فيما تحاول الحكومة محاصرة فلول الإرهاب بجبل الشعانبي والقضاء عليهم يرى مراقبون أن الميلشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة الليبية تحاول بعثرة اوراق تونس من جديد حيث تقوم هذه المليشيات بعمليات الخطف للضغط على الدول قصد إطلاق سراح ليبيين وتونسيين متورطين في قضايا إرهابية. وتحاول تونس فك «شيفرة» عمليات الخطف التي حصلت لبعض ديبلوماسييها في العاصمة الليبية طرابلس حيث أعلن أمس منجي الحامدي وزير الخارجية ان خاطفي الديبلوماسي التونسي العروسي القنطاسي وموظفا آخر في السفارة التونسية في ليبيا، يطالبون بالإفراج عن ليبيين معتقلين بتهمة الارهاب في تونس مشيرا الى انهم جماعة على علاقة بمتشددين معتقلين في تونس ويطالبون بإطلاق سراحهم مقابل الافراج عن الديبلوماسيين. وأضاف الحامدي «يبدو أنهم من العائلة التي ينتمي اليها ارهابيون ليبيون معتقلون في تونس لانهم متورطون في عملية ارهابية في الروحية وحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة» مؤكدا ان نفس هذه المجموعة هي التي خطفت ديبلوماسيّا آخر قبل شهر. كما اشار الحامدي الى أن الوزارة تدرس فكرة تقليص بعثتها الديبلوماسية في ليبيا بعد اختطاف ديبلوماسيين اثنين خلال شهر مؤكدا سعي الوزارة الى التفاعل مع الجهة الخاطفة لضمان حياة المختطفين وإطلاق سراحهم. وقال الحامدي ان الوزارة قامت بتكوين خلية أزمة لدراسة الخطوات المقرر اتخاذها وانه التقى بالقائم بالإعمال الليبي في تونس الذي وعده ببذل قصارى الجهد لإطلاق سراح الديبلوماسيين التونسيين. كمال زرّوق مهندس العملية؟ في المقابل، تناقلت بعض المواقع الالكترونية خبرا مفاده ان الإمام كمال زروق الفارّ من العدالة والمتسبب في عدد من أعمال العنف بالعاصمة هو الذي هندس ونفذ عملية اختطاف المستشار الاول للسفير التونسيبطرابلس العروسي القنطاسي وذلك بالاشتراك مع تونسيين وليبيين، فيما رجح غازي معلى الخبير في الشؤون الليبية ان تكون عملية اختطاف الدبلوماسي التونسي في العاصمة الليبية طرابلس هي عملية تونسية لا دخل للطرف الليبي فيها، مستندا في ذلك إلى معلومات «شبه مؤكدة». وقال معلى إن عملية الاختطاف تدخل ضمن تصفية حسابات من قبل جماعة متطرفة تم تصنيفها تنظيما إرهابيا، في إشارة إلى «أنصار الشريعة»، في محاولة للضغط على السلطات التونسية من أجل الإفراج عن معتقلين ينتمون إليها. ودعا معلى إلى ضرورة تدخل وزارة الخارجية التونسية لإيجاد حل لعمليات الاختطاف التي باتت تهدد حتى المواطنين التونسيين في ليبيا وخصوصا في العاصمة طرابلس. خلية أزمة وبيان تحذير وكان منجي الحامدي قد أشرف، أول أمس اثر اختفاء العروسي القنطاسي في ظروف غامضة، على اجتماع عاجل لخليّة الأزمة الخاصّة بمتابعة الأوضاع في ليبيا، ضمّ كلا من الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن وكاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية وممثلين عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارات الدفاع الوطني والداخلية والعدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. كما أصدرت الخارجية اثر ذلك بيانا دعت فيه المواطنين الى «ارجاء» السفر الى ليبيا والقيام بذلك عند الضرورة فقط». كما دعت التونسيين المقيمين في ليبيا «الى التزام الحذر في تنقلاتهم حفاظا على سلامتهم وتفاديا لكل طارئ في هذه الظروف الاستثنائية». واعربت الوزارة عن «انشغالها العميق لاستهداف الديبلوماسيين التونسيين في ليبيا»، مؤكدة «حرصها المتواصل على تأمين سلامة جميع الموظفين العاملين ببعثاتنا الديبلوماسية والقنصلية المعتمدة في ليبيا وكافة افراد الجالية التونسية المقيمة في هذا البلد الشقيق». أعضاء في البرلمان الليبي متواطئين؟ وجاءت تصريحات فوزي عبد العال وزير الداخلية الليبي الأسبق لتؤكد ما ذهب اليه بعض الخبراء من ان عمليات الاختطاف تتم، حسب رأيهم، بتواطؤ من جهات رسمية ليبية. وقال عبد العال إنه بعد اختطاف السفير الأردني في ليبيا، فواز العيطان، ومطالبة الخاطفين بالإفراج عن السجين الليبي في عمان محمد الدرسي واختطاف الديبلوماسي التونسي في طرابلس لا أحد في ليبيا يستطيع أن ينكر تغلغل «القاعدة» في البلاد مضيفا، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»: «كما لم يعد خافيا تواطؤ بعض أفراد المؤتمر الوطني الليبي العام (البرلمان) معهم». وحمّل عبد العال مسؤولية ادخال البلاد في ما هي عليه، للمؤتمر الوطني العام ومن سماهم «أصحاب اتجاه الاسلام السياسي»، على حد وصفه, مشيرا الى أن: «هؤلاء لم يعد خافيا متاجرتهم بالدين من أجل الوصول إلى السلطة». ووجه عبد العال، نداء إلى جميع الثوار الحقيقيين والوطنيين الشرفاء حذّرهم فيه «من الانجرار خلف هؤلاء الناس الذين اختطفوا الثورة لمصلحة أجنداتهم المشبوهة». خبير في الجماعات الإسلامية على الخطّ من جهته، اعتبر علية العلاني الخبير في الجماعات الاسلامية ل«التونسية» ان اختطاف الدبلوماسي العروسي القنطاسي يعتبر الثاني الذي جاء بعد خروج حكومة «الترويكا» من الحكم. وأنه تقليد من تقاليد تنظيم القاعدة ومنها تنظيم «أنصار الشريعة». واعتبر العلاني أن الاختطاف في الحالة التونسية ليس من أجل الفدية المالية وانما من اجل المبادلة مع موقوفين من التيار الديني المتشدد في السجون التونسية مشيرا الى ان عمليات الاختطاف لن تتوقف طالما أن هياكل الدولة الليبية شبه غائبة معتبرا ان مسألة تورط تونسيين في عملية الخطف مسألة ثانوية لان المتشددين الدينيين من «أنصار الشريعة» سواء من تونس أو من ليبيا بينهم عمل مشترك وتنسيق متواصل . وحول تطورات الأوضاع إزاء هذا الملف، يعتقد العلاني أن الخاطفين سيطيلون المشاورات وسيكثرون من الطلبات وربما سيتنازلون عن بعضها وهو أسلوب متعارف عليه لدى التيارات الإرهابية، مشيرا الى أنه ليس من مصلحة الإرهابيين إعدام الرهائن لديهم لان في ذلك انعكاسات سلبية عليهم مشيرا الى أن الخاطفين يهدفون من خلال عملهم هذا الى فك الطوق عن زملائهم من انصار الشريعة في تونس سواء كانوا من الموقوفين او الملاحقين. وقال العلاني إنّ الحكومة ستسعى الى استعمال بعض الوسطاء في التفاوض وان المفاوضات ستستغرق مدة طويلة، وأنه يصعب ان تخضع لطلبات الخاطفين معتبرا ذلك الرأي السديد لأنه في صورة الاستجابة لطلباتهم فان ذلك سيفتح الباب على مصراعيه لعمليات اخرى داعيا الحكومة إلى اتخاذ اجراءات مشددة لحماية محيط سفارتها وتنقلات أعضائها، قائلا «ومن الطبيعي ان يتم تخفيض عدد العاملين بالسفارة التونسية لكن لا يجب في رأيي إغلاقها الا اذا اصبحت المخاطر شديدة». وقدّم علية العلاني في ختام تصريحه ل «التونسية» أربع ملاحظات أولها ان لجوء «أنصار الشريعة» والخلايا النائمة ل «القاعدة» الى عمليات الخطف يفند الأخبار التي كانت تتحدث عن استعداد أنصار الشريعة في ليبيا لتجنيد جيش للهجوم على تونس لاقامة امارة اسلامية مشيرا الى أن البنية التحتية لانصار الشريعة ضربت بشكل كبير في تونس وبالتالي فإن عمليات الخطف خارج تونس هي اقصى ما يمكن ان تصل اليه. وقال العلاني ان ليبيا تمثل اليوم أخطر مكان ل «القاعدة» في شمال افريقيا بعد ان انتقل ثقلها من مالي الى ليبيا ، ومن ثمّ وجب ان يكون التنسيق الاستخباراتي والأمني مغاربيا ودوليا معتبرا ان الخاطفين يريدون إرباك أجندة الحكومة الحالية التي جاءت أساسا لحل الملفّين الأمني الاقتصادي مؤكدا ان جزءا هاما من المشاكل الأمنية التي نعيشها اليوم هي نتيجة للسياسات الامنية والاقتصادية الفاشلة في حكومة «الترويكا».