بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامية عبّو ل «التونسية»:نوّاب الثورة... خانوا الثورة
نشر في التونسية يوم 21 - 04 - 2014

أنا نائبة شعب ولست منتجة أو منشطة «أغنية لكل مستمع»
حاورتها: صباح توجاني
يذكر الجميع من متتبعي أخبار الشأن المحلي وتحديدا ما يجري تحت قبة المجلس التأسيسي ما أقدمت عليه السيدة سامية عبو عضو حزب «التيار الديمقراطي»، من تجميد نشاطها كرد منها على الأحكام التي اصدرتها المحكمة العسكرية على الأمنيين السامين الذين كانوا يعملون مع نظام الرئيس المخلوع. هنا السيدة عبو توضح شروط استعادتها رفقة زملائها لنشاطاتهم صلب المجلس التأسيسي وتوضح في حديثها ل «التونسية» تداعيات احكام المحكمة العسكرية وما يسعى اليه البعض من وراء الدعوة الى استحداث دوائر متخصصة تتولى البت في قضايا الشهداء.
السيدة عبو كعادتها لا تتوانى عن الإعتراف بمسؤولية المجلس التأسيسي وتراخيه في النظر في مشاريع القوانين وخاصة ما يتعلق منها بالملفات الحارقة على غرار ملف شهداء الثورة وجرحاها، حيث تنفعل في ردها على بعض الزملاء وتصف حالهم بمن امامه باب البيت مفتوحا وهو يهدر وقته في خلع نافذة تؤدي به الى الخلاء...
السيدة عبو تتفاعل وتنفعل مع الأحداث بصدق مشاعرها ووطنيتها التي لا تقبل المزايدة، وهي وزوجها يشكلان نموذجا لتزاوج السياسي بالحقوقي في اجل معانيه،،، عذرها الوحيد انها تحب تونس الى حد النخاع ولا ترضى ان يسجل التاريخ انها تخاذلت يوما عن واجبها...
قالت الأستاذة سامية عبو في بداية حوارها مع «التونسية» أنها جمدت نشاطها الى حين تصحيح الإجراء الذي وقع خرقه في المجلس، مضيفة القول :
« لدينا قانون يتعلق بشهداء الثورة وجرحاها، نطالب اليوم بتفعيله أو تفعيل الفصل 8 من قانون العدالة الإنتقالية بعد تنقيحه، الى جانب ارساء اصلاح شامل للمنظومة القضائية حتى اتراجع انا وزملائي عن تجميد نشاطاتنا.
فلو تم تمرير هذه القوانين في ابانه، لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم من فاجعة صدمت الشعب وأضافت جراحا الى الجراح النازفة لعائلات الشهداء والجرحى...فالإشكال في المجلس التأسيسي ذاته لأنه لم يحترم القوانين وتخاذل وتراخى في تنفيذ الإجراءات المعمول بها داخله، حيث تعهد رئيس المجلس السيد مصطفى بن جعفر بملف شهداء الثورة وجرحاها، فيما لم نسمع خبرا واحدا عن مشروع قانون اصلاح المنظومة القضائية..
ولكن الدعوة الى بعث دوائر متخصصة تعهد لها ملفات الشهداء والجرحى، لا تستند الى مرجعية دستورية، بل لنقل بانها مخالفة تماما للدستور الذي وضعه المجلس التأسيسي ثم انبرى يخرقه في اول مناسبة...غير مناسبة؟
شخصيا لا اوافق على فكرة انشاء دوائر مختصة في ملف شهداء الثورة وجرحاها، لا لشيء سوى لأن مشروع القانون المتعلق بهم تم تقديمه للمجلس قبل المصادقة على الدستور وقبل المصادقة على قانون العدالة الإنتقالية...
