استفاقت صباح أمس مدينة تالة على فاجعة كبيرة ليست الاولى من نوعها التي تشهدها هذه المدينة بشارعها الرئيسي المتكون من منحدر حاد جدا ينطلق من مدخلها الجنوبي حيث «عين أم الثعالب» بمائها العذب على الطريق المتجهة الى القصرين وينتهي عند مدخلها الشمالي اين يوجد مقر ادارة الغابات والمفترق المؤدي الى كل من قرية «سيدي سهيل» شرقا والكاف شمالا عبر الطريق الوطنية عدد 17. ففي يوم سوقها الاسبوعية التي كانت امس قبلة للآلاف من أهالي تالة والمناطق القريبة منها لاقتناء «قضية رمضان» والتزود بحاجاتهم من الخضر والغلال ومختلف المواد الغذائية وأواني الطبخ والطوابق البلورية المخصصة لموائد الافطار وغيرها.. حصلت الكارثة لما فقد سائق شاحنة ثقيلة قادمة من طريق القصرين محملة بأطنان من الاسمنت القدرة على التحكم في مقودها جراء تعطل مكابحها التي تعمل بالضغط الهوائي مما زاد في سرعتها فانحرفت نحو اليمين بشكل عشوائي واتجهت مباشرة الى الرصيف ودهست كل ما اعترضها من شاحنات خفيفة تابعة ل «نصابة» السوق الاسبوعية اغلبها مليئة بالسلع وسيارات عائلية ودراجات نارية تابعة لرواد السوق كانت راسية هناك ونساء ورجال واطفال ولم توقفها الا شجرة كبيرة امام أحد المقاهي. حصيلة كارثية وقد خلّف «هجوم» الشاحنة الثقيلة على وسط المدينة خسائر بشرية بلغت حسب مصادر من المستشفى الجهوي بالقصرين 3 قتلى (رجلان وامراة) و28 جريحا حالة 4 منهم حرجة 2 تم ايداعهما بقسم الانعاش و2 خضعا لعمليتين جراحيتين دقيقتين على رجليهما انتهتا ببتر واحدة لكل منهما. أما السائق الجزائري الذي يعاني من بعض الكسور فقد تمّ توجيهه الى أحد مستشفيات سوسة. هذا بالنسبة للحالات التي وصلت الى مستشفى القصرين إلى جانب عدد آخر من الجرحى (حوالي 8) الذين كانت اصاباتهم خفيفة استقبلهم مستشفى تالة ثم غادروه بعد ان تلقوا الاسعافات الضرورية. قائمة الضحايا القتلى الثلاثة الذين قضوا في الحادث هم سهيل عباسي 26 سنة (من قرية سيدي سهيل باحواز تالة) وسيدة تدعى وناسة عباسي ومحمد الفاضل القاسمي (32 سنة أصيل منطقة سيدي إمحمد) رحمهم الله ورزق اهلهم وذويهم جميل الصبر والسلوان وقد تم تسليم جثامينهم الى عائلاتهم لدفنها بعد ظهر الامس. خسائر مادية هامة إلى جانب الضحايا والجرحى خلّف الحادث خسائر مادية هامة تمثلت خاصة في تحطيم أكثر من 16 سيارة وشاحنة خفيفة (حوالي 20) و4 دراجات نارية تحوّلت كلها الى أكوام من الحديد والبلور فضلا عن كميات كبيرة من السلع التي كان الباعة المنتصبون بصدد عرضها للبيع وبعضهم فقد مورد رزقه لان شاحنته الخفيفة (404 باشي أو ديماكس) داستها الشاحنة الجزائرية وسلعه اتلفت هذا اذا لم تلحقه هو جروح وكسور واصابات اخرى بليغة. الحلّ في طريق حزامية وحسب أهالي المدينة من شهود العيان وغيرهم من اقارب القتلى والجرحى الذين التقيناهم في المستشفى الجهوي بالقصرين فإنّ من يتحمّل المسؤولية الاولى عن الحادث الى جانب سائق الشاحنة الذي لم يتفقد «الفرامل» وهو يعرف انه سيمر من مدينة هي عبارة عن منحدر حاد (مر بها في طريق الذهاب من معبر حيدرة الحدودي الى مصنع الاسمنت الابيض بفريانة) هم أعوان الأمن بتالة الذين لم يقوموا بمنع مرور الشاحنات الثقيلة من قلب المدينة يوم السوق الاسبوعية. وحسب محدثينا فانه كان عليهم تحويل مسارها منذ ظهورها بالمدخل الجنوبي نحو الطريق الجانبية المعروفة بطريق المستشفى التي تقل فيها حركة المرور رغم أن فيها بدورها منحدرا حادا لكنه بعيد عن وسط المدينة.. وأضاف شهود العيان ان الحل النهائي للتوقّي من كوارث حوادث الشاحنات المنفلتة التي تعاني منها تالة منذ عشرات السنين هو انجاز طريق حزامية واسعة في الناحية الغربية للمدينة التي تقل بها المنحدرات للربط بين مدخلي تالة وهو أمر وقع اقتراحه على السلط المسؤولة قبل الثورة وبعدها لكنه ما يزال الى الان محل دراسة.