انتظمت أول أمس بالجامع الكبير وسط المدينة العتيقة بصفاقس ندوة علمية دعت إليها جمعية الخطابة والعلوم الشرعية بصفاقس بالتعاون مع جمعية المحافظة على القرآن الكريم والأخلاق الفاضلة والجمعية التونسية للمحافظة على الأخلاق الحميدة تحت عنوان «تحييد المساجد بين الوظيفة الأصلية... والدعاية الحزبية». «التونسية» كانت حاضرة: الشيخ محمد المدنيني: «أهل مكة هم أدرى بشعابها» تعرض الشيخ محمد المدنيني في كلمة الافتتاح لعلاقة الدين بالدولة وبالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وخاصة منها الدينية مع الجدل الذي أثارته الدعوات المتكررة لتحييد المساجد منذ الثورة مبينا أن بعض الأطراف في الفترة الأخيرة تريد الزج بالأيمّة في مستنقع الخلافات الحزبية والأيديولوجية لفصلهم عن المجتمع وجموع المصلين مضيفا أن هذه الحملة «المغرضة والممنهجة» على حد قوله تتنزّل في نفس منهج الحكم السابق عبر السعي إلى كسر جملة القيم التوعوية والأخلاقية التي يقوم عليها الخطاب الديني حسب تعبيره. وأكد المتحدّث أن الإمام في تونس كيان مستقل ينير المجتمع ويزرع فيه الأخلاق الحميدة والقيم الدينية السمحة ملاحظا أن هناك من يتكلم في الشأن الديني من إعلاميين وفنانين ورجال سياسة وهم أبعد ما يكون عن ذلك لان فهمهم سطحي ولا يتعمّق في العلوم الشرعية قائلا: «نحن نترك الاقتصاد لرجال الاختصاص في هذا المجال والهندسة للمهندسين والطب للأطباء فاتركوا الدين لرجال العلم والدين» خاتما بالقول: «إنّ أهل مكة هم أدرى بشعابها». عبد العزيز لوكيل من المجلس الإسلامي الأعلى: «على الإمام ألاّْ يكون بوق دعاية» قال الشيخ عبد العزيز لوكيل أن للمسجد دورا رياديا في المجتمع لتحقيق الاستقامة الأخلاقية والقيمية والدينية التي يتلقاها المصلي في خطبة الجمعة والدروس الدينية ملاحظا أن تحييد المساجد له مفهومان مفهوم مرفوض يتحدث عن تحييد الإمام ومنعه من التطرّق للقضايا الحياتية اليومية والمشاكل الاجتماعية والأخلاقية وحصره في مناقشة نواقض الوضوء وأوقات الصلاة مؤكدا أن الإمام يحمل أمانة ورسالة تحتّم عليه الاهتمام بكل ما يهدد استقرار المجتمع وتجانُسَه. وقال لوكيل إنّ الله شرّف الإمام بأن يكون معلما لدينه الحنيف ومحافظا على استمرار نشره وألاّ يدعو في المساجد لغير الله وألاّ يكون بوق دعاية لأي طرف من الأطراف أو الأحزاب لأن المسجد لله وحده. كما استهجن «الشيخ عبد العزيز لوكيل» ما وصفه انحياز وسائل إعلام لأطراف محددة على حساب أطراف أخرى. الشيخ شهاب الدين التيشي (ممثل الجمعية التونسية لأيمّة المساجد): « العهدان البورقيبي والنوفمبري قزَّما المساجد» شهاب الدين التيشي ممثل الجمعية التونسية لأيمّة المساجد أكد في مداخلته أنه على التونسيين الحفاظ علي حرمة مساجدهم والمحافظة على شعائرهم الدينية وحماية الأيمّة من الحملات المغرضة التي تستهدفهم مبينا أن المسجد هو القلب النابض لإيّة مدينة من مدن المسلمين وأنه في صلاح الأيمّة صلاح المجتمع وأنه بفسادهم يفسد وأنّ للإمام قيمة ورسالة تربوية واجتماعية ونفسية وأنه هو