(بانفعال شديد) ما يحصل اليوم هو مهزلة بجميع المقاييس، وكأنه لدينا باب مفتوح ونحن بصدد خلع شباك يؤدي الى خارج البيت لا الى داخله...لماذا؟
لأن قانون العدالة الإنتقالية الذي دخل حيز النفاذ، ينص في فصله الثامن على احداث دوائر بمقتضى أمر، بمعنى أن رئيس الحكومة بمقدوره اعطاء أمر بتعيين رؤساء دوائر حالما يتم احداثها، خاصة ان قانون العدالة الإنتقالية له من الضمانات الدستورية ما يخول له عدم المجابهة باتصال القضاء.
كيف بدا لك أداء المجلس التأسيسي طيلة ثلاث سنوات ؟
ظل اداء المجلس التأسيسي منذ انتخابه متاثرا بدرجة كبيرة بالتجاذبات السياسية بالرغم من ان على عاتقه ثلاث مهام اساسية ثقيلة تتمثل الأولى في صياغة الدستور الجديد ثم في صياغة مشاريع القوانين ومناقشتها بالتفصيل ثم ممارسة الرقابة على الحكومة.
كل هذه المهام قد يطلب منا نحن نواب المجلس تأديتها مجتمعة في يوم واحد أو أسبوع واحد حيث كان نسق العمل مرهقا جدا واذا اضفنا الى المماطلات والتجاذبات والصراعات الداخلية، فانه يصبح عندئذ من الصعب انجاز الواجب في مثل تلك الظروف...
هذا الإطار العام، الى جانب ما رافق اغتيال الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد من احداث حيث كان وقع العمليتين الإرهابيتين كبيرا على المجلس التأسيسي افضى الى ارباك عمل المجلس وانعكس بالتالي على مردوديته.
في الحقيقة اذا اردنا تقييم تجربة المجلس التأسيسي منذ انتخابه الى اليوم، بمقدوري القول بانها كانت تجربة صعبة وكانت تستوجب احساسا عاليا بالوطنية والتسلح بالصبر وسعة الصدر تجاه الكم الهائل من التهم التي كالتها لنا بعض الأطراف حول اجورنا والمنح التي نتقاضاها.... لقد كانت هجمة مجانية الغاية منها اظهار أعلى سلطة شرعية في البلاد في مظهر لا يليق بها بما يعطي صورة مشوهة عن نواب الشعب ...
الحقيقة ان الحملة ازعجتني كثيرا ولمدة طويلة وصاحبتني حتى داخل اسرتي ...لأن بعض الأطراف تعمدت اظهار النواب في شكل تجّار غايتهم الوحيدة تحقيق الربح المادي لا العمل التشريعي الذي انتخبوا لأجله...وكأن النائب كان جائعا وعندما دخل المجلس التأسيسي شبع...
لقد كان أجدر توجيه التهم التي اساءت كثيرا كثيرا لي ولبقية زملائي الى مكافحة الفساد وفضح المتورطين فيه من الذين نهبوا وينهبون المال العام مما ادى الى خسارة المليارات يوميا في قطاعات حيوية كالبنوك ومؤسسات الطاقة...فلو ركزت الأطراف التي نعرفها جيدا على كشف ملفات الفساد...حتى بمجرد الإشارة اليها، لكان أفضل لها ولنا جميعا وللوطن الذي يعاني من خيانة عدد من أبنائه له.
ولكنك كنت من المدافعين الشرسين عن المجلس في وقت ضاعت فيه اصوات الواقفين مع الشرعية، وكنت لا تخشين لومة لائم لك اذا كنت مقتنعة بموقف ما وتستميتين من اجله؟
(بمرارة كبيرة) اجلّ... يشرفني انني كنت من اشد المدافعين عن الشرعية ...فعندما اطلقت بعض الأطراف دعوتها الشهيرة لحل المجلس التأسيسي رفعت راية الشرعية وعارضت الدعوة رفقة مجموعة من الزملاء، الا انه ما راعني الا ان اتهمونا بالتفكير في مواصلة التمتع بالمنحة وبالأجر، وقتها طالبت بايقاف منحتي لأني على قناعة بأنّ مطلبي هو الإبقاء على الشرعية وحمايتها ولم أفكر بتاتا في الأجرة ولا في أية امتيازات..
