من مبعوثنا الخاص- مالك السعيد في كواليس مهرجان «كان» إلتقينا الناقد سمير فريد رئيس مهرجان القاهرة السينمائي في دورته السادسة والثلاثين من 9 إلى 18نوفمبر2014 وكعادته منذ سنة 1967- تاريخ أول حضور له في مهرجان كان- يرتشف قيدوم النقاد السينمائيين بين فيلمين قهوة سوداء سريعة مع سيجارة خفيفة ينفث دخانها بعناية شديدة محافظا على هدوئه وإبتسامته ... لا يمل سمير فريد من مشاهدة الأفلام فالسينما هي عالمه المفضل، ولا يفوت الفرصة ليتحدث سريعا عن تقدم مشاريعه في مهرجان القاهرة الذي يرفع شعار «بداية جديدة لمهرجان عريق»، ويتضمن مهرجان القاهرة هذا العام قسما جديدا بعنوان آفاق السينما العربية من 10 إلى 18نوفمبر تشرف عليه نقابة المهن السينمائية وتنظم جمعية نقاد السينما المصريين اسبوع النقاد الدولي الأول للأفلام الطويلة الأولى او الثانية لمخرجيها وينظم إتحاد طلبة المعهد العالي للسينما تظاهرة سينما الغد الدولي الأول للأفلام القصيرة وأفلام الطلبة ، ويسند مهرجان القاهرة الهرم الذهبي لأحسن فيلم والهرم الفضي للأصناف التالية : احسن إخراج وأحسن سيناريو وأفضل ممثل وممثلة وأحسن إسهام فني ، كما يسند المهرجان جائزة نجيب محفوظ التقديرية لشخصية يتم اختيارها من طرف إدارة المهرجان ، وقد إختار سمير فريد فريق عمل يضم من بين عناصره إبنه محمد سمير مديرا فنيا للمهرجان ... وكما هو الأمر كل عام عدا إستثناءات قليلة تغيب السينما العربية عن مهرجان كان، بإستثناء فيلم «تمبكتو» للموريتاني- المالي عبد الرحمان سيساكو في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة (من حيث المحتوى لا صلة لسينما سيساكو بالعرب فهو أقرب إلى جذوره الإفريقية)، وفيلم «الماء الفضي» لأسامة محمد(سينمائي سوري غادر بلاده قبل ثلاث سنوات ليستقر بفرنسا) ضمن قسم حصص خاصة، وهو فيلم يسرد يوميات الثورة في سوريا في مقاربة تدين نظام بشار الأسد . في الضفة المقابلة تشارك السينما الإسرائيلية في «نظرة ما» بفيلم «بعيدا عن أبي» للمخرجة كيرين يدايا وهي بالمناسبة من مواليد 1972 فبحيث (والعبارة ركن أصيل في حديث الباجي قائد السبسي) يمكننا أن نتعلم من أعدائنا قبل أصدقائنا دون أن يتهمنا أحد بالتطبيع كما فعل رهط(أي جماعة) من المجلس الموقر مع الوزيرة كربول والوزير صفر الذي أقاله بن علي عشرة أيام بعد وصوله إلى قصر قرطاج بإنقلاب أبيض من إدارة الأمن الخارجي بوزارة الداخلية، وبالمناسبة لم نسمع أن وزير الثقافة الإسرائيلي قد حل رفقة زوجته بالساحل اللازردي لدعم السينما الإسرائيلية كما يفعل بعض وزرائنا التكنوقراط جدا في سلوك إنتهازي لا شيء من ورائه سوى السفر على نفقة الدولة بضعة أيام لإلتقاط بعض الصور «السينمائية»... اما تركيا فتسجل حضورها بقوة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان بفيلم المخرج نوري بالج سيلان «winter sleep» الذي يمتد على اكثر من ثلاث ساعات ، قصة أيدن ممثل متقاعد ورث عن ابيه فندقا بجبال الأناضول، وعقارات بالمنطقة جعلته أحد أثريائها، يمضي وقته في كتابة مقالات أسبوعية في السياسة بجريدة محلية لا يكاد يقرأها أحد، تقيم برفقته شقيقته نجلاء المطلقة ، وزوجته نهال الأصغر منه سنا دون أبناء. كتب نوري بيلج سيلان الفيلم بمشاركة زوجته ، ولم يكن ذلك أمرا سهلا –بطبيعة الحال - يقول سيلان «وقعت بيننا جدالات كثيرة. كان ذلك ضرورياً حيث أنه خلال هذا الجدل ، كنا أكثر إبداعاً بعشرة أضعاف! في نقاش مثل نقاشنا اليوم، لما كنت قد وجدت الكلمات المناسبة للفيلم. عندما نتجادل، تخرج الكلمات لوحدها». ولنوري بلج سيلان أسلوبه المميز فهو يصور ممثليه طوال الوقت ليختار في النهاية ما يراه أنسب في الصياغة النهائية للفيلم . يذكر أن سيلان مولود سنة 1959 في مدينة إسطنبول ، درس السينما إثر تخرجه من كلية الهندسة الكهربائية وأنجز فيلمه القصير الأول (شرنقة) الذي عرض في مهرجان كان العام 1995 بيد أن فيلمه الروائي الطويل الأول كان بعنوان (البلدة الصغيرة) أما فيلمه الثالث على مسافة بعيدة» فهو الذي وضعه على خارطة المهرجانات العالمية حين حاز على جائزة التحكيم الكبرى في مهرجان كان ، أما فيلمه (مناخات) العام 2006 فقد نال جائزة النقاد في مهرجان (كان) لأفضل فيلم ، أما فيلمه»القردة الثلاثة» فنال جائزة لجنة التحكيم الكبرى وجائزة أفضل إخراج ، كما اختير نوري بيلج سيلان ضمن لجنة تحكيم مهرجان (كان) للمسابقة الرسمية. وتشترك أفلام سيلان في مقاربة سينمائية متميزة تنبش في حالات شخصيات «واقعية» تتحرك في بيئة تركية صميمة ، وكل هذا يجري بإحساس عميق وجاذبية تقتنصها عين الكاميرا من مناظر التضاريس والضباب وتلبد الغيوم وهطول الثلوج وتعرجات السيارة في الطريق... وغيرها من مفردات الواقع والمناخ. ومن عروض المسابقة الرسمية The Homesman للمثل المخرج تومي لي جونز، الفيلم قصة ثلاث نساء اصبن بالجنون توكل مهمة نقلهن من نبراسكا إلى إيلوا حيث سيتم إيوائهن إلى ماري بي كادي سيدة صلبة وشجاعة لكن يبدو أن صلابتها هي سبب نفور الرجال منها وعزوفهم عن الزواج بها، وفي الطريق الطويلة إلى إيلوا تلتقي ماري بجورج بريقس (يقوم بالدور تومي لي جونز) لتأخذ الأحداث خط سير جديد ينتهي بإنتحار «ماري» . وخلال الندوة الصحافية التي إنعقدت صباح يوم الأحد قال تومي لي جونز « لقد قرأنا العديد من الكتب وكتابا حول الجنون خاصة لدى النساء في القرن التاسع عشر، لقد تعلمنا كيفية علاج مختلف الأمراض. كان يعتقد في تلك الفترة أنه لعلاج الانفصام ينبغي غطس الناس في الماء المثلج لمدة ثماني ساعات». ويضيف تومي لي جونز «أبحث عن التميز، هذا ما يهمني. عندما نجده، لا نتردد لحظة واحدة. لقد كنا محظوظين لإيجاد شيء متميز للغاية. لا نعتقد أننا نتبع نظاما معينا»