التونسية (تونس) قال الباحث والمحلّل السياسي سامي براهم إنّ التحالفات القادمة ستشكّل تحديا حقيقيا أمام الأحزاب ،معتبرا ان حملة حزب «نداء تونس» قامت على انه المنقذ الوحيد من مدّ الإسلام السياسي وعلى مفهوم التصويت النافع بمعنى أنه ان كان المرء مختلفا مع «النهضة» فإن «النداء» هو الحزب الوحيد القادر على قلب المعطيات فإذا انتخب «النداء» فإنه سيخلص تونس من «النهضة»، مؤكدا انه تم إعداد حزب «نداء تونس» وقواعده على أساس هذا التوجه وبالتالي فإن تحالف «نداء تونس» مع «النهضة» سيؤدي الى ادخال بلبلة داخل الحزب وربما انفجاره من الداخل،مؤكدا ان شيطنة الإسلام السياسي تمّت دون ترك اي مجال للتفكير بأن الظروف قد تدفع هذا الحزب إلى أن تجلس ذات يوم مع الخصوم، معتبرا انه في السياسة لا وجود لصداقات مطلقة ولا وجود لعداوات مطلقة خاصة ان المصلحة الوطنية تقتضي التوافق. وقال انه في المقابل هناك قناعة لدى جزء كبيرا من «النهضة» وقواعدها الحزبية بأن «نداء تونس» هو إعادة رسكلة وأن القاعدة الحزبية ل «النهضة» لم تقتنع بأن هذا الحزب هو حزب جديد ضامن للديمقراطية وبالتالي فإن الشراكة مع «نداء تونس» ستؤدي إلى حدوث إرباك داخل قواعد «النهضة»، وأنه وخلافا لنداء تونس فإن النهضة وقبل الإنتخابات أعدت قواعدها لشراكة ولإمكانية حدوث توافق في محاولة منها لتهيئتها لقبول مثل هذا الأمر وبالتالي فإن تحالف «النهضة» مع «النداء» قد يؤثر على مصداقية الحركة مشيرا الى أن الأضرار لن تكون كبيرة كالتي ستحصل لنداء تونس. واعتبر سامي براهم ان تحالف «النداء» مع «النهضة» قد يعطي لنداء تونس فرصة لتبرير ما يروجه البعض من انه نتاج المنظومة القديمة ،وأكّد ان الفرضية الثانية التي تقوم على عدم تحالف «النهضة» مع «النداء» هو في الحقيقة تحرير للنهضة من أعباء الحكم وأنها لن تخرج من الحكم نهائيا وأنها جزء منه وانها حتى ان لم تكن في السلطة التنفيذية فإنها متواجدة في السلطة التشريعية. وأشار براهم إلى أن المعادلة تغيرت اليوم كثيرا ، وحدث ما لم يكن متوّقعا إذ فاز «نداء تونس»، وقال ان «النداء» يعرف انّ الاستفراد بالحكم لا يفيد وأننا اليوم نحتاج الى شراكة بين الحزب الفائز بالأغلبية وبقية الأحزاب ولو بشكل رمزي، مؤكدا ان تونس تمرّ بوضع خطير وأنه لا يجب العبث بالمصلحة الوطنية ،ملاحظا انه وبعد مدة ستظهر المشاكل الاقتصادية الحقيقية وأنه إذا لم ننتبه إلى أن الأوضاع خطيرة فإن ذلك سيؤدي إلى الإنهيار التام للإقتصاد وإلى مزيد إرتهان تونس، وبالتالي هناك عدة تحديات في انتظار الحكومة القادمة وأن ذلك يدعوها الى الإنتباه. واعتبر براهم ان التونسيين الذين انتخبوا «النداء» فقدوا الثقة في الحكومة السابقة وانه مع ذلك هناك عدة ملفات ستواجهها الحكومة الجديدة من حيث الأمن والمقدرة الشرائية . وقال انه بعد الإنتخابات فإن الإعتبارات الإيديولوجية ستتبدد وسيحين وقت الجدّ وسيواجه الحزب الفائز الإمتحان الحقيقي وهو تحقيق الأمن الشامل والإستقرار والتصدي للإرهاب وتحقيق العدالة الجبائية... وقال «هي تحديات لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يحققها اي حزب بمفرده لأن الوضع دقيق وفيه الكثير من الخطورة». وشدّد براهم على انه رغم ذلك فإن «نداء تونس» لا يمكن ان يغامر بحكومة متحالفة مع النهضة لأن ذلك سيؤدي إلى انفجاره. واعتبر ان «النهضة» سبق لها أن صرّحت انها لن تكون في صف المعارضة في حين ان «الجبهة الشعبية» وكحزب ثوري تنفست الصعداء بصدور النتائج الحالية وانه مع ذلك لا وجود لأي ضامن لها بأن تكون في صف السلطة. وقال ان الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية «نداء تونس» اذا رفض التحالف مع «النهضة» فإنه سيربح كطرف تمكن من القضاء ولو جزئيا على خطر الإسلام السياسي مؤكدا ان «نداء تونس» سيحكم وفق دستور جديد وتقاليد دستورية وبالتالي لا يمكن له ان يستأثر بالحكم بمفرده، وأنه حتى وان كان حزب الاغلبية فإنه محاصر ومحكوم بدستور وبمجتمع مدني ومناخ جديد وقال انه في تغييبه ل «النهضة» سيخسر شريكا يتقاسم معه أعباء هذا التحدي مؤكدا ان هناك تحديات لا يمكن ان يتحمل وزرها حزب بمفرده وأنه لابد له من أطراف سياسية يتقاسم معها التحديات وأضاف أنه لا يمكن التغطية على تحديات المرحلة القادمة مهما كان نوع الخطاب. وأكّد أنه لا يمكن ل «نداء تونس» ان ينجح في ظرف سنة او سنتين، مشيرا إلى ان أغلب المختصين يؤكدون انه لا يمكن تحقيق نجاحات سريعة بقدر ما نحتاج الى تقاسم الأعباء في المرحلة القادمة. وأضاف براهم ان عدم تحالف «النهضة» مع «النداء» سيحررها من تحديات المرحلة القادمة مشيرا الى أنها تحديات لا تقبل التأجيل وأن الحركة قد تتفرغ الى مراجعة نفسها وتنظيم صفوفها وعقد مؤتمراتها.