عموما كل هذه المشاكل وغيرها كثير، اثرت على سير اعمال المجلس وتحديدا على عملية صياغة الدستور التي عرفت بدورها أزمة كبيرة... والجميع يتذكر النسخة النهائية لغرة جوان 2013 التي انقلبت من خلالها هيئة التنسيق والصياغة على أعمال اللجان التأسيسية وأهمها لجنة السلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما التي انا عضو فيها.
بعبارة أخرى، اثر مجهود اكثر من عام ونصف بكل المخاض الذي رافقه يوميا والذي عشناه بقلوبنا وعقولنا واحاسيسنا صلب اللجنة والمناقشات الساخنة التي تم الحسم فيها بالتصويت، تتجرأ الهيئة وتنقلب علينا مما افضى الى تعطيل اعمال المجلس التأسيسي ككل وبالتالي عطلت الإنتهاء من النظر في مشروع الدستور وقتها وكان بالإمكان ان ننهي الصياغة في شهر جويلية 2013...
انفعالاتك التي نتابعها مباشرة عبر التلفزة، نراها انفعالات امرأة من الشعب وليست امراة تعمل في الحقل السياسي...هل بعد ثلاث سنوات من العمل السياسي المضني مازلت تحافظين على حسك المرهف واحاسيسك الساخنة ؟
لأن مهمتنا كبيرة جدا كنواب بالمجلس التأسيسي، فصياغة دستور جديد لأجيال المستقبل بعد اكثر من 50 عاما من الإستبداد مسؤولية ثقيلة خاصة أننا كنواب نريد ان نشيد بناء صلبا على ارضية قوية من القوانين الموضوعية التي تصون حرية الفرد وكرامته في كل الأوقات ...فكان لابد ان يكون كل واحد منا على دراية بالآليات القانونية وان يحسن قراءة النصوص وتأويلاتها جيدا وان يعرف توجهات الأغلبية ومشروعها الأساسي الذي ترغب في تكريسها صلب المجتمع التونسي...
كل هذه العوامل جعلت مهمتنا صعبة جدا، فنحن على يقين بانه مهما طال الزمن فسوف نحاسب على مواقفنا...اننا كنا نشعر بأن مسؤوليتنا كبيرة وثقيلة فقد ائتمننا الشعب التونسي على اقتصاده وتنميته ومستقبله برمته...
نحن نهندس، لكن هل نهندس مثلما يريد الشعب الذي انتخبنا ام وفق ما تريده اقلية حزبية ام حزب بعينه....
لقد عشت فترات خيبة أمل صعبة من بعض الأطراف السياسية وانا بطبعي شديدة الحساسية، كنت ومازلت اعتقد انه خلال هذه الفترة الإنتقالية ، لا يجب ان نتعامل معها بسياسة مفرطة، يجب التقليل من المبادئ العامة ونسعى الى تطبيقها عوض التحدث عنها.
فالدستور مثلا، وجب ان يضمن عدم عودة الدكتاتورية، فالمصادقة على القوانين العادية تتم بأغلبية الحاضرين وعلى القوانين الأساسية بأغلبية مطلقة.... فالأصل في الأشياء اذا رفض رئيس الجمهورية ختم القوانين ومارس حق الرد، تعود القوانين الى المجلس التأسيسي لقراءة ثانية...
هذه القاعدة التي تضمن عدم استبداد الأغلبية داخل المجلس التأسيسي بسن قوانين تعكس فقط توجهاتها السياسية، وقع رفضها ووضع قاعدة أخرى سواء كانت قوانين عادية او اساسية في القراءة الثانية ب 50 زائد 1 اي بأغلبية مطلقة....اذن هناك نية معلنة عن ارساء قاعدة تقوم على هيمنة الأغلبية على الأبعاد السياسية للقوانين خاصة ان القوانين الأساسية تتضمن الحقوق والحريات والصحافة والإعلام والنشر ومجلة الأحوال الشخصية وواجبات المواطن والقضاء والعدل الخ...
فأهم القوانين التي تمس الحريات العامة والخاصة والمؤسسات تكون عندئذ بيد الأغلبية وهو ما نرفضه جملة وتفصيلا.
