نظمت أمس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد بنزل إفريقيا بالعاصمة ملتقى وطنيا حول تمويل الحملات الإنتخابية للأحزاب السياسية ،وقال «إبراهيم الميساوي» رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد انّ البلاد تعيش اليوم على وقع المصادقة على فصول القانون الإنتخابي وأكدّ انه تمت الى حدود أول أمس المصادقة على نحو 117 فصلا قانونيا. وأكدّ «الميساوي» انّ الكثير من الإخلالات والنقائص حدثت في الإنتخابات السابقة، وقال إن الكثير من «اللّخبطة» حصلت في صرف المنح المالية حتى أن بعضها صرف لدوائر ولكنه أنفق في أخرى. وقال الميساوي انه بعد الإطلاع على تقارير دائرة المحاسبات والهياكل المعنية بمراقبة الحملات الإنتخابية تبيّن أن أكثر من 95٪ من الأحزاب السياسية كانت تغرّد خارج السرب ولم تحترم الدفتر الخاص بالحسابات ومسك الموازنات المالية، وأضاف أن الغموض يكتنف بعض الفواتير التي قدمتها الأحزاب الى درجة أنها بدت وكأنها من سوق «الملاّسين»، وأكدّ ان الرقابة الأجنبية غامضة كثيرا وتساءل عن دور المراقبين الدوليين معتبرا أن هؤلاء والذين كانوا قد تحدثوا عن شفافية ونزاهة الإنتخابات في عهد بن علي هم أنفسهم الذين راقبوا إنتخابات 23 أكتوبر 2011 وقالوا إنها أيضا كانت نزيهة وأكدّ أن اليوم توجد عديد نقاط الاستفهام والشكوك حول مصداقية هذه التقارير. وأكد الميساوي أنه الى حدود هذه الساعة لم يقع تقدير المبالغ الرسمية التي إستعملتها الأحزاب السياسية في حملاتها الإنتخابية السابقة. وأضاف انّ إجمالي الأموال التي منحتها الدولة للأحزاب السياسية كانت في حدود ال10 مليارات وهي أموال من الخزينة العامة ومن المال العمومي، وقال انه كان من المفروض ان تكون الإجراءات على المستوى التقني والفني أكثر دقة. وشددّ «الميساوي» على انه تم إرتكاب خطإ فادح في الدستور الحالي وهو التنصيص على موعد الإنتخابات. وردا على سؤال طرحته «التونسية» حول الأموال المشبوهة التي قد تكون إستعملتها بعض الأحزاب قال انّ التجاوزات موجودة وان بعض الأحزاب تمتلك مقرّات ضخمة ولديها تمويلات كبيرة، وقال ان جانبا من الإعلام موّرط في التجاوزات وانه منح رموزا سياسية مساحات إشهارية واسعة في الحملات الإنتخابية وأن ذلك مسألة خطيرة جدا . وقال ان الفساد في التمويل الأجنبي يمكن ان يحدث في الدوائر الخارجية خاصة ان الرقابة غائبة ولا توجد الوسائل لمراقبة الحملات التونسية بالخارج.وأضاف انه لا بد من تدعيم وتوفيرالإمكانيات أمام هيئة الإنتخابات الحالية لتتمكن من تأدية دورها،ودعا إلى القضاء على العوائق القانونية للوصول الى حملة إنتخابية شفّافة. وكشف الميساوي انه رغم ذلك فإن التقسيم الترابي والذي اعتمد سابقا سيكون هو نفسه المعتمد في الانتخابات القادمة، مشيرا الى انه سيتم إعتماد نفس الدوائر رغم التعداد العام للسكان. من جانبه قال «منجي أم هنّة» خبير محاسب وعضو في الهيئة العليا للإنتخابات سابقا انّ تمويل الحملات الإنتخابية ينقسم إلى تمويل ذاتي وآخر عمومي ،وقال ان الملاحظات التي تم الخروج بها هي ضعف سقف التمويل العمومي، مضيفا انه تم إعتماد عدد السكان في كلّ دائرة إنتخابية. وأكدّ ان التمويل العمومي في مجمله كان ضعيفا ،وأن الآليات الرقابية كانت كبيرة وهو ما حال دون نجاح دور القائمات المستقلة وحال دون إمتثالها للشروط المطلوبة ،وكشف ان توفير المستندات والكشوفات والدفاتر كان ناقصا ودون المطلوب. وقال انه لم يقع إحترام الإجراءات المتعلقة بمسك الحسابات بإستثناء قلة من الأحزاب الكبيرة. وكشف «أم هنّة» ان هيئة «صرصار» بصدد تكرار نفس الأخطاء التي وقعت فيها الهيئة السابقة خاصة في ما يتعلق بمسك المحاسبة وأنها في ذات الوقت تقوم بتشديد العقوبات في ما يتعلق بالإخلالات مع الإبقاء على نفس الإلتزامات. ومن جانبه قال «مراد مولى» نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات انّ الهيئة السابقة عملت في إطار قانوني محدود ،وأكدّ ان المرسوم الذي يضبط الصلاحيات ويحددّ القواعد كان محدودا مما إنعكس على طبيعة العمليات الإستقصائية،وكشف انّ الجانب الزجري أيضا كان محدودا . وطالب بضرورة توسيع صلاحيات الجهات القضائية للنظر في الخروقات والطعون وللوقوف على الإخلالات. وأكدّ «عبد المجيد العوني» مدير بهيئة الرقابة العامة المالية انّه تم تحديد إجراءات لتمويل الحملة الإنتخابية بمقتضى الأمر عدد 1087 لسنة 2011 والمتعلق بالإنفاق الإنتخابي وكيفية صرف المنحة المساعدة على تمويل الحملة الإنتخابية ،وقال ان قواعد التمويل تنص على ضرورة فتح حساب بنكي وحيد للحملة الإنتخابية وأضاف ان هذا الحساب لا يجب ان يكون نفس حساب الحزب. وأضاف ان عديد الأحزاب قامت بخلط كبير وقدّمت نفس رقم الحسابات كما انّ عديد البنوك رفضت فتح حسابات وهو ما إستدعى تدخل البنك المركزي وقال انه تولدت عن ذلك عديد الصعوبات في المراقبة، وكشف انه بإستثناء أحزاب قليلة التي إحترمت القانون فإن البقية كانت تعمل في غيابه وخارجه. بسمة الواعر بركات