- موفدنا الخاص- محمد بوغلاب "الحمد لله ، لقد أدينا المهمة بنجاح"، كان ذلك أول تصريح يدلي به الزين الحداد بعد أن أنهى حفله المبرمج في المركب الثقافي "النهضة" في مهرجان موازين بالعاصمة المغربية الرباط مساء الخميس 5جوان بعد أن شكر عناصر فرقته الموسيقية وأثنى على أدائهم ... سألت الزين إبن القيروان ، هل الغناء مهمة؟ أجاب بحسم" حين يتعلق الأمر بالغناء خارج تونس وخاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها بلادنا، فأنا أعتبر نفسي جنديا في خدمة بلادي، ومن واجبنا أن نقدم أفضل صورة عن تونس" والواقع أن ما رأيته من انضباط عناصر الفرقة الموسيقية يغني عن كل تعليق، فقد كانوا أشبه بتلاميذ الباكالوريا قبل إجتياز الإختبار، فيوم الحفل إنتقلوا منذ الساعة الثانية لقاعة العرض لمعاينة تطبيق الجذاذة الفنية التي تم إرسالها مسبقا لإدارة المهرجان ولإجراء آخر البروفات حتى لا يتسلل أي خطأ مهما كان بسيطا، ثم إلتحق الزين الحداد بالفرقة بقيادة الفنان عازف الكمنجة عبد الباسط المتسهل الذي نجح في إدارة المجموعة موسيقيا وإنسانيا فقد كانت الأجواء لطيفة بين العازفين وهو ما أضفى أجواء من الراحة على السفرة... وكعادته فقد أعد الزين الحداد مطوية أنيقة تتضمن برنامج الحفل وكلمات بعض الأغاني ليساعد الجمهور على المتابعة وترديد بعض المقاطع وأهدي لكل متفرج مشموم ياسمين جلبه الزين الحداد خصيصا من تونس أما الجمهور فقد كان متنوعا خليطا من تونسيين وليبيين ومغاربة ومن بين الحاضرين القائم بأعمال السفارة التونسيةبالرباط الهاشمي العجيلي الذي كان مصحوبا بعائلته كما حضر السهرة المستشار بالسفارة الفلسطينية علي عبد الله ... غنى الزين الحداد برنامجه "التقليدي" الذي يتكون من أغانيه الخاصة وكوكتالا تونسيا وإعادات لبعض أغاني علي الرياحي ومحمد الجموسي وختم حفله بباقة من الأنغام التي تتغنى بالنبي محمد –ص- ولكنه أضاف أغنيتين مغربيتين وقد بلغ التفاعل أقصاه مع أغنية"شوفوا حالتي" حتى أن أحد الحاضرين صعد على الركح وأهدى علم المغرب للمطرب الزين الحداد الذي تفاعل بذكاء وبكثير من العفوية مع الحركة، فقد حمل العلم بين يديه بإحترام ثم وضعه على كتفيه وخاطب الجمهور الحاضر" سألني أحد الصحافيين ألا ترى أن غناءك في موازين جاء متأخرا؟ أجبته: كل شيء يأتي في وقته ، وهل لي أن أتمنى سيناريو أفضل من الذي أعيشه، بعد زيارة جلالة الملك محمد السادس لبلدي وتجوله في شوارع العاصمة كواحد منا، أحل مغنيا في عاصمة المغرب ، لأرد التحية الملكية" حين تتحدث مع الزين الحداد، يفاجئك الرجل بواقعيته، يعرف الزين جيدا إمكاناته الصوتية فهو لا يظن نفسه وريث وديع الصافي أو خليفة عبد الحليم حافظ، هو صوت تونسي قريب من القلب، والزين يحسن إستثمار نقاط القوة في صوته بإختيار نمط موسيقي يتقنه ويتألق فيه ويجتهد نصا ولحنا وأداء ، وربما كان هذا الوعي هو سر إستمرار الزين الحداد منذ ثلاثين عاما ... يغني الزين الحداد ولعل آخرين يغنون أفضل منه وليس في ذلك عيب ولكن المطرب ليس صوتا فقط، فكم من صوت جميل تاه في الزحمة، فالفنان هو أيضا أخلاق عالية ودقة في المواعيد ووفاء بالوعد وتعامل مالي سليم مع العازفين العاملين معه ... والزين الحداد من قلة من مطربينا ترافقه زوجته في سفراته خارج تونس فهي صديقته والحريصة على أناقته وهي جمهوره المتقدم والزين الحداد يقدم في النهاية صورة ناصعة البياض للمطرب التونسي بجبته البديعة وإبتسامته العفوية ورقصته الخجولة وحيائه غنى الزين الحداد في موازين لأول مرة ولكنه شق لنفسه ممرا أوسع يسمح له بالعبور في مناسبات قادمة لقطاع أوسع من الجمهور... نجح الزين لأنه تعامل مع الحفل بحرفية الكبار وعفوية الهواة وقطع مع عقلية العرابن التي غزت الساحة الفنية محليا وعربيا...