يشهد لك المتتبعون للشأن المحلي بقدرتك الفائقة على التفاعل مع المواقف حد التشنج الذي لا يسد باب الإعتذار عند الخطإ... حيث كنت اعتذرت سابقا لزملائك بكتلة النهضة بعد حادثة جدت تحت قبة المجلس؟..
بينما كنا بصدد مناقشة مشروع الدستور قلت بان كتلة «النهضة» بالمجلس خانت لجنة التوافقات ...فتم ايقاف الجلسة وطالبني زملائي النهضويون بالإعتذار عما بدر مني ...ونظرا للمصلحة العامة وحرصا على السير الجيد والسليم لأعمال المجلس خاصة ان البلاد كانت يومها على كف عفريت، اعتذرت وطالبت بدوري رئيس كتلة «النهضة» الزميل الصحبي عتيق بالإعتذار لأني اعتبرت ان الكتلة خذلتنا عند التصويت على الفصل 74 المتعلق بتحديد شروط الترشح للإنتخابات الرئاسية.
وللأسف الشديد، رئيس كتلة «النهضة» فوت على نفسه فرصة الظهور في شكل حضاري مميز ولم يعتذر لي، لذلك أقول أنني بدوري لم اعتذر له...
اعتقد بكل صدق بأنني لا أنتج أو أنشط برنامج «اغنية لكل مستمع» انا احترم قناعاتي ولا يصدر عني الا ما يتماشى ومبادئي وضميري يكون عندها جد مرتاح... سواء قدّر الآخر عملي وجهدي أم لم يقدرّه خاصة اذا كان الآخر خصما سياسيا، فهذا الأمر لا يعنيني.
ولكنك عندما كنت تنتمين الى كتلة حزب «المؤتمر من اجل الجمهورية»، لم تكوني بهذه الشراسة في نقدك لأداء «الترويكا»، مثلا؟
حتى عندما كنت في حزب «المؤتمر»، كنت اسمح لنفسي بنقد من هم في السلطة من احزاب «الترويكا»، بالرغم من علاقات الصداقة التي تجمعني بهم...ما الوم عليه اهم قياديي «النهضة» انهم يمارسون سياسة فاقدة للأخلاق...وهذا أقل ما يمكن ان توصف به سياستهم.
لنعد الى الإختلافات الجوهرية التي بدت واضحة للعيان بخصوص مشروع القانون الإنتخابي، هل تعتقدبن بانه بمقدور نواب التأسيسي تجاوزها وتمرير القانون حتى تتمكن الهيئة المستقلة للإنتخابات من التفرغ لتنظيم الإنتخابات في ابانها وفقا للدستور؟
لا أشك في أن بعض النقاط التي يتضمنها مشروع القانون الإنتخابي ستثير جدلا كبيرا عند عرضها على النقاش العام، لعل أهمها الفصل 15 من المرسوم 35 المتعلق بمنع المسؤولين في حكومات بن علي وفي «التجمع» المحلّ من الترشح للإنتخابات القادمة، اضافة الى النقطة الخاصة بالرقابة على تمويل الحملات الإنتخابية والنقطة المتعلقة بالعتبة الإنتخابية ...
كما اعتقد ان النقاط الخلافية الأخرى المثيرة للجدل ستكون بخصوص العقوبات الجزائية ومرافقة الأميين الى خلوة الإقتراع وحق الأمنيين والعسكريين في التصويت.
وانا على يقين بان الإنتخابات ستقع قبل موفى العام الجاري لسبب بسيط هو أن الهيئة المستقلة للإنتخابات التي اشرف عليها السيد كمال الجندوبي لم تكن لديها تجربة سابقة في المجال ولا تعمل بالوسائل اللوجستية والبشرية اللازمة ولم تكن لديها قاعدة بيانات جاهزة ورغم ذلك انجزت انتخابات في ظرف 6 اشهر...فما بالك ونحن اليوم لدينا هيئة مستقلة فيها من لديهم خبرة واسعة في المجال وفيها مراقبون متكونون اضافة الى تحوزها على معطيات واحصائيات وكل ما يمكن ان تحتاجه لإنجاز عملها على الوجه الأفضل...