الذي ينشر قيم المحبة بين الناس داعيا إلى دور ايجابي لوسائل الإعلام لإيصال الصورة الحقيقية للدين وعدم بث الالتباس والضبابية والتشويش في المجتمع للتخويف من الدين خاصة أن الدين الإسلامي دين أخلاق وقيم وتسامح. كما دعا في كلمته إلى ضرورة الالتفاف حول أيمّة المساجد في وجه حملات التشهير والتنفير منهم التي تشنّها بعض الأطراف مضيفا أن دور المسجد والإمام تاريخي في مقاومة الاستعمار الفرنسي وقيادة المقاومة ضده وعبّر عن صمود المسجد ضد حملات التقزيم والتهميش التي عصفت به في العهدين السابقين البورقيبي والنوفمبري. الدكتور لسعد الدرويش (ممثّل عن جامعة الزيتونة): «الدعوة إلي تحييد المساجد هي دعوة مائعة وبائسة» تحدّث الدكتور لسعد الدرويش عمّا أسماه مفارقة عجيبة وغريبة تتحدث عن تحييد المساجد في دولة دينها الإسلام مؤكدا على الدور السامي للمسجد في تونس وحرمته داخل المجتمع ودوره التعليمي والتربوي داعيا إلى احترام حرمة المسجد والإمام والمؤسسة الدينية ككل مضيفا أن الدعوة إلى تحييد المساجد هي دعوة مائعة وبائسة على حدّ قوله وأن دور المسجد ليس للصلاة فحسب مبيّنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدرس في المسجد وكذلك أصحابه من بعده وكان يستقبل الوفود فيه كذلك وأن دعوات تحييد المساجد هي مشروع ممنهج يستهدف الدين في ذاته إلى جانب المسجد والإمام لتقييده وإفراغ المسجد من محتواه لتمرير ثقافة مستوردة من الغرب ودخيلة عن المجتمع التونسي. الشيخ مختار الجبالي: تحييد المساجد فكرة علمانية متطرفة أمّا الشيخ مختار الجبالي فقد هاجم في بداية كلامه عن وسائل الإعلام خاصة ما وصفه بمقال صحفي مغرض تحدث عن تعميد المساجد وما يحمله هذا المفهوم في طياته من خبث وسموم ينحدر من مرجعية مسيحية كنسية الغرض منه تطويق المساجد وإفراغ الدين الإسلامي من محتواه وبيّن المتحدث أن كلمة «تعميد» يقصد بها في الغرب تبشير حيث يؤخذ الصبي الرضيع إلى الكنيسة لاعتناق المسيحية وهاجم الشيخ من وصفهم بالأقليات العلمانية المتطرفة في تونس معللا كلامه بشعار كانت قد تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي FACEBOOK «تونس حرّة حرّة والاسلام على برّة» مبيّنا أن قضيتهم الأساسية هي مع الدين الإسلامي ككل وأن دعواتهم إلى تحييد المساجد وتشويه الايمّة ليست إلا مدخلا من مداخلهم الخبيثة لتقويض الدين الإسلامي في البلاد واصفا إياهم بالحمقى والغافلين. الشيخ البشير بن حسن : «صلاح الأمة في صلاح أيمّتها» أكد الشيخ البشير بن حسن في كلمته أن صلاح الأمة لا يمر من المنابر الإعلامية والسياسية بل يمرّ بالضرورة من منبر الإمام مؤكدا أن صلاح الأمّة في صلاح أيمّتها ومساجدها مبرزا أن المسجد هو القاعدة الأولى في طريق الإصلاح الاجتماعي وأنّ الإمام يؤسس للتسامح ويمارسه بصورة صادقة لأنه ثمرة الدين الذي يؤمن به ويدعو إليه ويعمل على إطفاء كل شرّ يحدق بالعباد والبلاد والدعوة إلى قيم الخير والتسامح داخل المجتمع مقتديا في ذلك بسنّة الرسول صلي الله عليه وسلم. ريبورتاج وتصوير: فاخر بن عبد القادر