افتتح رئيس الحكومة السيّد مهدي جمعة بقمّرت أشغال المنتدى السنوى للتونسيين بالخارج تحت شعار: «الهجرة والمواطنة» منوّها في مستهلّ كلمته بالمجهودات المبذولة من قبل أفراد الجالية التونسيّة بالخارج من أجل إعلاء شأن تونس في بلدان الإقامة وبمساهمتهم في عمليّة التنمية الشّاملة خاصّة في هذا الظرف الصّعب معتبرا أن اختيار «المواطنة في علاقتها بالتونسيين بالخارج» محورا للمنتدى يكتسي أهميّة بالغة سيما بالنظر إلى مقتضيات الظّرف الإنتقالي الدقيق الذي تمرّ بها البلاد مؤكدا أن الوضع يحتاج من جميع التونسيين،في الدّاخل والخارج،مزيدا من التّضامن والتّآزر. وأوضح رئيس الحكومة أنّ هذا المنتدى ينتظم في ظلّ تحقيق إنجازات هامة على الصعيد السياسي والمتمثلة بالخصوص في إصدار دستور جديد للجمهورية واستكمال مقتضيات الفترة الانتقالية بإصدار القانون الإنتخابي والشروع في تنظيم الإنتخابات التشريعية والرئاسية مؤكّدا العزم على مجابهة كل الصّعاب من أجل رفع التحديات الاقتصادية والأمنية وإنجاح المسار الإنتخابي والوصول ببلادنا إلى بر الأمان والسّلام. ولاحظ السيّد مهدي جمعة أنّه بعد المصادقة على قانون المالية التكميلي، فإنّنا نكون قد أسسنا لعلاقة جديدة بين المواطن ومؤسسات الدولة ترتكز على الواجب الجبائي والتصدي للتهريب ومكافحة الإرهاب مشيرا الى أن هدف التمشي الذي تم انتهاجه هو الحد من التهرب الضريبي والسعي إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الجبائية وتوفير أفضل الظروف لحماية مؤسّساتنا الإقتصادية ودعم المقدرة الشرائية للمواطن في إطار محيط آمن يحمي الأفراد ويحفظ مؤسسات الدولة مضيفا بأنّ تحقيق هذه الأهداف يتطلب من الجميع المساهمة كلا حسب إمكانياته في معاضدة جهود الدولة ودعم مواردها. وثمّن رئيس الحكومة المساهمات السخيّة التي قدّمها أفراد جاليتنا بالخارج في إطار عمليّة «الإكتتاب الوطني» خاصّة لما لذلك من تأثير إيجابي في إنجاح برنامج الإنتعاش الإقتصادي الوطني،مؤكّدا أن من مقوّمات المواطنة تعزيز الديمقراطية وتفعيل مبدأ مشاركة كل القوى الحيّة وفي طليعتها التونسيين بالخارج في الشأن العام والمساهمة في نحت معالم تونس الغد. وكشف السيّد مهدي جمعة الخطوط العريضة للمقاربة الشّاملة التي توخّتها تونس للإحاطة بكافة شرائح الجالية التونسية بالخارج وذلك بتعزيز مكانتها ودورها وتمثيليّتها في المجتمع لافتا النظر إلى أنّه تمّ في هذا الصدد إحداث المرصد الوطني للهجرة في أفريل 2014 وأنه أوكلت له مهام رصد واقع الهجرة وجمع المعلومات المتعلقة به وطنيا ودوليا لاستغلالها في رسم سياسات الهجرة واستشراف الآفاق المستقبلية لها. وكشف رئيس الحكومة أن العمل يجري بنسق حثيث لإصدار النص القانوني لإحداث المجلس الوطني للتونسيين بالخارج بعد إتمام الاستشارة الموسّعة التي تمّ الإذن بإطلاقها موضّحا أنّ هذا المجلس سيكون بمثابة الآلية الدائمة لإرساء سياسة تشاركية بين هياكل الدولة ومكونات المجتمع المدني وممثلي التونسيين بالخارج في رسم السياسات المستقبلية للهجرة. وأضاف السيّد مهدي جمعة أنّه حرصا على مزيد إضفاء النجاعة المطلوبة على الهياكل المكلفة بالتصرف في قضايا الهجرة وتحسين جودة الخدمات المسداة لجاليتنا بالخارج، تم ّالشروع في إعادة هيكلة ديوان التونسيين بالخارج على المستوى المركزي والجهوي ودعم سلك الملحقين الإجتماعيين لدى بعثاتنا الدبلوماسية بالخارج. ولم يغفل رئيس الحكومة عن الخطر الدّاهم جرّاء تفاقم ظاهرة الإرهاب مؤكّدا أنّ مكافحته هي أولى أولويّات الحكومة التي قال إنّها لن تدخر جهدا في التصدي لهذه الآفة الغريبة عن مجتمعنا ملاحظا أنّه أصبح اليوم واضحا للعيان أن الإرهاب يستهدف تجربة الإنتقال الديمقراطي في تونس ويرمي إلى زعزعة الدولة وتقويضها وضرب مدنيتها وتغيير نمط حياة مجتمعنا مضيفا بالقول: «نحن واثقون أنه ليس للإرهاب مكان في تونس وأن الإنتصار عليه مسألة وقت فقط، وتونسالقيروان والزيتونة كمنارتين للإسلام المتسامح والمعتدل ترفض التطرف والغلو والإرهاب». وجدّد السيّد مهدي جمعة ترحّمه على أرواح شهدائنا البواسل من رجالات الأمن والجيش،وحيّا ثبات قواتنا وعزمها الرّاسخ على محاربة الإرهاب وإفشال مخططاته مسجّلا بكلّ ارتياح واعتزاز وحدة الموقف الوطني وانخراط كل القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني ضد هذه الآفة،قائلا: «إنّي على يقين أنكم لن تدخروا جهدا في مساندة الدولة في الحرب على الإرهاب ودعم موارد الصندوق الذي أحدثه قانون المالية التكميلي لمكافحته». وتوجّه رئيس الحكومة بالمناسبة إلى كافّة أفراد الجالية التونسية بالخارج باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الوطن بنداء حتى يبادروا بالتسجيل في القائمات الإنتخابية لإنجاح الإنتقال الديمقراطي الذي تمثل فيه محطة الإنتخابات أفضل رد على دعاة العنف والفوضى والترهيب مجدّدا دعوة كلّ التونسيين والتونسيات سواء داخل البلاد أو خارجها إلى مزيد البذل والعطاء والتفاني ونبذ العنف والتفرقة والوقوف صفاّ واحدا وراء قواتنا المسلحة وقوات أمننا الداخلي لدعمها في مواجهة الإرهاب بما يضمن لتونس الأمن والإستقرار والازدهار الإقتصادي والرفاه الإجتماعي وإنجاح الإستحقاقات الإنتخابية القادمة. وفي الختام، أعرب رئيس الحكومة عن أمله في أن يخرج المؤتمرون بتوصيات عملية من شأنها تحسين أوضاع جاليتنا بالخارج وخاصة تيسير مساهمتها في النهوض بإقتصادنا الوطني وحثّها على مزيد الإستثمار في تونس.