اضافة الى كل ما تقدم فان الهيئة الحالية برئاسة السيد شفيق صرصار تعمل اليوم ليلا نهارا لتيسير مهمتها حتى متى تمت المصادقة على القانون الإنتخابي تدخل الهيئة في صميم الإعداد لإجراء الإنتخابات في موعدها وفق ما ينص على ذلك الدستور الجديد..... اللهم الا اذا كانت هناك ارادة سياسية مضادة...
مازال قانون تحصين الثورة مثار جدل حد التجاذب والتلاسن، هل تميلين الى تمريره بالرغم من تداعياته المحتملة على المجتمع التونسي؟
بل قولي بأن امنيتي ان يتم تمريره، لكن للأسف الشديد، هناك كتلة انتخبها الشعب التونسي أرهقتنا طيلة عمل المجلس التأسيسي، ترفض تمريره، ولذا اقول بان الإقتراع مستقبلا لا بد ان يكون عملية موضوعية عقلانية بالدرجة الأولى ، بمعنى انه على الناخبين التفكير مليا في توزيع اصواتهم بحكمة، حتى لا نجد انفسنا في وضع كهذا، اي اغلبية تتحكم بفضل تفوقها العددي في نتائج التصويت على القوانين صلب المجلس.
فأغلبية الكتلة النهضوية عبرت عن رأيها بصراحة وبلا خجل، وقالت بان الحركة غيرت موقفها من قانون تحصين الثورة وصارت بالتالي ترفض تمرير المشروع... وباعتبار انها صاحبة الأغلبية وباحتساب نواب حركة «نداء تونس» و«حزب المبادرة» بالإضافة الى الكتلة الديمقراطية التي تقف ايضا ضد تمرير الفصل 15 وبعملية حسابية بسيطة نجد ان من هم ضد القانون اكثر بكثير ممن يطالبون بتمريره... اللهم الا اذا حدثت مفاجأة الربع ساعة الأخير وانقسمت كتلة «النهضة» من الداخل بين مؤيد ورافض للمشروع.
وانا عبر «التونسية» اريد ان يسجل التاريخ ان النواب الذين أتت بهم الثورة هم انفسهم من خانوا الثورة ...فالثورة حمتهم ولكنهم لم يعرفوا كيف يحمونها.... والخوف كل الخوف ان يعود هؤلاء الذين نريد إقصاءهم الى مراكز القرار ...وقتها ستكون «النهضة» اولى ضحاياهم ...
باعتبارك من الناشطين في مجال الحريات والحقوق ومن مؤسسي الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، كيف تنظرين الى وضع الحريات بعد الثورة في تونس ؟
لا شك ان هناك فرقا بين حرية التعبير كمفهوم جوهري وممارستها كحق اساسي...على مستوى الممارسة من الواضح ان حدّة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان عامة قد خفت عما كانت عليه قبل الثورة حيث كان التعذيب ممنهجا... فالدولة هي التي كانت تمارس التعذيب وسياستها العامة كانت تقوم على الإنتهاكات على جميع المستويات وعلى الهرسلة بالدرجة الأولى..
وفي المقابل، كانت عمليات فضح النظام السابق وممارسته اللاإنسانية ضعيفة وقليلة لأن الجميع كان يخاف من بن علي وحتى مجرد الحديث في مقهى عن سياسة التعذيب التي كان ينتهجها...كنا وصلنا الى مرحلة غير معقولة بالمرة من الخوف من الآلة البوليسية لنظام بن علي..
اما بعد الثورة، كما قلت أضحت هذه الممارسات فردية وغير ممنهجة اي لا تتم بتعليمات عليا بل هي مجرد سلوكات فردية تصدر عمن لم يستطع التخلص من ممارساته القديمة وعاداته القذرة.
