تأسيس النظام الجبائي التونسي على مبدأ التصريح التلقائي بالأداء قد يشكّل فرصة للمطالب بالضريبة للتهرّب من القيام بواجبه الجبائي و تحّمل واجباته تجاه المجموعة الوطنية لا سيما أن الوعي بأهمية هذا الواجب تجاه الخزينة مازال بعيد المنال، بل إن التهرب منه يعدّ شكلا من أشكال الحرفية. و من هنا تبرز الحاجة إلى إسناد إدارة الجباية آليات و صلاحيّات تمكّنها من مراقبة مدى صحّة التصاريح المقدمة و بالتالي مدى الامتثال لهذا الواجب الدستوري و الذي يقتضي بأن يطبّق على أساس المساواة و الإنصاف. وتقوم اجراءات التوظيف الاجباري على اساس الفصل 47 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية الذي اقتضى انه في حالة عدم التصريح بالاداء المستوجب في الاجل القانوني المحدد من طرف المطالبين بالاداء تتولّى مصالح الجباية التنبيه عليهم لتقديم تصاريحهم الجبائية في اجل اقصاه 30 يوم من تاريخ التنبيه عليهم بالطرق القانونية، ويتم احتسابها حسب الفصول 140 و141 و143 من مجلة الالتزامات والعقود حيث لا يتم احتساب يوم التبليغ ويكون الشهر 30 يوما كاملة، وفي صورة عدم ايداع التصاريح الجبائية في هذا الاجل بعد التنبيه يمكن لمصالح الجباية المختصة ترابيا اصدار قرار معلل في التوظيف الاجباري. كما يتم اصدار قرار التوظيف الاجباري في حالة عدم الاتفاق بين مصالح الجباية والمُطالب بالاداء على نتائج المراجعة الجبائية او على رد مصالح الجباية على اعتراضه على هذه النتائج او في حالة عدم قيام المطالب بالاداء بالردّ كتابيا على اعلامه بنتائج المراجعة الجبائية. وبمجرد اعلامه بقرار التوظيف يحق للمطالب بالاداء الاعتراض عليه طبقا لاجراءات محددة. إجراءات رفع الدعوى يقدّم الاعتراض على قرار التوظيف الاجباري امام المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا (التي توجد بدائرتها المصلحة الجبائية الصادر عنها قرار التوظيف)حسب الفصل 54 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية بواسطة عريضة كتابية ضد مصالح الجباية في أجل 60 يوما من تاريخ تبليغ قرار التوظيف الاجباري. وحسب مقتضيات الفصل 10 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية يقع التبليغ من خلال اعوان الادارة، وخلال هذا الأجل، المطالب بالاداء مجبر على تأمين 20 بالمائة من المبلغ المضمن بقرار التوظيف (20 بالمائة من اصل المبلغ دون اعتبار الخطايا). وترفع الدعوى بعريضة كتابية تشمل محضر استدعاء للجلسة وتبليغ مستندات اعتراض للمركز الجهوي الذي اصدر قرار التوظيف يحررها المطالب بالاداء اذا كان المبلغ دون 25 الف دينار واذا ما تجاوزه يحررها محام. وتعيّن جلسة ويتم استدعاء الادارة في اجل لا يقل عن 30 يوما ويعتبر عدم احترام هذا الاجل من المسقطات للدعوى... ويجب ان تحتوي عريضة الدعوى الجهة التي اصدرت القرار ولا تُرفع ضدّ وزير المالية ويجب استدعاء المركز الجهوي للحضور امام المحكمة المختصة ترابيا، كما يجب تقديم سبب او اسباب الطعن ومناقشة قرار التوظيف شكلا ومضمونا. وتبقى انابة المحامي وجوبية في حالة تجاوز مبلغ التوظيف 25 الف دينار والادارة معفاة من تكليف محام وينوبها اعوانها. اجراءات سير الدعوى نظمت مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية سير الدعوى من الفصول 57 الى 66 وميّزت بين طورين، الطور الصُّلحي والطور الحُكمي. اما عن الطور الصلحي فقد نص الفصل 60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية على ان رئيس المحكمة يحيل القضية الى القاضي المقرر الذي يبذل ما في وسعه لتقريب وجهات النظر بين الادارة والمطالب بالاداء لعرض الصلح على الاطراف وهذه المرحلة وجوبية، ولا يمكن ان تتجاوز المرحلة الصلحية 90 يوما بداية من اول جلسة لكن يمكن لرئيس المحكمة تمديد هذا الاجل لمدة شهر بناء على طلب من قبل القاضي المقرر الذي يسعى لتقريب الآراء وفي صورة نجاح المساعي الصلحية يقع تجسيم ذلك الصلح بتوقيع محضر صلح، ويتمتع القاضي بسلطات في تنظيم القضايا وسيرها. الجديد هو أن الجلسات في الطور