انتقدت روسيا التي تتعرض لعقوبات امريكية واوروبية جديدة بسبب تورطها في الحرب في اوكرانيا، بشدة الاربعاء واشنطن ويبدو انها وفرت الاوروبيين. وقالت وزارة الخارجية الروسية ان "العواقب على واشنطن لهذه السياسة التدميرية والقصيرة النظر ستكون ملموسة جدا". وقالت الوزارة في اول رد فعل على العقوبات التي اعلنتها واشنطن امس ان "عواقب هذه السياسة المدمرة والقصيرة النظر ستكون ملموسة جدا على واشنطن". والوزارة التي تندد ب"العقوبات غير المشروعة ضد روسيا" والتي فرضتها واشنطن، لا تشير في المقابل الى العقوبات التي قررها الاتحاد الاوروبي في اليوم نفسه. ويتزامن ذلك مع تكثيف القوات الاوكرانية لحملتها العسكرية في شرق اوكرانيا لعزل الانفصاليين الموالين لروسيا. وتعتبر العقوبات الجديدة، التي اعلنت عنها واشنطن وبروكسل الثلاثاء، الاكثر قسوة ضد موسكو منذ نهاية الحرب الباردة. وقال محللون ان بورصة موسكو كما سعر الروبل سجلا ارتفاعا الاربعاء لان هذا الامر كان مرتقبا منذ ايام. اما في روسيا فاعلن المصرف المركزي في بيان انه "ستتخذ كافة الاجراءات، عند الحاجة، لدعم المصارف (التي تمسها العقوبات) وزبائنها ودائنيها". وفرضت واشنطن عقوبات مالية على موسكو عبر ادراج ثلاثة مصارف روسية على اللائحة السوداء، اما الاتحاد الاوروبي فمنع المستثمرين من شراء الاسهم في المصارف الحكومية الروسية. وبحسب ما اوضحت مؤسسة الاستثمار "في تي بي" في تحليل لها فان "العقوبات المفروضة على القطاع المالي هي التي سيكون لها التأثير الاكبر على الاقتصاد الشمولي في ظل الخطر المتزايد على النمو من جهة والضغوط التي تؤدي الى تراجع قيمة الروبل". وقلل وزير الخارجية سيرغي لافروف من اهمية تاثيرها، مؤكدا "سنتخطى اي صعوبة قد تظهر في بعض قطاعات اقتصادنا، بل من الممكن ان نستقل اكثر ونثق اكثر بقوتنا الخاصة". واشار لافروف الى ان روسيا لا تنوي الرد عبر فرض عقوبات على الغرب. من جهته تساءل مدير معهد التحليل الاستراتيجي في موسكو "اف بي كي" ايغور نيكولاييف انه "قد تكون روسيا ترغب بالرد على العقوبات، ولكن باي طريقة؟ وقف امدادات الغاز والنفط؟ وبالتالي كيف تدفع تعويضات التقاعد في روسيا؟". واضاف نيكولاييف "ان ذلك لن يؤثر بصورة فورية، ولكنه سيدفع باقتصادنا نحو الركود". واعلنت الاجهزة البيطرية الروسية الاربعاء حظر استيراد الفاكهة والخضار من بولندا مشيرة الى "انتهاكات متكررة" للاجراءات المعمول بها. وبدوره علق نائب رئيس الحكومة الروسي ديميتري راغوزين بسخرية على الاجراءات الغربية، وكتب على حسابه على تويتر حول حوض بناء السفن (او اس كي) "ان عقوبات (الرئيس الامريكي باراك) اوباما ضد او اس كي ما هي الا دليل على ان الاحواض البحرية العسكرية الروسية تشكل مشكلة لاعداء روسيا". ولم يقتصر التقليل من اهمية العقوبات على المسؤولين، وانما عمد الاعلام الروسي ايضا الى الاستراتيجية ذاتها، بل ذهب اكثر منذ ذلك ليشير الى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يستفيد منها على صعيد السياسة الداخلية. وتوقعت المجلة الاقتصادية "فيدوموستي" ان "تفشل العقوبات او ان يكون تاثيرها على المدى الطويل"، واشارت الى ان "العقوبات الامريكية ضد كوبا في 1960 (...) لم تضعف نظام كاسترو". ومن جهتها اكدت صحيفة ايزفستيا اليومية ان "العقوبات لن تؤدي سوى الى تضامن الشعب الروسي مع السلطات اذ سينظر اليها كمحاولة امريكية للفوز على روسيا". وفرضت واشنطن عقوبات جديدة على قطاعات رئيسية في الاقتصاد الروسي: الطاقة والتسلح والمالية، اما الاتحاد الاوروبي فاعلن عن اجراءات تمنع المؤسسات والمصارف الروسية عن الاسواق المالية الاوروبية كما تمنع بيع الاسلحة والتقنيات الحساسة في قطاع الطاقة. وقرر الاوروبيون ايضا تجميد ارصدة ثمانية اشخاص من بينهم اربعة رجال اعمال روس مقربين من بوتين متهمين بالاستفادة من ضم شبه جزيرة القرم او بانهم دعموا بشكل ناشط زعزعة الاستقرار في شرق اوكرانيا. وميدانيا واصلت القوات الاوكرانية تقدمها في الشرق الانفصالي واعلنت استعادة السيطرة على مدينة افدييفكا على بعد عشرات الكيلومترات من دونيتسك، معقل الانفصاليين. وتحدث الجيش الاوكراني عن اطلاق نار من الاراضي الروسية بالقرب من حاجز دوفجانسكي الحدودي. الى ذلك اسفرت معارك في غورليفكا، القريبة ايضا من دونيتسك، عن مقتل خمسة اشخاص خلال الساعات ال24 الاخيرة، وفق ما قال مصدر في البلدية لوكالة انترفاكس. ويحاول الجيش الاوكراني عزل الانفصاليين والذين يمتد تواجدهم بشكل اساسي بين مدينتي دونيتسك ولوغانسك بالقرب من الحدود الروسية. وقال متحدث باسم رئاسة الاركان الاوكرانية اندري ليسنكو للصحافيين ان "في حال تم قطع الامدادات الغذائية عنهم، وهذا ما سيحصل قريبا، فانهم سيتخلون عن اسلحتهم ويرحلون". ولليوم الرابع على التوالي لم يتمكن خبراء في الشرطة الاسترالية والهولندية من التوجه جراء المعارك الى موقع تحطم الطائرة الماليزية كما اعلن مسؤول هولندي. وتبنى الاتحاد الاوروبي موقفا حازما حيال موسكو منذ تحطم الطائرة الماليزية في شرق اوكرانيا في منتصف تموز/يوليو والتي يرجح انها اسقطت بصاروخ اطلقه الانفصاليون الموالون لروسيا. وهذه المأساة التي اودت ب298 شخصا بينهم نحو مئتي هولندي دفعت الاوروبيين لضرب الاقتصاد الروسي والانتقال الى "المرحلة الثالثة" من عقوباتهم.