*التونسية- أبو ظبي- محمد بوغلاب في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة عرض مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته الثامنة فيلم المخرج الموريتاني عبد الرحمان سيساكو "تومبكتو" الذي حظي بالإختيار في المسابقة الرسمية لمهرجان "كان" 2014 وترك أصداء إيجابية في الصحافة الدولية المختصة في الفن السابع ، وينتظر أن يعرض "تمبكتو" في أيام قرطاج السينمائية بعد أسابيع قليلة بحضور مخرجه، وجدير بالذكر أن "تمبكتو" يحمل أكثر من بصمة تونسية فقد عول المخرج على سفيان الفاني مديرا للتصوير وعلى الشاب أمين بوحافة في الموسيقى والصوت . صحيح أن الفيلم جاء في ظرفية سياسية مواتية ساعدت على حسن تلقيه ولكن ذلك لا يعني أن"تمبكتو" بإعتباره أثرا فنيا ليس جديرا بالتنويه والإشادة. يبدأ الفيلم بمشهد غزال تشق الصحراء بسرعة، صوت طلقات رصاص متتالية ، ثم صورة علم العقاب (يحمل عبارات الله رسول محمد) كناية عن تنظيم انصار الدين الذي سيطر على شمال مالي بعد الإنقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس في شهر مارس 2012 أنجز عبد الرحمان سيساكو فيلمه بعد أن تصدرت أخبار المتطرفين في شمال مالي المتحالفين مع تنظيم القاعدة عناوين الدوريات العالمية ونشرات الأخبار بعد أن هدموا ضريحين جديدين في مسجد جينجاريب بمدينة تمبكتو، وسط تحذير الأممالمتحدة من أن هذا العمل يجرد شعب مالي من هويته وكرامته، ورد على هذا التصريح عضو باللجنة الإعلامية لجماعة “أنصار الدين” المتطرفة، إسمه "أحمد" يحمل الجنسية التونسية؟ قال" ليس هناك ما يسمى بالتراث العالمي" وطالب بالابتعاد عن شؤون المسلمين وقال شهود عيان إن جماعة “أنصار الدين” هدموا ضريحين “بالكامل” في جامع تمبكتو الكبير بالمجارف والمعاول. وهذا المسجد واحد من أكبر 3 مساجد في تمبكتو أدرجتها منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي المهدد. و كان مقاتلو حركة أنصار الدين قاموا بهدم 7 أضرحة لأولياء من أصل 16 في تمبكتو، ما أثار استنكارا دوليا ، وأورد شاهد عيان انه شاهد “أناسا يبكون” وأضاف “لن يسامحهم الله”. ” وتضم تمبكتو عشرات آلاف المخطوطات التي يعود بعضها إلى القرن الثاني عشر، ويطلق عليها اسم مدينة ال”333 وليا”. وعبد الرحمان سيساكو ليس غريبا عن مالي ففيها قضى طفولته ومراهقته قبل أن يسافر إلى موسكو لدراسة السينما في معهدها، حيث قضى عشر سنوات عاد بعدها للعيش في باريس. بحرفية عالية ودون التورط في شعارات سياسية أو في خطاب الوعظ والإرشاد، أدان سيساكو فيلسوف السينما الإفريقية تطرف حركة أنصار الدين الذين حرّموا كل شيء، التدخين وإن دخن واحد منهم خلسة والغناء والموسيقى وكرة القدم وإن تحدثوا في ما بينهم عن برشلونة والنجم الأرجنتيني ميسي أطلق المتطرفون النار صوب كل شيء، البشر والحجر ، منعوا الأهالي من التحدث بلغتهم المحلية فإما العربية لغة القرآن أو الإنجليزية، إستباحوا حرمة بيوت الله فدخلوها مدججين بأسلحتهم ، رجموا نساء ورجالا لمجرد الاشتباه وأقاموا أحكامهم بشريعتهم الخاصة وهم يظنون أنها شرع الله يتخلل الفيلم مشهد لعب الشبان مباراة في كرة القدم دون كرة، تأتي دورية الشرطة الإسلامية فلا تقوى على شيء، إنهم يلعبون ولكن دون كرة، يقترفون جريمة ولكن لا أثر لأداة الجريمة لخص ذلك المشهد عبثية احكام المتطرفين وإنقطاعهم عن الحياة وعن الدين الإسلامي وكشف عن "عبقرية" عبد الرحمان سيساكو الذي لفت الإنتباه إليه منذ فيلم تخرّجه القصير "اللعبة" (1991)، ثم فيلم "أكتوبر" (1993) القصير أيضاً، وذلك قبل أن يُخرج "الحياة فوق الأرض" (1998) الذي لعب فيه دور البطولة الرئيسية، ثم فيلمه الطويل الأول "هيرماكونو" أو "في انتظار السعادة" (2002).بعد هذا الفيلم، أخرج سيساكو فيلم" باماكو" (2006) وإنقطع قليلا عن السينما مشتغلا بالسياسة بعمله مستشارا ثقافيا للرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز ... ينتهي الفيلم بمشهد البداية نفسه، غزال تعدو في صحراء ممتدة الأطراف وفتاة تبكي والدها وأمها بعد أن سقطا برصاص من يرفعون شعار "لا إلاه إلا الله محمد رسول الله "...