«التونسية» (تونس) في الوقت الذي تستمر فيه المعارك على أشدّها في مدينة بنغازي شرق ليبيا بين مقاتلين من «أنصار الشريعة» من جهة وقوات من الجيش الليبي ومسلحين موالين للحكومة من جهة أخرى , وسط أنباء عن استعادة الجيش السيطرة على أهم المواقع, نشر نشطاء ليبيون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وعلى موقع «يوتيوب» الشهير, مقاطع فيديوهات وصور, عن «جرائم الميليشيات المسلحة وجرائم أنصار الشريعة» في بنغازي, ومنها أشرطة فيديو تعود الى فترات سابقة تلت سقوط نظام معمر القذافي, يظهر فيها مقاتلون من «أنصار الشريعة « يعدمون مواطنا مكبلا بالأغلال جاثيا على ركبتيه بسلاح ثقيل مثبت على شاحنة رباعية الدفع. وفي مقاطع أخرى يظهر مسلحون وهم يجلدون مواطنا في الشارع. كما ظهرت في أشرطة الفيديوهات جثثا مشوهة ومقطوعة الرؤوس في مناطق متفرقة – قال النشطاء الليبيون – انها لمواطنين أعدموا في بنغازي امّا بسبب الانتماء أو لمعارضتهم سياسة تنظيم «انصار الشريعة» وبقية التنظيمات والمليشيات المسلحة المتفرعة عنه. و الأمر لا يتوقف عند «أنصار الشريعة» وحده, فثمة ميليشيات كانت لها «شريعتها» الخاصة, حيث جاء في شهادة بثتها قناة «البوابة نيوز» للناشطة الليبية في مجال حقوق الانسان وعد ابراهيم, أن الميليشيات أقامت سجونا خاصة بها وان المعتقلين فيها تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب حيث يسلخ الرجال وتغتصب النساء بشتى أنواع الالات المعدنية. وقالت وعد ابراهيم ان افراد هذه المليشيات «مجموعة متوحشة كأنها قادمة من كوكب آخر ,و انهم من اكلة لحوم البشر , يقطّعون الرؤوس ويكبّرون ويعبثون بها ويلتقطون صورا معها», متسائلة أي نوع من البشر هم , وقالت حتى في عهد قريش وعتاة الكفر لم تحدث مثل هذه الجرائم. وتُتهم ميليشيات وجماعات متشدّدة منها «أنصار الشريعة» و«مجلس شورى ثوار بنغازي» و«مجلس شورى شباب الاسلام» (مقرّه مدينة درنة ) وكتيبة «البتار» – التي بايعت أمير تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)- بتورطها في الخطف والتعذيب وفي عدد من الهجمات وعمليات الاغتيال في ليبيا طالت عددا من ضباط الجيش وحقوقيين واعلاميين وبعض نشطاء المجتمع المدني. اعدامات .. اختطافات .. واغتيالات و تشير تقارير ليبية الى أن تنظيم «انصار الشريعة» والجماعات المتشدّدة التي تتبنى فكره ونهجه عمدت منذ ظهورها على الساحة الليبية خاصة في بنغازي - التي تعدّ معقل الاسلاميين - الى عمليات خطف واغتيال واعدامات ميدانية لترهيب الناس, اضافة الى تصفيات جسدية اعتمادا على الهوية والانتماء. و كانت مصادر ليبية ومصرية قد اتهمت في موفى شهر فيفري الماضي اسلاميين متشدّدين بإعدام عمال من أقباط مصر يعملون في مجال البناء ببنغازي , مشيرة الى أن قتل هؤلاء كان لأسباب دينية, وانها جريمة مرّت دون عقاب بالنظر الى عدم وجود سلطة قوية في ليبيا لمحاسبة المجرمين. و قبل هذه الجريمة تعرض عشرات المصريين الأقباط للاحتجاز والتعذيب بتهمة «التبشير», كما تردّدت تقارير أخرى عن تعرض عرب وأجانب للخطف والتعذيب. ليبيا، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، فمع اشتداد الصراع داخلها بين جماعات متناحرة وقبائل متقاتلة، ... ارتفعت وتيرة عمليات الخطف والاختفاء وآخرها اختفاء الصحفي والمدون التونسي سفيان الشورابي وزميله المصور نذير الكتاري في ظروف غامضة وقبلهما خطف الديبلوماسيين العروسي القنطاسي المستشار بالسفارة التونسية بطرابلس ومحمد بن الشيخ الموظف بالسفارة , واللذين افرج عنهما بعد مدة من الاحتجاز , وبعد هذه الحادثة أيضا تم اختطاف السفير الأردني بليبيا فواز العيطان الذي أفرج عنه لاحقا. بداية عام 2014 لم تكن بدورها مبشّرة بالنسبة للبعثات الديبلوماسية في ليبيا وكان أعضاء السفارة المصرية على موعد مع نفس السيناريو الكئيب في جانفي الماضي إذ خطف مسلحون خمسة من أفراد البعثة الديبلوماسية المصرية من منازلهم في العاصمة الليبية وكان من بينهم الملحق الثقافي بعد أن قالت جماعة غرفة عمليات ثوار ليبيا وهي ميليشيا إسلامية قوية إن قائدها شعبان هدية اعتقل في مصر.