وفي نفس الوقت، تطورت عمليات رصد الإنتهاكات بفضل حرية التعبير المتاحة بعد الثورة، بل اننا نعيش زمن الحرية المفرطة الهمجية في بعض الأحيان وغير المنضبطة..حيث صرنا نتصور الوقائع ولا نصورها على حقيقتها اي ان البعض اضحى يتجاوز الواقع في تخيلاته ويعترف بانها حقيقة وواقع ملموس..
حرية التعبير التي نراها تتجاوز حدود المعقول اليوم، هي في ذاتها وفي ممارستها اللامحدودة اساءة للحقوق والحريات، فأنا عندما امس الأخر باطلا من خلال فضاء تلفزي، وأثلبه جزافا وظلما، فحريتي عندئذ تجاوزت حدودها، لا بد ان تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخر.
فالمسؤولية في الحرية هي الحرية نفسها وهي التي تعطي للحرية معناها ووجودها. واعتقد ان كل هذه التجاوزات وهذا المفهوم الخاطئ للحرية انما هو نتيجة الإنفلات والتسيب وضعف هيبة الدولة وغيابها وضعف مؤسساتها الى جانب حرص بعض الأطراف على تصفية حساباتهم السياسية الضيقة.
سؤال يتبادر الى اذهان العديد من التونسيين، انت وسي محمد تشكلان زوجا سياسيا بارزا في الساحة المحلية، ولكنكما على الدوام في الفضاءات العمومية، هل تلتقيان مع الأبناء وتعيشان كبقية أفراد الشعب، أم ان السياسة أكلت كامل وقتكما ؟
( تضحك وترد) انا وزوجي نتحدث دوما في السياسة ولا شيء غيرها منذ ما قبل الثورة، ولكن منذ بضعة اشهر ونحن نحاول استرجاع عاداتنا الجيدة من متابعة المسرح والسينما والنشاطات الثقافية عامة...نحن نحرص على الإلتقاء بأبنائنا كل يوم مثل بقية العائلات التونسية، فابنائي الثلاثة صاروا اليوم شبابا يتولون امور انفسهم بانفسهم ( 21 عاما و18 عاما و17 عاما)، وهو ما يسمح لي بالقليل من الوقت لنفسي ولممارسة نشاطاتي السياسية خارج المجلس التأسيسي...عموما انا وزوجي ربيناهم على المسؤولية والإعتماد على الذات منذ الصغر، هم لم يولدوا في بيت عادي، لقد نشؤوا في بيت سياسي معارض شرس لنظام بن علي وقت كان مجرد الكلام تهمة...
اذن تعوّد ابنائي على القيام بواجباتهم منذ الصغر ولديهم حس سياسي عال وان كانت اهتماماتهم مختلفة ولكني حرصت مع ابيهم على ان نرعى ميولاتهم دون ان نتدخل فيها الا متى استدعى الأمر ذلك...
ولكن يبدو وكأنك تتبعين في مسيرتك السياسية خطوات سي محمد عبو أي ليست لديك مواقف شخصية، من ذلك انك استقلت من «حزب المؤتمر»، لأن سي محمد عبو قرر الإستقالة؟
اطلاقا، لدي مواقفي التي اعبر عنها تحت قبة المجلس التأسيسي، ولدي كياني المستقل، ثم ما العيب ان نكون متفقين على المبادئ العامة او حتى في اغلب المواقف السياسية؟ فنحن ننتمي الى نفس الحزب الا وهو التيار الديمقراطي ولدينا مسيرة نضالية مشتركة من ايام الجامعة.
اما بخصوص الإستقالة من حزب «المؤتمر»، فاؤكد لك بانني قررت الإستقالة اثر حضوري آخر اجتماع للمجلس الوطني للمؤتمر بالقيروان منذ اكثر من عام عندما لاحظت ان الديمقراطية تم ضربها في المجلس..
اما محمد عبو فللتاريخ، لقد فضل عدم اعلان استقالته من حزب «المؤتمر» وهو على سدة الرئاسة، ايام كانت تجري مساع حثيثة من اجل تشكيل حكومة «الترويكا» الثانية، ولم يعلنها حرصا منه على عدم ارباك المسار، فقط».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.