الحكمي اصبحت علانية، ويقع تحضير التقارير مع ما يصاحبها من مؤيدات في الدعوى الجبائية حسب مقتضيات مجلة المرافعات المدنية والتجارية. ويختم الطور التحضيري أو الصلحي إمّا بابرام عقد الصلح أو باستنفاذ هذه المرحلة وتبادل التقارير والملاحظات وصرف القضية للمرافعات التي تكون علنية حسب الفصل 63 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية الا اذا رأت المحكمة المتعهدة بالقضية اجراءها سرا بناء على طلب معلّل من المطالب بالاداء او من يوكّله للغرض، ثم يقع اجراء المحاكمة ، فالتصريح بالحكم. ويستفاد من احكام الفصل 52 أن البتّ في الدعاوى المتعلقة بقرارات التوظيف الاجباري للاداء يتم في اجل اقصاه 6 اشهر من تاريخ نشر الدعوى امام المحكمة الابتدائية. سير الدعوى يتم وفق مبدأ المواجهة اي يمكن لكل طرف ابداء ملاحظاته وخاصة أنّ المُطالب بالاداء هو من يتحمّل عبء الاثبات. وقد حددت مجلة الالتزامات والعقود وسائل الاثبات في الفصلين 427 و429 وهي الكتابة والشهادة والاقرار (سيد الادلة) واليمين الحاسمة واليمين الاستفائية الا ان الفصل 64 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية استبعد شهادة الشهود واليمين (الحاسمة والاستفائية) ويمكن للقاضي ان يلتجئ لوسائل اخرى واهمها الاختبار والاذن للادارة باعادة الاحتساب. وينفّذ قرار التوظيف بالرغم من الاعتراض، فالاعتراض لا يوقف التنفيذ، ويمكن للمطالب بالاداء استئناف القرار الصادر ضده. الطعن في قرار المحكمة الابتدائية يمكن للمطالب بالاداء الصادر ضدّه حكم ابتدائي متعلق بالاعتراض على قرارات التوظيف استئناف الحكم وذلك حسب الفصل 67 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية امام محكمة الاستئناف المختصة ترابيا بالنظر في اجل اقصاه 30 يوم من تاريخ الاعلام بالحكم. ويقع الاستئناف بعريضة كتابية يحرّرها المستأنف بنفسه او من يوكله للغرض، إلّا أن الاستئناف لا يوقف تنفيذ الاحكام الابتدائية الصادرة في التوظيف الاجباري ولا يمكن ارجاع مبالغ مستخلصة إلّا بمقتضى احكام نهائية وباتة. كما يمكن للمطالب بالاداء الطعن بالتعقيب في القرار الصادر عن محكمة الاستئناف امام المحكمة الادارية حسب الفصل 67 من قانون المحكمة الادارية لسنة 1972، ويُرفع مطلب التعقيب من قبل أطراف النزاع في اجل 30 يوما من تاريخ الاعلام بالحكم، ويجب ان يحرر مطلب التعقيب ويرفع من طرف محامي لدى التعقيب حسب الفصل 26 من قانون المحكمة الادارية وتحتوي العريضة على اسماء الاطراف والقابهم ومقراتهم وعرض موجز للوقائع وللمطاعن الموجهة للحكم المطعون فيه ويجب ان يكون المطلب معلّلا، كما يتم تقديم المذكرة الاسهابية حيث اقر الفصل 68 من قانون غرة جوان 1972 ان مطلب التعقيب يجب أن يشفع بمذكرة اسهابية تكون محررة من قبل محامي لدى التعقيب في اجل 60 يوما من تاريخ ايداع مطلب التعقيب حيث يتم التوسع فيها في المطاعن وتكون مشفوعة بالمؤيدات ومفصلة لكل مطعن على حدى ولا يمكن الجمع بين مطعنين عكس مطلب التعقيب الذي يجب ان يكون موجزا، وتقديم مطلب التعقيب لا يغني عن تقديم مذكرة التعقيب (الاسهابية) ويقع تبليغ هذه المذكرة عن طريق عدل تنفيذ وليس برسالة مضمونة الوصول مع الاعلام بالبلوغ والا يسقط طعنه شكلا، كما نص الفصل 68 على انه يجب على المعقب خلال اجل 60 يوما من تاريخ تقديم مطلب التعقيب لكتابة المحكمة محضر اعلامه بالحكم او القرار المطعون فيه ان وقع ذلك الاعلام، نسخة من القرار او الحكم المطعون فيه، مذكرة محرّرة من طرف محامي لدى التعقيب (المذكرة الاسهابية) ونسخة من محضر ابلاغ المعقب ضده بنظير تلك المذكرة ومؤيداتها والا سقط طعنه. التعقيب لا يوقف التنفيذ الا انه للرئيس الاول لمحكمة التعقيب بصورة استثنائية وبطلب من الطاعن ان يأذن بتوقيف تنفيذ الحكم او القرار المطعون فيه لأجل يحدده اذا كان التنفيذ من شأنه ان يؤدي الى استحالة الرجوع بالوضعية التي كانت عليها قبل اجراءه او ان يفضي الى نتائج يصعب تداركها حسب ما نص عليه الفصل 71 جديد من قانون المحكمة الادارية.