وقال وقتها فائز جبريل السفير الليبي بالقاهرة إن مصر أفرجت عن قائد الميليشيا الليبية بعد إطلاق سراح الديبلوماسيين المصريين . ذبح واعدامات بسلاح ثقيل و تعرض عديد المواطنين الليبيين أيضا للخطف – وفق شهادات نشرت على موقع يوتيوب , ووجه مواطنون ليبيون أصابع الاتهام الى الجماعات الاسلامية المتشدّدة , مشيرين الى أن بشاعة الجرائم التي أرتكبت في بنغازي لا توصف خاصة منها تلك المتعلقة بقطع الرؤوس والقائها في براميل , أو تفجير رأس شخص وقع في قبضة جماعة متشدّدة بوابل من الرصاص من سلاح ثقيل (مضادات أرضية) محمول على شاحنة رباعية الدفع, وهو مشهد الاعدام الذي تداولته صفحات التواصل الاجتماعي والذي يذكّر بطريقة اعدام زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ اون وأحد وزرائه بقذيفة صاروخية . وتقول النشرية الالكترونية «بوابة الوسط» الليبية :«الارهاب وخاصة ظاهرة قطع رؤوس البشر التي ظهرت أواخر العام الماضي في مدينة بنغازي، سابقة غير معهودة في مسار تصعيد العنف عبر سلسلة من عمليات الاغتيال المنظّمة طالت عناصر المؤسستين الأمنية والعسكرية، ولم تستثن الضباط المتقاعدين من ذوي الخبرات، والمتحصّلين على دورات خارجية ولديهم خبرة بارزة في المجال العسكري». و تحت عنوان «إرهاب قطع الرؤوس ظاهرة داعشية في ليبيا», كتبت النشرية الالكترونية الليبية تقريرا تعرّضت فيه الى هذه الظاهرة مشيرة الى العثور على جثث مقطوعة الرؤوس منها جثّة المواطن عطية النايلي (65 عاما)، والد رئيس عرفاء وحدة بكتيبة الصاعقة 21، سالم النايلي الملقّب ب«عفاريت»، حيث وجد رأسه على مقربة من بيت العائلة بمنطقة الوحيشي. وفي درنة، التي تسيطر على بعض أجزائها عديد الجماعات الإسلامية المتشدِّدة، عثر مواطنون على رأس فُصل عن جسد مواطن، موضوع داخل كيس بلاستيك أسود اللون وضع أمام مسجد الصحابة. وأكّد مصدر رفيع المستوى حينها أنّ الرأس تعود إلى الطالب عبد المعز عبد الرازق التركاوي الطالب بكلية التربية، وأضاف المصدر أن سيارة التركاوي سرقت بمدخل درنة الغربي، الذي يسيطر عليه مسلّحون يطلقون على أنفسهم اسم «مجلس شباب الجيش الإسلامي بدرنة». و في بنغازي اغتال مسلحون المحامية والناشطة الليبية، سلوى بوقعيقيص في منزلها برصاصات اطلقت على رأسها , كما تم اغتيال عدد من الاعلاميين منهم عز الدين قوصاد الصحفي بقناة ليبيا الحرّة والمعتصم الورفلي، المذيع براديو «ليبيا الوطن» الى جانب الصحفي مفتاح بوزيد رئيس تحرير صحيفة «برنيق» والاعلامي رضوان العرباني, بينما نجا آخرون من محاولات اغتيال. اقامة الحدّ بقطع الرأس و أشارت تقارير ليبية أيضا الى أن قطع الرؤوس بات حكما نافذا على كل من يخالف هذه الجماعة أو تلك , مضيفة الى أن مصدرا مقربا من تنظيم «أنصار الشريعة « أكد أن محمد الزهاوي قائد تنظيم «أنصار الشريعة» ربما يكون أعدم من قبل كتيبة «البتار» الجهادية التي تتخذ من مدينة درنة شرق ليبيا مقرا لها، والتي بايعت تنظيم «الدولة الاسلامية» («داعش» ) بعد أن رفض مبايعة أمير «داعش» أبو بكر البغدادي. وروى المصدر، استنادا إلى معلومات مستقاة من أحد قياديي التنظيم، أن مبعوثين من قيادة كتيبة «البتار» اجتمعوا بالزهاوي في مزرعة بمنطقة القوارشة التي كان يسيطر عليها تنظيم «أنصار الشريعة» وطلبوا منه مبايعة البغدادي، إلا أن الزهاوي رفض فقرّرت الكتيبة الجهادية تطبيق الحد عليه ، وقامت على الفور باعتقاله وقطع رأسه, وفق المصدر ذاته. و قبل ذلك كانت تقارير ليبية قد أكدت أيضا أنه عثر على جثة جندي مقطوع الرأس , لتصبح هذه الظاهرة استنساخا لأساليب «داعش» الاجرامية . فتاوى المفتي الغرياني الشيخ الصادق الغرياني مفتي الديار الليبية أصبح هو أيضا طرفا في الأزمة الليبية بأن انحاز للجماعات الاسلامية المتشدّدة ومنها «أنصار الشريعة» , وأفتى بوجوب مقاتلة الجيش الليبي وقوات الشرطة وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعومة من الجيش والتي تقود «عملية الكرامة» وهي عملية عسكرية تستهدف استئصال الجماعات المتطرفة من ليبيا. وقد أقرّ الغرياني بدعم الجماعات الاسلامية لكنه نفى أن يكون أفتى بمقاتلة الجيش والشرطة , موضحا أنه أفتى بقتال قوات حفتر بوصفها قوات باغية خارجة على القانون وعلى الشرعية. وقد سبق للغرياني أن اصدر أكثر من فتوى في هذا الشأن مما دفع الحكومة الليبية الى وصف فتاويه بأنها تحريض على الاقتتال ونشر للفتنة.