أدى قرار شبه رسمي بمنع عرض مسلسل «أهل إسكندرية» في قناتي «الحياة» و«المحور» ضمن الدراما الرمضانية لهذا العام، إلى حالة من الجدل حول سقف الحريات العامة المتاح في ظل إحكام قبضة العسكر على الحياة الثقافية والأدبية والفنية في مصر. ومسلسل «أهل إسكندرية» من تأليف الروائي بلال فضل، ومن إخراج خيري بشارة، ويشارك فيه عدد من الفنانين منهم هشام سليم وعمرو واكد ومحسنة توفيق وبسمة، ويتناول قصة فساد ضابط شرطة قبل ثورة 25 جانفي 2011، يتعرض للعقاب من رؤسائه. وقال مؤلّف المسلسل بلال فضل في بيان أصدرته : «اللجنة المسؤولة عن اختيار المسلسلات رأت أنه ليس من الحكمة أن يتم عرض مسلسل يقدم انتقادات لضابط شرطة، حتى لو كان نفس المسلسل يقدم تعرضه للعقاب من رؤسائه، ولكن لم يتم إعلان ذلك بشكل رسمي، وهذه فرصة لكي نعرف: هل توجد مثل هذه التعليمات؟ ومن هو المسؤول عنها؟ وهل ستكون هي الأمر السائد في الدراما التلفزيونية والسينمائية في الفترة المقبلة؟». ودعا فضل في بيانه «كل الفنانين والكتّاب والمثقفين الذين غضوا الطرف عن كل الانتهاكات التي تمت ممارستها في الفترة الماضية بحق الحريات العامة وحرية الفكر والتعبير، أن يدركوا خطورة ما يحدث، وألاّ يظنوا أن سكوتهم هذه المرة سيعفيهم من المنع والتعسف، إذا قرروا أن يقدموا رأيهم بعيدا عن إطار التعليمات السرية والقرارات السلطوية». من جانبه صرّح الأديب والروائي علاء الأسواني بأنه : «لم يعد الآن مسموحا إلا برأي واحد، وفكر واحد، وكلام واحد.. لم يعد مسموحا بالنقد والاختلاف في الرأي.. لم يعد مسموحا إلا بالمديح على حساب الحقيقة». وأضاف: «أتضامن مع صديقي الموهوب بلال فضل كاتب مسلسل «أهل إسكندرية» الذي تم منعه عقابا له على معارضته للسلطة الحالية.. بلال الذي أعرفه لن يخاف ولن يتغير». من جهته قال الناقد الفني نادر عدلي إنه ضد منع عرض أي عمل درامي على مستوى التلفزيون أو السينما، وخاصة الأعمال التي أخذت الموافقة المبدئية من الرقابة على السيناريو قبل التصوير. وأشار عدلي في حديث له ل « الجزيرة نات» إلى أن كلفة المسلسل بلغت قرابة 22 مليون جنيه (نحو ثلاثة ملايين دولار)، وأن الخسارة الناجمة عن منع عرضه ستكون كبيرة، وأن ذلك يعطي انطباعا بالقلق لدى صناع الدراما بسبب أن هناك جهات ربما تتدخل لوقف ما تنتجه من أعمال. وأضاف «هناك أزمة تنبئ بتوجه حكومي للسيطرة على الساحة الفنية، سواء على مستوى الدراما أو السينما أو حتى البرامج الحوارية، والانطباع الذي يخرج به الناس هو تراجع الحرية في المجتمع كله». وبدوره أبدى الروائي فوزي وهبة استياءه من منع المسلسل رغم أنه «إنتاج حكومي، والمؤلف مشهود له بالإبداع، والفنانون يتميّزون بالبراعة في الأداء مشيرا إلى أن معنويات جهاز الشرطة ارتفعت جدا منذ 30 جوان من العام الماضي، وأن الأحداث تتناول فترة من عصر حسني مبارك، متسائلا : لماذا هذه الفوبيا من الأعمال الفنية الصادقة؟». وأضاف وهبة ل«الجزيرة نات» أنّه «في زمن الإخوان لم يحدث ذلك، وحتى في عصر مبارك لم يحدث أيضا، ففي أي عصر نعيش الآن؟! ثم أين نحن من النص الدستوري الذي يكفل حرية الإبداع؟!».