه احدا مهما كان حجمه في الفريق.. وفي تاريخ النجم الرياضي الساحلي تجارب نموذجية لمدربين احكموا السيطرة والقبضة على المجموعة ولكن بأسلوب ذكي لا ينفر اللاعب من المدرب بقدر ما يقربه اليه.. والى ذلك نجح هؤلاء في رسم خط احمر امام المحيطين بالفريق يقطع مع التدخل في شؤون المدرب.. ومن امثال هؤلاء عمر الذيب الذي نال البطولة بعد 13 سنة لم يتذوق خلالها النجم الساحلي طعم هذا اللقب.. وما يُحكى عن عمر الذيب انه كان عادلا ولا يميز بين اللاعبين فيوم طالب المهاجم فتحي بودريقة بالحصول على رخصة تاكسي وابدى له المسؤولون موافقتهم رفع الذيب الفيتو معلنا رفضه لسبب بسيط عندما قال لبودريقة ان كنت ستحصل على هذه الرخصة فيتعين عليّ ان اوفر 18 رخصة ويعني بذلك كل لاعبي الفريق الاول. من جهته نجح فوزي البنزرتي في معظم محطاته على رأس النجم ونال الالقاب الوطنية والقارية تماما على غرار البرازيلي دوس سانطوس الذي كانت لديه كتيبة من النجوم ضمت اسماء كبيرة من طينة زبير بية وفريد شوشان ورياض البوعزيزي وعماد بن يونس وقائدهم جميعا الحارس رضوان الصالحي.. وكانت كل العناصر بمثابة الجنود الذين يأتمرون بأوامر «جنرال» يكرس الانضباط ويُلغي النجومية لتكون النتيجة سلسلة من التتويجات التاريخية التي حققها النجم الساحلي مع البرازيلي دوس سانطوس. جنرال استثنائي في باب الحديث عن اهم المدربين الذين نجحوا مع النجم الساحلي وبقيت انجازاتهم وشما في الذاكرة الجماعية لاحباء هذا الفريق وجب التذكير بالملحمة التاريخية التي حققها المدرب الفرنسي برتران مارشان عندما قاد النجم الى نصف نهائي كأس العالم للاندية في اليابان نهاية سنة 2007 قبل ان يتوّج معه فريق جوهرة الساحل بعد شهرين من تلك الملحمة وتحديدا في فيفري 2008 بالكأس الافريقية الممتازة على حساب النادي الصفاقسي بملعب رادس وفي نهاية ذلك الموسم مر النجم الساحلي بجانب ثنائي الكأس والبطولة حيث خسر اللقبين بكيفية مازالت راسخة في اذهان الجميع! ... المهم ان مارشان انجز مع النجم ارقاما من النجاحات وكان في تعامله مع اللاعبين الجنرال اللطيف الذي يكرس الانضباط دون ضجيج.. وفي المحصلة فان رصيد الامتياز وطنيا ودوليا الذي كسبه فريق جوهرة الساحل تحت امرة مدربين برتبة «جنرالات» يُحسب لمن جاء بهؤلاء المدربين وفق رؤية استراتيجية تبني للحاضر وللمستقبل وتكرس خيار الانضباط وتصل الفريق بتاريخه المجيد الذي ساهمت في صنعه رجالات من المسؤولين والمدربين واللاعبين الذين استقروا في الذاكرة الحية لأحباء فريق جوهرة الساحل.