يقدر حجم ديون المؤسسات العمومية في تونس بنحو 3 آلاف مليون دينار إلى حدود سنة 2013 ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين والماليين أن هذا الرقم مرشح للارتفاع في هذه السنة وقد يؤثر على توازنات المالية العمومية ويثقل كاهل الميزانية بضخ موارد مالية بصفة متواصلة لتامين ديمومة هذه المؤسسات والتي اغلبها تنتمي إلى قطاعات إستراتجية وحساسة لها اتصال مباشر بأمن البلاد ونظامها الاقتصادي. وما انفكت العديد من المؤسسات المالية الدولية المتعاونة مع تونس (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) وأساسا مكونات المجتمع المدني وعديد الخبراء الاقتصاديين تطالب بضرورة إعادة هيكلة هذه المؤسسات العمومية المتعثرة في ظل وعي تام من الحكومة المؤقتة الحالية بأهمية إيجاد حلول عملية وجذرية لإصلاح وضعية هذه المؤسسات. ومن ضمن الحلول التي ارتأتها الحكومة الحالية إحداث شركة للتصرف في الأصول أو بالأحرى بعث شركة عمومية مختصة في معالجة مديونية المؤسسات العمومية وهو توجه أقره مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2014 ( من الفصول 6 إلى 24). وسوف تتولى الشركة المعنية اقتناء الديون المتعثرة لدى القطاع البنكي وشركات استخلاص الديون وإعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية المدينة بهدف الرفع من مردوديتها وتدعيم انصهارها في الدورة الاقتصادية في إطار إرساء توجهات إستراتيجية جديدة للدولة في تمويلها للاقتصاد. وتم تحديد مبلغ 150 مليون دينار كرأس مال لهذه المؤسسة تمسكه الدولة بالكامل. صلاحيات واسعة وفي مقابل اقتناء الديون تصدر الشركة سندات دين غير مادية تتمتع بضمان الدولة تكتتب من طرف مؤسسات القرض وشركات استخلاص الديون، وتحدّد القيمة الاسمية وأجل التسديد ونسبة تأجير هذه السندات بأمر. وقد تم ضبط مدّة نشاط الشركة ب 12 سنة لإعطاء إشارة واضحة لمختلف المتدخلين حول قيام الشركة بمهامها في أسرع الآجال، وتم منح الشركة صلاحيات موسعة وآليات خصوصية تتمثل أساسا في عدم قابلية عمليات إحالة الديون لفائدة الشركة لأي وجه من أوجه الطعن وإمكانية تعيين متصرف في الأصول من قبل الشركة يتم اختياره بموجب طلب عروض وتحال إليه الصلاحيات الموكولة إلى الجلسة العامة وهياكل إدارة وتسيير المؤسسة المدينة، في صورة عدم التوصل إلى اتفاق مع المدين، بالإضافة إلى تعليق أعمال التنفيذ ضد المؤسسة المدينة لمدّة سنة من تاريخ ترسيم تعيين المتصرف بالسجل التجاري باستثناء أعمال التنفيذ المتعلقة بمستحقات العملة، مع النفاذ إلى جميع المعلومات المتعلقة بمديونية المؤسسات المدينة وعدم مجابهتها بالسر المهني، واعتبار أعمال التفويت أو الكراء اللاحقة للإشعار بعملية إحالة الدين التي يقوم بها المدين باطلة. ومن جهة أخرى، ولتمكين الشركة من معالجة ملفات المؤسسات المدينة المعنية بالقانون عدد 34 لسنة 1995، تم إقرار عدم إمكانية انتفاع المؤسسات المدينة المعنية بهذا القانون بنظام إنقاذ المؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية وذلك لمدّة 3 سنوات من تاريخ نشر القانون، وإقصاء المؤسسات الموجودة في طور التسوية الرضائية أوالقضائية من نظام الإجراءات الجماعية، وذلك لمدّة 3 سنوات من تاريخ نشر القانون. أحكام مختلفة تخضع الشركة إلى التشريع التجاري الجاري به العمل ما لم يتعارض وأحكام هذا القانون، كما لا تخضع للتشريع المتعلق بالمنشآت العمومية وللتراتيب المتعلقة بالصفقات العمومية. وتضبط طرق تسيير الشركة وإدارتها بمقتضى أمر يكرس مبادئ الحوكمة الرشيدة والمساءلة. ويُعين أعضاء هياكل التسيير والإدارة بمقتضى أمر بناء على نتائج طلب ترشح يستند إلى معايير الكفاءة المهنية والنزاهة. ويجب أن يكون نصف أعضاء مجلس الإدارة على الأقل أعضاء مستقلين وفقا لمعايير الاستقلالية المتعارف عليها دوليا. ويجب أن يكون أعضاء مجلس إدارة الشركة أشخاصا طبيعيين من ذوي الجنسية التونسية، كما تتولى الشركة اقتناء ديون شركات استخلاص الديون وديون مؤسسات القرض التي سجلت بشأنها تأخيرا في الوفاء بعنوان الأصل أو الفوائد في تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ. ويمكن للشركة اقتناء المساهمات في رأس مال المؤسسات المدينة المشار إليها بالفقرة السابقة وكل الحقوق تجاهها. ولا تخضع عمليات التفويت في المساهمات لفائدة الشركة إلى التراخيص والتقييدات القانونية للتفويت في الحصص الاجتماعية أو الأسهم وبنود الأفضلية والمصادقة الواردة بمجلة الشركات التجارية. ويمكن أيضا للشركة قبل اقتناء الديون الحصول من كل إدارة أو مؤسسة عمومية بما في ذلك إدارة الجباية على المعلومات المتعلقة بمبالغ ديون الشركة المدينة. ولا يمكن معارضتها بالسر المهني. ولا يمكن استغلال تلك المعلومات إلا لغرض تحديد ثمن اقتناء الديون أو تشخيص وضعية المؤسسة المدينة. إلى جانب إخضاع عمليات الاقتناء المنجزة من قبل الشركة إلى أحكام مجلة الالتزامات والعقود المتعلقة بإحالة الديون.