النقص الفادح في اليد العاملة المختصة في مجال البناء وتركيب «الجليز» وفي إصلاح المكيفات والآلات الكهرومنزلية... التكوين المهني كمنقذ للجيل الحالي من التهميش والانقطاع المدرسي، التركيز على الطلبة الأفارقة واستقطابهم للدراسة في تونس خاصة أن الطالب الواحد يعوّض العشرات من السياح ممن يتوافدون على تونس بأبخس الأثمان في حين ان الطلبة الأفارقة قادرون على دفع عجلة الإقتصاد وتوفير العملة الصعبة... هذا أبرز ما جاء في الندوة الصحفية التي نظمتها أمس «ميديا براس» بنزل إفريقيا بالعاصمة بحضور الغرفة الوطنية للمعاهد الخاصة للتكوين المهني ومسؤولين عن قطاع التعليم العالي الخاص وذلك في إطار التمهيد للملتقى الأول الذي تعتزم المؤسسة تنظيمه قريبا حول دعم التعاون التونسي الإفريقي في مجال التكوين. وقد تميزت هذه الندوة بغياب واضح لوزارتي التعليم العالي والتشغيل مما أثار حفيظة المنظمين. وقال «بلحسن بن سالم» رئيس مؤسسة «ميديا براس» انّه لا بدّ من تطوير علاقتنا بالسوق الإفريقية لتطوير الإقتصاد التونسي،وأضاف انّ مستقبل تونس في إفريقيا لأنّها تعتبر سوقا واعدة، واعتبر أنّ من شأن استقطاب الطلبة الأفارقة للدراسة في تونس توفير العملة الصعبة للبلاد ،واعتبر انه لدينا الإمكانيات والآليات وحتى البنية التحتية لاستقطاب المزيد من الطلبة في الجامعات الخاصة التونسية. وكشف بن سالم أنّ «المغرب» تمكنت من اقتحام السوق الإفريقية، وقال انّ ملك «المغرب» أشرف شخصيا على هذا الملف ليقينه انّ السوق الإفريقية سوق واعدة في حين ان السلطات التونسية تتعامل مع هذا الملف بلامبالاة على حدّ تعبيره. وأكّد بن سالم أنّهم يسعون إلى ان يكونوا همزة وصل بين القطاع الخاص والدولة وقال «نأمل ان تتحرك الدولة وتزيل الحواجز والعراقيل أمام الجامعات الخاصة في تونس لتتمكن من ممارسة دورها والإنفتاح أكثر على الأسواق الإفريقية». وقال «لسعد بن عطية» نائب رئيس الغرفة الوطنية للمعاهد الخاصة للتكوين المهني انّ لدينا نقصا كبيرا في قطاعات البناء والتبريد والألومنيوم وإصلاح المكيفات و العناية بالمسنّين، وأكّد ان السوق التونسية في حاجة ماسة إلى مثل هذه الإختصاصات، وكشف انّ الإحصائيات تشير الى إنقطاع نحو 100 ألف تلميذ عن الدراسة ممن أطردوا من التعليم العمومي ،وقال انه لا مفرّ من التكوين المهني لإستقطاب المنقطعين عن التعليم ولإنقاذ هذا الجيل . وكشف انّه عوض اللهث وراء السياح الذين لا ينفقون العملة الصعبة ويأتون الى تونس بأسعار بخسة فإن استقطاب الطلبة الأفارقة يعتبر أفضل وقال ان طالبا إفريقيا قد يغنينا عن العشرات من السياح ومن ذلك ان كلفة دراسة الطالب الواحد تقدّر ب5 ألاف دولار سنويا وأنّه إذا كان لدينا 8 آلاف طالب فإن المداخيل ستصبح أهم بكثير من مداخيل السياحة، واعتبر ان أغلب الطلبة الأفارقة الوافدين على تونس للدراسة هم من عائلات ميسورة وأنّ أغلبهم أبناء وزراء وشخصيات مرموقة في إفريقيا . وردا على سؤال ل«التونسية» حول التكوين المهني الخاص قال انه لابد من وضع استراتيجية وطنية للتعليم والتوجيه في التكوين المهني وخاصة للمنقطعين عن الدراسة. وكشف ان ما يوفره التكوين المهني الخاص من يد عاملة يُعتبر أقل كلفة من القطاع العمومي وأكثر جدوى وفاعلية، وطالب بتدعيم مراكز التكوين المهني الخاصة ودعمها ماديا وتوجيهيا لتؤدي دورها. وأكّد «عبد اللّطيف الخمّاسي» مسؤول عن قطاع التعليم العالي الخاص انّ هناك العديد من القوانين التي تكبّل أصحاب الجامعات الخاصة وتحول دون إستقطاب المزيد من الطلبة ومن ذلك عدم فتح الباب أمام المزيد من الاختصاصات، وقال انّ الدولة هي التي تحدّد الاختصاصات للجامعات الخاصة، واعتبر انهم يتعاملون معهم بنفس المقياس المطبق في التعليم العمومي، وقال إنّه «ليس لنا الحق في العديد من الاختصاصات، ومضيفا أنه رغم التعريف بالجامعات التونسية في إفريقيا عادة ما يتم الإعتذار عن عدم وجود كل الاختصاصات»، وأكّد انّ النصوص القانونية الحالية مكبّلة للقطاع . وقال إنّّه لولا الطلبة الأفارقة لأغلقت جلّ الجامعات الخاصة في تونس ملاحظا أنّ عدد الجامعات هو 50 جامعة خاصة وكشف انّ 80 بالمائة من الطلبة في الجامعات الخاصة هم أفارقة وأجانب . وأضاف ان الجامعات الخاصة في قطيعة تامة مع سلطة الإشراف منذ 2007 وحتى بعد الثورة، وقال ان اغلب القرارات تتم دون تشريك أهل القطاع، مضيفا: «كنّا نأمل في استقطاب 30 ألف طالب ولكن القوانين الحالية تحول دون مزيد التطوير والعمل». وقال إنّه تم بعد الثورة تجميد الاختصاصات شبه الطبية في القطاعين العام والخاص بتعلة تزايد المتخرجين في هذا الإختصاص. وقال ل«التونسية» ان اغلب الطلبة الأفارقة في تونس هم من مالي والغابون والكونغو.. وأكّد ان جلهم من البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية وعبّر عن أمله في توفير أرضية لإستقطاب الأفارقة الدارسين باللغة الإنقليزية . وختم أنّ الصين وتركيا والمغرب اهتمّت بهذه السوق وانه حان الوقت لتطوّر تونس علاقاتها مع القارة السمراء وتستقطب المزيد من الطلبة. بسمة الواعر بركات