مونريال كندا محمد ميلاد كان أول أمس الجمعة موعد انطلاق الانتخابات البرلمانية، وكما كان متوقعا كان اقبال التونسيين على مكاتب الاقتراع بالخارج منقطع النظير حيث تحول التونسيون في مختلف دول الهجرة من استراليا الى كندا مرورا بالخليج العربي ودول اوروبا منذ الساعات الاولى للقيام بحقهم الانتخابي والمساهمة في انجاح عملية الانتقال الديمقراطي السلمي. «التونسية» واكبت العملية الانتخابية من مقر القنصلية التونسية بمدينة مونريال التي تعد أحد أهم معاقل الجالية التونسية بالخارج ويقدر عدد الناخبين فيها بأكثر من 10 آلاف ناخب. وتتبع كندا دائرة الأمريكيتين وبقية أوروبا وتعد هذه الدائرة مقعدين تقدّمت لهما 14 قائمة منها 13 حزبية وواحدة مستقلة. و تجدر الاشارة إلى أن عددا هاما من الناخبين لم يجدوا أسماءهم في قائمات التسجيل حيث ذهب في ظن الكثير منهم أنهم مسجلون آليا منذ الانتخابات الفارطة أي انتخابات 2011. كان الحضور التونسي أمام القنصلية محترما رغم أنّ يوم الجمعة هو يوم عمل ودراسة لكن هذا لم يمنع عددا من التونسيين من القدوم مبكرا للانتخاب. وقد التقت «التونسية» عددا منهم حيث قال السيد جميل القمودي وهو اصيل مدينة سيدي بوزيد ويدرس بالجامعات الكندية انه قدم باكرا تجنّبا للازدحام وطول الانتظار موضحا في ذات السياق أن المقر ضيق لكن ذلك لم يمنعه من القدوم للاداء بواجبه الانتخابي، ودعا القمودي التونسيين الى اعمال العقل اكثر من العاطفة الحزبية وذلك لانتخاب أناس أكفاء قادرين على النهوض بتونس خاصة في مجال الاقتصاد والتعليم. وشاطره في هذا الرأي الشاب زياد السلاوتي أصيل جربة الذي دعا الطبقة السياسية في تونس إلى الابتعاد عن المهاترات السياسية التي لن تتقدّم بالبلاد بل بالعكس ستزيد من حدة التجاذب. وقال زياد إن هناك حزبين من المرجح أن يستحوذا على البرلمان مع امكانية وجود مفاجأة. وختم قوله إنّ الثورة الحقيقية هي ثورة أخلاق ومبادئ وعمل. من جهته عبر الطالب وائل السبوعي عن أمله في فوز التيارات الحداثية في هذه الانتخابات داعيا إلى ضرورة انتخاب أناس أكفاء قادرين على الخروج بتونس من المآزق التي وقعت فيها خاصة على المستوى الاقتصادي. الشابة خلود سندة البناني طالبة دكتورا في علوم التصرف أعربت عن اعجابها بالتنظيم وبوجود مراقبين وتسهيل عملية الانتخاب وعبّرت عن أملها في أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة وطالبت الفائزين في الانتخابات بتطبيق برامجهم والوفاء بوعودهم للتونسيين. وأمام مقر القنصلية التقت «التونسية» السيدة ايمان الدرويش وهي ناشطة طلابية يسارية تم سجنها في عهد نظام بن علي على خلفية محاكمة السيد حمة الهمامي. وقد أعربت السيدة ايمان على اعجابها بالتونسيين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر للقيام بواجبهم الانتخابي مؤكدة أن عهد الانتخابات المزوّرة انتهى وأن التوانسة على حد قولها فهموا المواطنة. من جهة أخرى اكدت الناشطة اليسارية السابقة أنها لم تعاين إخلالات في العملية الانتخابية مؤكدة أن هذه الخطوة على غاية من الاهمية في تاريخ تونس. وأوضحت ان البرلمان سيكون ذا تركيبة توافقية موضحة في ذات السياق أن المطلوب اليوم هو العمل على اصلاح المنظومة الاقتصادية وتحقيق مطالب الثورة في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. كما التقت «التونسية» السيد علي المرزوقي وهو فنان تشكيلي مقيم بكندا الذي أوضح أنه قدم لينتخب «لكي يحاكم ويحاسب وينصف الشهداء الذين مكنوا التونسيين من أن يمارسوا هذه الحرية بعيدا عن تزوير هذه الحرية التي يبدو طعمها حلو رغم المرارة» على حد قوله. ورغم شعوره بالخيبة فإن السيد علي المرزوقي له أمل كبير في التحول الديمقراطي في تونس داعيا الى تحرير المفردات و«الالوان والارقام من ذكرى أليمة ذكرى اللون البنفسجي ورقم 7 وشهر نوفمبر. وقال الفنان التشكيلي إن زمن الغبن والقهر والخوف ولّى وانقضى مؤكدا أنه من حق التونسيين الحلم بالربيع. و عن تركيبة البرلمان القادم أوضح المرزوقي أن لديه ثقة كبيرة في ذكاء التونسيين وفي المعجزة التونسية وأن الانتخابات خطوة حقيقية للبناء الديمقراطي الحقيقي وأنه لن يكون هناك فائز على حد قوله بل ستكون تونس هي الفائزة داعيا الى عدم شيطنة الخصم موضحا أن المقاومة لن تكون إلا سلمية. و أعرب المرزوقي عن استيائه من وجود قائمات تجمعية في هذه الانتخابات ورموز لنظام بن علي معربا عن أمله في أن يتدارك هؤلاء أخطاءهم مؤكدا أن الشعب التونسي لن يقبل مستقبلا بأي دكتاتور على اعتبار أن الثورة كسرت حاجز الخوف داعيا التونسيين الى الانخراط في المجتمع المدني لبناء دولة حقيقية قوامها المواطنة. و دعا المرزوقي أعضاء البرلمان القادم إلى ضرورة مراجعة العقود المتعلقة بالثروات الوطنية وفتح كل ملفات الفساد والرشوة. وختم المرزوقي قوله إنّ تونس بهذه الانتخابات وهي تحت مجهر كل الدول قادرة على صنع نموذج خاص بها يقتاد به العالم وهي فرصة لبناء ملحمة تاريخية حقيقية.